لا تزال 12 منطقة نشاطات عبر إقليم ولاية تيبازة، تعاني من تراكم عوائق كثيرة حالت دون تمكنها من امتصاص أكبر قدر من اليد العاملة من جهة، كما أنّ عدم شروع معظم المستفيدين من العقار الصناعي في تجسيد مشاريعهم الاستثمارية، أثّر سلبا على دعم الجباية المحلية التي تعتبر ركيزة أساسية لترقية التنمية من جهة أخرى. كانت منطقة النشاطات ببواسماعيل التي تتربع على مساحة 29 هكتارا تشغّل لوحدها أكثر من 3 ألاف عامل، أول منطقة أنشئت بالولاية سنة 1983، حينما كانت تابعة إقليميا لولاية البليدة، قبل أن تليها منطقة شرشال سنة 1987 ومناطق فوكة و بوركيكة والقليعة في العام الموالي ومنطقة حجوط عام 1994 ومنطقة قوراية سنة 1995، إلا أنّ ذات المناطق بقيت تراوح مكانها وتفتقد لأدنى شروط النشاط من حيث توفر الكهرباء وشبكات التطهير والماء الشروب وتهيئة الطرقات، الأمر الذي أثّر سلبا على تقدم مستوى تجسيد المشاريع الاستثمارية بها، ولكنّه بالنظر إلى أهميتها البالغة في امتصاص اليد العاملة وتوفير الثروة ودعم الجباية المحلية، فقد أقدمت السلطات على تسمية 4 مناطق أخرى، خلال الفترة الفاصلة بين عامي 2005 و 2006 بكل من سيدي عمر و الحطاطبة و تيبازة و خميستي بالتوازي، مع السهر على تقدم أشغال التهيئة بالمناطق الأولى، ولكن التغييرات الحاصلة على مستوى الوصاية المسيرة لذات المناطق ساهم إلى حد بعيد في تأخر عمليات التهيئة بها، مما أرغم العديد من المستثمرين على التخلي عن مشاريع الاستثمار بها بحيث بقي بعضهم معلقا لفترة تزيد عن العشر سنوات دون أن يتمكنوا من الحصول على رخصة للبناء بالنظر إلى المشاكل العالقة التي طرأت على بعض المناطق ومنطقة فوكة تعتبر مثالا حيا على ذلك، بحيث لم تتمكن الجهات المعنية من حل الإشكال الناجم عن تداعيات تواجد المنطقة على الحدود الفاصلة بين بلديتي فوكة والقليعة، مما صعّب من عملية استخراج العقود و رخص البناء أيضا. ما يلفت الانتباه في مختلف مناطق النشاطات بالولاية، كونها تخضع في تسييرها لعدّة هيئات عمومية كالوكالة الولائية للتنظيم و التسيير العقاري و المؤسسة الوطنية للترقية العقارية، فيما تتكفل البلديات ببعض المناطق، الأمر الذي أفرز تباينا واضحا في نمط و جدية التسيير تماشيا وطريقة وكذا قدرة كل هيئة، ومن ثمّ فقد طالبت مديرية الصناعة مؤخرا من الجهات الوصية عن طريق والي الولاية بإنشاء مؤسسة ولائية ذات طابع تجاري وصناعي تتكفل بتسيير مختلف المناطق النشطة أو إسناد العملية لمؤسسة أخرى ذات أسهم تملك رأسمالا اجتماعيا و تحتفظ باستقلالية مالية تامة لغرض توحيد نمط التسيير ودفع وتيرة التهيئة الشاملة لمختلف المناطق. مياه الأمطار تغمر منطقة النشاطات بالقليعة تعتبر منطقة النشاطات بالقليعة من أهم المناطق بالولاية، من حيث نوعية وعدد النشاطات الاستثمارية القائمة بها باعتبارها تتربع على مساحة تربو عن 33 هكتارا و تشغّل ما يربو عن 1350 عامل، غير أنّ إنشائها في محيط يقع على مياه جوفية هائلة و كون تربة الموقع لا تمتص المياه السطحية، أثّر سلبا على نوعية النشاطات طيلة السنوات الفارطة. يؤكّد العديد من المستثمرين و العمال بها أنّ التنقلات داخل المنطقة خلال موسم الأمطار، تتم عادة باستعمال الشاحنات و الحافلات معا وحتى السيارات السياحية لا يمكنها التنقل أحيانا حينما تتهاطل الأمطار بغزارة، مما أثّر سلبا على المسالك و الطرقات بها و أجبر العديد من المستثمرين على الحد من تقدّم استثماراتهم، و من هذا المنطلق فقد استفادت مديرية الصناعة بالولاية من رخصة برنامج قدرها 177 مليون دج، سنة 2012، بعنوان تهيئة و إعادة تأهيل منطقة القليعة وفقا للمعايير الوطنية المطلوبة، و لكن الدراسة التي أنجزها