عرف المشهد الإعلامي الجزائري مؤخرا تطورا كبيرا من ناحية الكم لاسيما في مجال الإعلام السمعي البصري، بعد منح اعتماد مكاتب فضائيات أجنبية مضمونها الخدمة العمومية، وتزامنا مع تمكين الصحافة في بلادنا من مواكبة التغيرات الحاصلة وتقديم خدمة للجمهور لجأت الدولة إلى دعم هامش حرية الرأي والتعبير من خلال المكسب الكبير الذي قدمته للصحفي من خلال رفع العقوبة السالبة للحرية وتعزيز الحصول على المعلومات في التعديلات الدستورية الأخيرة، ما اعتبر خطوة هامة لقطاع الاتصال. في مقابل هذا يرى عمدي كلية الإعلام بجامعة الجزائر 03، الدكتور أحمد حمدي، أن رفع عقوبة التجريم التي نصت عليها المادة 41 مكرر 2 لا تعني تمادي وسائل الإعلام في القذف أو الشتم أو السب، مشيرا إلى أن الإعلام تحكمه مسؤولية اجتماعية يجب أن يتحلى بها الصحفيون، موضحا أن وسائل الإعلام الجزائرية مطالبة بذلك اليوم أكثر من أي وقت مضى في ظل الانفتاح الإعلامي والتجاذبات الجيوسياسية الحاصلة في المنطقة المحيطة بنا لحماية عقولنا من المضامين الهدامة. وجاءت المادة 41 مكرر 2 في التعديل الدستوري الأخير بعد أشواطا كبيرة قطعتها الجزائر في مجال تعزيز الحريات لتضاف إلى المكاسب التي تدعم حريات الرأي والتعبير، حيث جاءت صريحة في معناها: حرية الصحافة المكتوبة والسمعية البصرية وعلى الشبكات الإعلامية مضمونة، ولا تُقيّد بأي شكل من أشكال الرقابة القبلية، لا يمكن استعمال هذه الحرية للمساس بكرامة الغير وحرياتهم وحقوقهم. ومن مفهوم لا يمكن استعمال الحرية للمساس بكرامة وحرية الآخرين، أوضح الدكتور حمدي، أن الصحفي يلزمه تحري المعلومات حول الأشخاص لتفادي الوقوع في القذف أو التشهير وهي جرائم خطيرة قد تؤدي إلى تغريم المؤسسة الإعلامية، موضحا أن قضايا الشتم والقذف المسجلة في المشهد الإعلامي لا تنمي عن وجود أزمة أخلاقية في وسائل إعلامنا بقدر ما هي أخطاء يقع فيها الصحفيون دون عمد. ويرى محدثنا أن عدم إخضاع جنحة الصحافة إلى عقوبة سالبة للحرية لا يعني التملص من العقاب، ولكن قد يؤدي ذلك إلى متابعة المؤسسة الإعلامية بكلمها، لأن جنحة الصحفي تتحملها المؤسسة التي قد تتمادى في نشر معلومات خطيرة وتبتعد عن مسؤوليتها الاجتماعية تجاه القراء أو المستمعين أو المشاهدين، مؤكدا أن وسائل الإعلام الخاصة مطالبة برفع المستوى واعتماد استراتيجية لتطوير مضامينها الإعلامية. ويرى الدكتور أحمد حمدي أن وسائل الإعلام الخاصة مدعوة لوضع استراتيجية وفقا لما يسود في مجتمعنا وقيمه الوطنية الراسخة، داعيا إلى ضرورة مواكبة النوع للكم الهائل والحاصل في قطاع السمعي البصري بعد الانفتاح الإعلامي الذي حققته بلادنا مؤخرا، وتزامن ذلك مع الإصلاحات العميقة المجسدة لتطوير حرية الرأي والتعبير في بلادنا التي كان آخرها رفع عقوبة التخريج عن الصحفي وتطرح عدة تساؤلات حول مدى امتلاك الفضائيات الجزائرية لخاطرة طريق لتطوير محتواها الإعلامي المقدم للمتلقي الجزائري في ظل التحولات الجيواستراتيجية الراهنة التي تحيط ببلادنا، خاصة مع الانفتاح الإعلامي وفي هذا الطرح يؤكد أحمد حمدي أن رفع التجريم عن الصحفي التعديل الدستوري الأخير يعد مكسبا هاما للقطاع، معتبرا الانفتاح الإعلامي مكسبا لا يمكن التشكيك فيه. وإذا ما كانت وسائل الإعلام قادرة على وضع استراتيجية مستقبلية لمواجهة التحديات الراهنة لاسيما في ظل التحولات الجيوسياسية، فإن «ضيف الشعب» قلل من أهمية ذلك بالنسبة للقنوات الجديدة، قائلا لابد من مواكبة الاحترافية والتقنيات الحديثة خاصة المتعلقة بالجانب الفني لاستقطاب المشاهد الجزائري وكسر الاحتكار الإعلامي الأجنبي على مقوماتنا.