أكيد أن حصيلة زيارة نتنياهو إلى واشنطن لم تترك مجالا للغبطة في إسرائيل قياسا بما تعودوا عليه من تطابق في المواقف ودعم وتأييد ومباركة لما يقولون وما يفعلون وما سوف يعملون . فالرئيس الأمريكي اوباما لم يتزحزح عن حل الدولتين ووقف الاستيطان وعدم الانجرار إلى موقف نتنياهو من إيران , وهذه وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون تقول على الملأ ، أنها طلبت من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وقف الاستيطان في الأراضي الفلسطينية المحتلة. وقالت خلال مؤتمرها الصحافي إن ,الرئيس اوباما كان واضحا جدا بأنه يريد وقف الاستيطان . وان هذا الأمر هو موقف الحكومة الأمريكية وسياستها.. .كل ذلك خلق نوعا من الارتباك في الأوساط الإسرائيلية , وأجج نقاشا حيال الموقف من حل الدولتين ووقف الاستيطان.. . فالانطباع السائد في إسرائيل أن نتنياهو بتجاهله حل الدولتين الذي يعتبره الأمريكيون مفتاح النزاع مع الفلسطينيين، قد عرض مصالح إسرائيل الجوهرية للخطر . وقد أكدت صحيفة "يديعوت احرنوت" العبرية على وجود ما وصفتها خلافات كبيرة بين إسرائيل والولايات المتحدة، وأشارت لرفض نتنياهو التحدث عن الدولة الفلسطينية أو الدولتين , ورفض أوباما تحديد سقف زمني للحوار مع إيران. وقالت إن نتنياهو أصر على اعتراف الفلسطينيين بيهودية إسرائيل , فيما طالب أوباما بحل الدولتين ووقف الاستيطان . فكيف تعامل الفلسطينيون مع هذه التطورات ..؟ وهل يكفي أن تطلق الفصائل الفلسطينية التصريحات والبيانات المشككة والرافضة والمنددة وهي العاجزة عن تجاوز خلافاتها وانجاز الوحدة الوطنية التي كان غيابها وتغييبها سببا آخر فيما وصلت إليه أوضاع الشعب الفلسطيني من تردي وبؤس.. ؟ , أم كان عليها التقدم بموقف واحد لحكومة واحدة ..؟ لقد كان لإخفاق الحوار الفلسطيني في القاهرة، وترحيله من جديد إلى موعد آخر , اثر عميق على الفلسطينيين , فقد أصيب الشعب الفلسطيني، الذي يفترض أن المتحاورين يقاومون باسمه أو يسعون إلى التسوية باسمه، أو يدّعون التحدث باسمه، بخيبة جديدة تضاف إلى خيبات سابقة، زادت معاناته معاناة، وكوارثه كوارث . فهذا الفشل، يعني أن العدو الصهيوني قد كسب جولة جديدة، ومهلة إضافية لإرهابه واستيطانه والتهويد . من الآن حتى يوليو القادم ، موعد الحلقة الجديدة من مسلسل الحوار، سيتم إغراق الجميع بالتصريحات التصعيدية والاتهامات المتبادلة، بين هذه الجهة وتلك، بين حماس و فتح ، ما يزيد الهوة عمقاً واتساعاً، ويعبّد الطرقات أمام الاحتلال لارتكاب المزيد من الجرائم الهادفة إلى شطبهم جميعاً، لأن العدو ينظر إلى كل الفلسطينيين، باعتبارهم واحداً يجب إزالته عن الوجود.. . في ضوء التطورات الإقليمية والدولية ، كان منتظراً من أولي الأمر والنهي فلسطينياً أن يرتقوا إلى المستوى الذي يرتفع فوق الحساسيات والحسابات التي ثبت كم هو خاطئ التمسك بها، وأن يتجاوزوا شهوات توزيع المناصب والمغانم، فيما الشعب الفلسطيني مقطع الأوصال، في الضفة تحاصره الحواجز والاستيطان، وفي غزة ممنوع عليه أن يعيش كالبشر نتيجة الحصار . وبعد مجيء ثلاثي الإرهاب بنيامين نتنياهو وأفيغدور ليبرمان وايهود باراك، كان الواجب يقتضي وقفة من القوى الفلسطينية مع الذات، ومراجعة الواقع وما فات، وتقاطر الجميع إلى حوار جاد يخرجهم مما هم فيه من واقع مزرٍ، ويعين الشعب الفلسطيني على التنفس، ويعزز قدرته على الصمود ومواجهة الإرهاب الذي يتعرض له يومياً من قبل العدو الصهيوني , وعوضا عن ذلك ها هم يغرقون ومن جديد في دوامة الخلافات حول الحكومة الفلسطينية الجديدة وكأن الاحتلال والحصار والمستوطنات والجدار والتهويد ليست أولويات . . !