مكتب الدراسات حينذاك أفضت إلى كون العملية تتطلب غلافا ماليا لا يقل عن 600 مليون دج لغرض تهيئة المنطقة أولا وحمايتها من الفيضانات في مرحلة مكملة، ومن ثمّ فقد تمّ ترتيب الأشغال، بحسب أهميتها، بحيث تمّ إختيار الحصة الأولى من الانجاز المتعلقة بانجاز قنوات تصريف المياه للتخفيف من حدّة الفيضانات في انتظار إعادة تقييم العملية لاحقا لمباشرة الحصص المتبقية المتمثلة في أشغال شبكة التطهير والتزوّد بمياه الشرب وأشغال الإنارة العمومية وأشغال الطرقات، إضافة إلى جدار الإحاطة، ولا تزال مصالح مديرية الصناعة بالولاية، الوصية على مناطق النشاطات، تنتظر موافقة الجهات المعنية على إعادة التقييم المالي لمباشرة مجمل العمليات المدرجة ضمن مشروع إعادة تأهيل المنطقة التي أعرب العديد من المستثمرين عن عزوفهم عنها، بسبب المشكل الرئيسي المرتبط بالفيضانات و كذا المشاكل العالقة الأخرى المتعلقة بالإنارة و الطرقات و الماء الشروب والتطهير و جدار الإحاطة. مشروع جدار الإحاطة ومركز الحراسة بمنطقة الحطاطبة مجمّد إلى إشعار آخر تعيش منطقة النشاطات بالحطاطبة، هي الأخرى، سيناريو مماثلا للذي تمّ تسجيله بالقليعة، بحيث استفادت مديرية الصناعة بالولاية سنة 2011 من رخصة برنامج قدرها 14 مليون دج لغرض دراسة و إعادة تأهيل و تنمية المنطقة التي تتربع على مساحة 9،85 هكتار، وتمّت الدراسة فعلا و تمّ انتقاء المؤسسات المكلفة بالانجاز و بالنظر إلى عدم كفاية البرنامج لتجسيد مختلف العمليات الواردة بالدراسة، فقد اضطرت المصلحة المتعاقدة إلى الانطلاق في الحصة رقم 1 من المشروع دون سواها والمتمثلة في انجاز مركز للحراسة وجدار للإحاطة لحماية المنطقة من الأخطار المحدقة، لاسيما ما تعلق بتوسع السكنات الفوضوية القريبة منها في انتظار حصول عملية إعادة تقييم للمشروع من وزارة المالية لإتمام باقي الأشغال المتمثلة في شبكة التطهير و شبكة التزود بالماء الشروب و تهيئة الطرقات والإنارة العمومية، وذلك وفقا لمقتضيات المادة 14 من قانون الصفقات العمومية، غير أنّ مصدرنا من مديرية الصناعة، أشار إلى كون الحصة الأولى هذه تمّ تجميدها من لدن المصالح المالية لأسباب لها علاقة بقضية ترشيد النفقات العمومية لتبقى هذه المنطقة بذلك تنتظر دورها من التهيئة و توفير الحد الأدنى من شروط الاستثمار المنتج. انعدام التهيئة يؤجّل استغلال منطقتي خميستي و تيبازة تعتبر منطقتي خميستي وتيبازة من آخر المناطق المنشأة بالولاية سنة 2006، و لم يشرع أحد من المستثمرين بعد في تجسيد مشاريعه بهما بالنظر إلى انعدام التهيئة و غياب مجمل الشبكات الضرورية لمباشرة النشاط، رغم سعي الجهات الوصية بالولاية لدى الوزارة الوصية من أجل الحصول على أظرفة مالية تتيح تهيئة المنطقتين و تحضيرهما للنشاط المرتقب، بحيث تحصلت منطقة تيبازة سنة 2012 على رخصة برنامج قدرها 200 مليون دج لغرض دراسة و إعادة تأهيل و تنمية المنطقة، و بعد الانتهاء من عملية الدراسات فقد علمنا من مديرية الصناعة بالولاية بأنّ شق الانجاز والتجسيد، تمّ تجميده من طرف المصالح المالية لأسباب لها علاقة وطيدة بملف ترشيد النفقات العمومية وتضمّ المنطقة التي تتربع على مساحة إجمالية قدرها 7،75 هكتار، 3 أقسام تعنى بالفنادق ونادي التنس والعيادات المتخصّصة. أما بخميستي، فقد تقرّر منح تسيير المنطقة لمديرية الصناعة بموجب قرار رقم 29 صادر في 16 جانفي 2014 عوضا عن الوكالة الولائية للتنظيم والتسيير العقاري التي تكفلت بها منذ إنشائها سنة 2012، ومن ثم فقد سعت مديرية الصناعة لدى الجهات الوصية لتخصيص غلاف مالي خصيصا لمباشرة عملية التهيئة في إطار برنامج جديد لسنة 2016 غير أنّها لم توفق في مسعاها بالنظر إلى الظرف