نظّمت الزّميلة «الشروق» مطلع الأسبوع بمقرها تكريما للإعلامي والكاتب سهيل الخالدي، الصحفي السّابق بجرائد منها «الشعب»، بحضور عدد من أصدقائه وزملائه في المهنة، وقدّموا شهاداتهم عن الرجل وما له من مآثر وخصال. وأجمع المشاركون في التكريم على أنّ العبرة ليست بالسنّ ولا بالوضع الصحي، وإنما بالعقل وما يجود به من فكر وإبداع، وهو ما تجلّى في سهيل الخالدي الذي واظب على الكتابة رغم الصعاب والأزمات. وقال سهيل الخالدي، الذي سبق له الانتماء إلى جريدة «الشعب»، خلال تكريمه، إنّ أبناء جيله في المشرق والمغرب كانوا في غالبيتهم العظمى مخلصين لطروحات المرحلة الفكرية، وكانوا يؤمنون بالوحدة العربية واسترجاع فلسطين وكل شبر احتل من هذه الأرض، وكانوا يؤمنون بالأمّة كلها، واليوم هم شاهدون أساسيون على نكباتها، فكل ما في الأمة يدمر. وأردف قائلا إنّ ما يجري في هذا الوطن من سحق للأبرياء وإراقة لدماء كل العرب إنما هو نتيجة خلل في الفكر السياسي لا في الفكر الثقافي. وختم كلمته بالقول: «سأواصل مسيرتي رغم كل ما ترونه من معضلات في الجسد وغير الجسد، سأظل مواصلا على الدرب الذي كنّا عليه في سبعينيات القرن الماضي». قبل ذلك، كان الأديب الشاعر محمد الأخضر عبد القادر السائحي قد اعتبر في كلمته أنّ الموهبة منحة اللّه للكتاب والمفكرين، وهي لا تأتي بدراسات وبتعلّمات وإنما تأتي من الخالق. وأضاف: «نحن الآن أمام قمّة من قمم هذه المواهب التي تكرّم بها الله على عباده لينيروا الطرق ويضيئوا السبل ويمهدوا كل الصّعوبات..أتمنّى لأخي بقية حياة سهلة ميسّرة». ولم يبخل الشّاعر جمال فوغالي، مدير دار الثقافة ببومرداس، على الحضور ببلاغته وخطابته المعهودة، قائلا إنّه يكبر في سهيل الخالدي إصراره على الكتابة والاستمرار فيها حجرا ينحت حجرا، فهو بذلك يؤكد على الحضور المتميز لكي يمجد العقل والإنسان الذي فيه، ويكفيه أنه يصنع لنفسه بيتا من كتاباته الجميلة..»أنحني صادقا لكل ما قدّمته لنا، وهذا التكريم نقوله لك وأنت بيننا من أجل أن تكون قاعدة لا استثناء..نحن مقصّرون كلّ على مستواه في حق هذا الرجل»، يخلص فوغالي. من جهته، أعطى د سعيد بن زرقة لمحة عن الخالدي، مشيرا إلى أنّه ولد في فلسطين من أبوين مهاجرين من الجزائر، وسافر إلى الأردن وعايش الحروب العربية، وأزمة الجزائر، وأزمة سوريا الحالية..ومع هذا الترحال استطاع أن يكتب الكثير، بما في ذلك أربع مؤلفات في دار المسنين بباب الزوار، وهو تحدّ كبير، كما أنّه كتب في عزّ المعاناة، يقول بن زرقة. من جهته، استذكر الإعلامي مهدي براشد لقاءاته مع الخالدي في ثلاث قاعات تحرير مختلفة، واعتبر أن الجيل الإعلامي لا يمكنه أن يكون إلا إذا كان نتاجا لتراكمات أجيال أخرى. بينما سرد تواتي سليماني لقاءه بالخالدي في دمشق: «سهيل كان الملجأ لنا عندما تأخذنا نوستالجيا البلد»، يقول سليماني الذي كان نائب رئيس لجنة الجالية الجزائرية في العاصمة السورية، كما وصفه ب «التروبادور» الذي ينتقل في المخيّل أكثر من انتقاله في المكان. فيما اعتبر محمد الصالح حرز الله أن أحسن تكريم للخالدي هو طبع أعماله، سواء المطبوعة أو التي لم تطبع بعد، «سأعمل على تسريع الموضوع مع وزير الثقافة، وهو من المثقّفين ولا أعتقد أنه سيرفض ذلك»، قال حرز الله، مشيرا إلى أن الخالدي يتميز بصفتين أساسيتين: الطيبة المفرطة والقلق الدائم، وأنه من أحسن من كتب عن مرحلة البناء والتشييد في الجزائر، من الثورة الزراعية إلى غيرها من الإنجازات، كما أنه أحسن جسر بين ثقافة الجزائر والمشرق العربي وهو ما قلّ نظيره.