الاستثمار في الجنوب الكبير وفي العلوم والتكنولوجيات رهانات يجب كسبها تمثل رهانات وتحديات كبيرة وخطرة تلك التي ستواجه العالم العربي عامة والجزائر خاصة، في آفاق 2030 - 2040، مع النظام الجديد الذي سيهيمن على العالم وستحكمه التكنولوجيات الحديثة والذكاء الاصطناعي والسيطرة المحكمة على الموارد الأولية، المياه ومصادر الطاقة الكامنة والمتجددة، بحسب ما صرح به البروفيسور شمس الدين شيتور، والتي لا يمكن للعالم العربي مواجهتها إلا إذا اهتم بدوره بترقية العلوم والمعرفة وتعزيز البحث العلمي والتصرف في موارده الطبيعية بعقلانية محكمة. كشف البروفيسور شيتور، أمس، من منتدى «الشعب»، عن الرهانات المستقبلية والتحديات التي ستعصف بالمعمورة وتقلب موازين القوى، معززة الهوة أكثر فأكثر بين الغرب والشرق والشمال والجنوب، الأمر الذي ستتولد عنه، كما قال، حروب وخلافات يكون الذكاء الاصطناعي وقوة التكنولوجيات والعلوم السيد فيها. رجع شيتور، لدى تقديمه كتابه الجديد، محور المنتدى بعنوان «من أجل جزائر وفية لتاريخها ومفتونة بالمستقبل»، ترجمة الإعلامي أمين بلعمري وإصدار ونشر جريدة الشعب ودار الحكمة، إلى الوضع الراهن للأحداث التي يعيشها العالم حاليا، ومن منظور جزائري 100 من المائة، قائلا، إن «85 شخصا فقط يملكون ما يعادل ثروة 3.5 ملايير نسمة، وأن 1 من المائة من سكان المعمورة يتحكمون في 50 من المائة من خيراتها ومصادر الطاقة والموارد الطبيعية فيها». وأشار شيتور في ذات السياق، إلى أن هذه المعادلة غير الموزونة وغير العادلة، قابلة للتفاقم بشكل رهيب في غضون 2030، لتصل المشاكل والحروب المسماة أعلاه ذروتها مع حلول سنة 2040، حاصدة، مع تشكل النظام الجديد، طموحات وفرص الأمم الضعيفة والمعتمدة فقط على تسويق مواردها الطبيعية وبترولها، بعيدة كل البعد عن عالم التكنولوجيات وتقذف بشعوبها في متاهات التبعية والفقر والحروب غير المتعادلة في العتاد والأساليب. وأضاف شيتور قائلا، أن البلد الوحيد الذي فهم الدرس جيدا هو إيران، الذي سهر على تطوير العلوم والتكنولوجيا والصناعات المتطورة، مواكبا بذلك القوى العالمية الكبرى في التطور العلمي الذي يفرض اليوم تغيرا تدريجيا للخارطة الجيو-سياسية المعتمدة حاليا. في سياق آخر، يرى شيتور أن على الجزائر إذا أرادت أن تواكب ركب التقدم والتطور الذي سيعرفه العالم سنة 2040، عليها الخروج من التبعية للمحروقات وتدارك سياستها الحالية وتغييرها، بالقضاء على ظاهرة تبذير الطاقات الكامنة وترشيد استعمالاتها حفاظا عليها للأجيال القادمة، السهر على تعميم المعرفة وتشجيع النخبة والإطارات على الدراسة والأبحاث، خاصة في مجال التكنولوجيات الحديثة والإلكترونيات، الاستثمار في بناء جامعة الامتياز وفتح المجال أمام النخب من باحثين ومخترعين لتجسيد مشاريعهم العلمية وتوظيفها في عملية التنمية المستدامة، التي تحتاج في تطبيقها على أرض الميدان الإلمام بكل ما هو إبداع وجديد في مجال التكنولوجيات الحديثة. ونصح شيتور أيضا، بالسهر على تطوير الصناعة الغذائية والاستثمار في الصحراء، التي تعتبر خزانا طبيعيا للمياه ولمصادر الطاقات المتجددة، الأمر الذي يمكن أو تتولد عنه حركية تنموية نشطة وبناء مدن جديدة، بمشاريع قيمة، محدثة للثروة ومناصب الشغل، بعيدا عن التبعية للبترول والطاقات الكامنة، هذا مع الحرص على تطوير المنظومة التربوية والتكوين العلمي ووضع شبكة نقل متطورة تربط الشمال بالجنوب، إلى جانب العمل على توعية الذهنيات وتغيير اهتماماتها وتحفيز الأفراد والشباب خاصة، للتحلي بالوعي وتحمل المسؤولية تجاه المجتمع والوطن.