المالي الصعب الذي تعيشه البلاد حاليا، كما تجدر الإشارة إلى أنّ المادة الأولى من قرار تكليف مديرية الصناعة بتسيير المنطقة ينص على إجبار المستثمرين المستفيدين من القطع الأرضية بالمنطقة على سبيل الاستثمار بدفع إتاوات سنوية لفائدة الهيئة المسيرة، مما يتيح لها تكليف خبير عقاري لتحديد حدود الحصص على مستوى المنطقة، غير أنّ ذلك لم يتم تجسيده على أرض الواقع بحيث اضطر كل مستثمر على انفراد إلى تعيين خبير عقاري لتحديد حصته، مما تسبب في بروز نزاعات كبيرة بين المستثمرين بحجة تجاوز بعضهم لحصص الآخرين، مع الإشارة إلى أنّ المنطقة التي تتربع على مساحة إجمالية قدرها 9،29 هكتار، استفاد منها 41 مستثمرا حصل 32 منهم على عقود امتياز و 10 من هؤلاء تمكنوا من استخراج رخص البناء و من المتوقع بأن توفر المنطقة 1600 منصب عمل دائم و بمبلغ استثمار يتجاوز حدود 6 ملايير دج. منطقة النشاطات لسيدي عمر: نموذج حي لاقتصاد أخضر لم ينطلق بعد تتربع منطقة بقديش بسيدي عمر على مساحة إجمالية تصل إلى 4،19 هكتار و أنشئت رسميا في ماي 2005 خصيصا لاحتضان المشاريع ذات الصلة بالصناعات التحويلية المرتبطة بالقطاع الفلاحي و أسند تسييرها للوكالة الولائية للتنظيم و التسيير العقاري التي أنجزت بها 33 تجزئة قدّمت جميعها ل17 مستثمرا راغبا في تجسيد مشاريع استثمارية لها علاقة بالقطاع الفلاحي، ومن بين أهم المشاريع المقترحة هناك نجد صناعة الشيبس ومشروع بسكتة ومشروعا آخر لغرف التبريد و صناعة الجبن و الزبدة، إضافة إلى عدّة مشاريع أخرى لها علاقة مباشرة بقطاع الفلاحة. كانت وكالة التنظيم و التسيير العقاري للولاية، قد شرعت في تجسيد مشروع تهيئة المنطقة منذ استلامها دواليب التسيير بها سنة 2005 و تمّت تهيئة الطرقات و الأرصفة و تحضير شبكتي الماء الشروب و قنوات التطهير، غير أنّ الجهات الوصية اضطرت إلى اعتماد برنامج تهيئة مكمل سنة 2014 يقضي بانجاز مجرى لتصريف المياه و تجسيد شبكة الإنارة و جدار الإحاطة بمعية سياج من جهة الغابة المجاورة وتبلغ الأشغال حاليا، حدود ال 95 بالمائة ، غير أنّ النقطة السوداء المتعلقة بهذا المشروع تكمن في تأخر المؤسسة المعنية بإعداد دراسة أولية لمشروع الإنارة والتزود بالكهرباء لم تقم بعملها بعد بالرغم من تكليفها رسميا منذ سنتين و تتخوّف الجهات المعنية من تأخر هذه العملية التي تعتبر مفصلية و أساسية فيما يتعلق بانطلاق مشاريع الاستثمار، كما برزت إلى الأفق مؤخرا مشكلة أخرى حالت دون شروع 10 مستثمرين في تجسيد مشاريعهم من الناحية الجنوبية للمنطقة بسبب تراكم الأتربة هناك و صعوبة تصريفها بحيث كان هؤلاء يعتقدون بأنّ هذا الأمر يندرج ضمن فقرات و مقتضيات التهيئة الشاملة غير أنّ برنامج التهيئة لم يأخذ في الحسبان هذه المعضلة التي تبقى تؤرق ثلّة من المستثمرين. أهم ما يميّز هذه المنطقة عن غيرها من المناطق الأخرى كونها تعتمد بالدرجة الأولى على تجسيد مفاهيم الاقتصاد الأخضر من خلال تثمين مختلف المنتجات الفلاحية من جهة و استعمال الطاقة الشمسية بدلا من الطاقة الكهربائية كلما كانت الفرصة سانحة من جهة أخرى، و من المرتقب أن يتم اللجوء الى الطاقة الكهربائية حينما تقتضي التجهيزات و الآليات المستعملة ذلك، في حين ستتم الاستعانة بالطاقة الشمسية في الحالات الأخرى، وكانت اللجنة الولائية المكلفة بمشروع تيبازة ولاية نموذجية في الاقتصاد الأخضر قد اختارت هذه المنطقة لتجسيد جملة من التطبيقات الميدانية المندرجة ضمن هذا المشروع دون الافصاح عنها في الوقت الراهن بالنظر إلى كون المنطقة ليست جاهزة بعد غير أنّ مصالح البيئة و مختلف الجمعيات المدافعة عن المحيط البيئي لا تزال تسعى جاهدة من أجل تجسيد هذه الفكرة.