سجلت احتياجات الصرف رقما قياسيا جديدا، في نهاية العام الماضي، بتجاوزها لمستوى 143 مليار دولار، مقابل 118 مليار في سنة 2007 و77,8 مليار في السنة التي سبقتها. وحسب بيانات بنك الجزائر، فانه رغم تسجيل رقم قياسي جديد في احتياطي الصرف خلال السنة الماضية، فان الارقام تشير الى تقلص كبير في حجم الاحتياطي في الفترة الممتدة بين جوان وديسمبر ,2008 حيث لم يرتفع الاحتياطي سوى ب 10 ملايير دولار في السداسي الثاني بعد ارتفاع الرقم الى 133,23 مليار دولار في جوان الماضي. تراجع وتيرة ارتفاع الاحتياطي في السداسي الثاني من العام الماضي، يعود الى الانخفاض الكبير في اسعار النفط المتأثرة بتداعيات الازمة المالية التي طفت إلى السطح في بداية الصائفة الماضية. وعلى الرغم من الانخفاض المتوقع في احتياطي الصرف خلال مراحل الازمة، والتي تعول عليه الجزائر لتغطية جزء من احتياجاتها الخارجية في شكل واردات من السلع والخدمات، الا ان مقدار ما رصد لتمويل البرنامج الخماسي المقبل، يعد، الى حد ما، معتبرا، مما يعني انه لا مفر من سحب جزء هام من رصيد احتياطي الصرف للانفاق على البرنامج الخماسي. وكان وزير المالية قد صرح مؤخرا، ان القدرات التمويلية للجزائر لا تنحصر فقط، في مداخيل النفط، واصفا نمط التمويل بالناجع، لاعتماده على ادوات اخرى مثل صندوق ضبط الايرادات الذي يمثل 40٪ من الناتج الداخلي الخام، وما يمكن ان توفره السوق المحلية من سيولة هامة تسمح بتمويل المشاريع المبرمجة في المخطط التنموي. لكن سحب جزء من احتياطي الصرف قد يعني تراجع في حجم هذا الاحتياطي في المرحلة القادمة، خاصة لو استمر تسجيل اسعار نفطية تحت عتبة 70 دولارا، لا سيما وان توقعات العام الجاري من مداخيل النفط قد لا تتجاوز 40 مليار دولار، مما قد يؤثر سلبا، على مستوى الاحتياطي نحو التراجع.. مثل هذا السيناريو يراه وزير المالية بعيدا، الى حد ما، على الرغم من حدوث اختلال في ميزان المدفوعات، خاصة بعد تسجيل تراجع في فاتورة المواد الغذائية المستوردة خلال الثلاثي الاول من العام الجار ي من 1,65 مليار دولار العام الماضي الى مليار دولار هذا العام. وفي نفس سياق، الاجراءات المتخذة للتحكم في نشاط التجارة الخارجية، وبالتالي، تدفق العملة الصعبة وضبط عمليات الاستيراد التي استنزفت جزء، ليس بالهين، من احتياطي الصرف، ثم وضع البطاقات الجديدة الخاصة بالمستوردين، قصد تطهير هذا القطاع، كما تم اجبار الشركات الاجنبية للتصدير على تخصيص ما نسبته 30٪ من رأسمالها لشريك جزائري مع اقتراح امكانية تمويل، ما قد تصل نسبته الى 70٪ من تكلفة الاستثمار التي قد يتلقاها هذا الاخير، للاقتراض من الاسواق المالية الدولية، عقب ازمة السيولة العالمية.