أكّد المنتج الإذاعي والتلفزيوني عمار محمدي أنّ السينما لعبت دورا «حاسما ومهما» في تسليط الضوء على كفاح الشعب الجزائري ضد المستعمر الفرنسي والتعريف به للأجيال الحديثة، مشيرا إلى أن فترة الستينيات والسبعينيات عرفت ظهور عدة وجوه سينمائية وأسماء صديقة للجزائر أشادت بالثورة في أعمالها. وقال محمدي بأسف أن المجهودات المعتبرة لترقية الفعل الثقافي بمختلف أطيافه تواجهه صعوبات التي تحول دون تطوير الفن السابع، ما يحتّم التنسيق بين الفعالين من مخرجين ومنتجين وممثلين والجهات المعنية لإيجاد مخرج آمن. يعتبر محمدي وهو رئيس جمعية «بانوراما للسينما والثقافة» بباتنة، أنّ مشكل السنيما في الجزائر يتعلق أساسا بغياب التكوين والدعم المالي، بحيث أن أي عمل سينمائي يحتاج إلى إمكانيات فنية وتقنية ومادية كبيرة، وأغلب دور الإنتاج في الجزائر تفتقر إلى الأشخاص المؤهلين في حرفيات السينما، وهذا ما يؤثر على نوعية الإنتاج الوطني والذي في الحقيقة يفتقر إلى المقاييس العالمية مما يجعله لا يتخطى الحدود وغير قابل للتسويق. وأثار محمدي مشكل التمويل المالي، وبالتالي ليس لدينا إنتاجا سينمائيا حقيقيا بل أعمالا موسمية لملء الشبكة البرنامجية لا غير، داعيا إلى تعزيز الإنتاج المشترك، على الرغم من بعض جوانبه السلبية كفرض الشريك الأجنبي شروطه علينا، إلا أنه في نفس الوقت يضم نقاطا إيجابية في مقدمتها سهولة توزيع الفيلم داخل وخارج البلد. يتفق محمدي مع القائلين بضرورة تشجيع رجال المال والأعمال على الاستثمار في السينما من خلال منحهم ضمانات لتحقيق الأرباح، وكذلك فتح قاعات السينما المغلقة وإعادة ترميمها، كما أنّ المخرجين الجزائريين المغتربين لا يأتون إلى الجزائر للاستثمار في القطاع من خلال التكوين والإنتاج بل يأتون لطلب الدعم رغم أنهم ينتجون أعمالهم لصالح شركات أجنبية وفي بعض الأحيان تكون أعمالهم مشوهة لصورة الجزائر. ورغم هذا يقول محمدي إلا أن العديد منهم شرف الجزائر في مشاركات دولية بحصد جوائز. وتابع صاحب فيلم «بائع الذّاكرة» والمشارك في عدة مهرجانات وطنية دولية في الفيلم القصير، أن الوزير عز الدين ميهوبي محق في انتقاده لواقع السينما بالجزائر، خاصة ما تعلق منه بجانب التكوين. لذا ركّز محمدي في جمعيته أثناء تأسيسها بباتنة سنة 2009 على ترقية الإنتاج السمعي البصري، وتشجيع الشباب على التكوين في حرفيات السينما والسعي لإعادة إحياء المهرجان الوطني لسينما الهواة، بالإضافة إلى المشاركة في مختلف التظاهرات. فرض التّكوين مقابل الدعم المالي اعتقد محمدي أنّ الإنتاج السينمائي يجب أن يحظى بمعهد وطني عالي أو مدرسة وطنية عليا لأن الإخراج يحتاج لتقنيات كبيرة ومكونين متخصصين، ولم لا الشراكة مع المعاهد الدولية ذائعة الصيت في ذات المجال قائلا إنّ «مهنة المخرج لا يمكن الحصول عليها بسهولة، فنجد بعض الدول تشترط على المخرج أن يكون في رصيده عدة انتاجات حتى يحصل على هذه الرتبة. وعليه فيجب على الوزارة المعنية وضع سياسة وطنية في مجال تكوين سينمائيين من خلال تشجيع الجمعيات المختصة، وتنظيم دورات تكوينية تحت تأطير مختصين بالإضافة إلى تسطير برنامج وطني لأن الممثلين يلجاون إلى المسرح للعمل لانعدام فرص في المجال السينمائي». وأكّد بأن الجزائر تمتلك طاقات شبانية كبيرة وجب دعمها ماديا ومرافقتها في التأسيس لسينما جزائرية قوية قادرة على المنافسة عالميا قائلا: «رأينا عيّنات كثيرة منهم ولهم طموح ومواهب، وهم متشبّعون بروح سينمائية عالية، فعلى الهيئات المختصة تقديم يد المساعدة لهم من خلال وضع لجان على مستوى هيئات الدعم، كما أنّ تشجيع طلبة الإعلام والاتصال بالجامعات وربطهم بدور الإنتاج العمومية والخاصة قد يوفر إمكانيات للنهوض بالقطاع». سياسة وطنية لتفعيل القطاع إنّ تطوير السينما في الجزائر يحتاج إلى تكاثف جهود الجميع من مسؤولين وفاعلين في القطاع لبلورة سياسة وطنية فعالة في هذا القطاع الحساس لما له من أهمية إستراتيجية قادرة على إبراز مقدرات البلاد الفنية و الثقافية والسياحية، وهنا يمكن الحديث عن بعض الحلول كضرورة فرض مبدأ التكوين مقابل الدعم المالي. كما أنّ تطوير السينما في الجزائر يحتاج إلى قوانين تسهل الاستثمار من خلال إنشاء المدن السينمائية، وإعادة فتح قاعات السينما في كل بلدية وتدعيم الشباب الراغب في الاستثمار في هذا القطاع والذي إذا عرفنا كيف نطوره، يعود علينا بالفائدة ماديا ومعنويا من خلال إبراز القدرات الكبيرة التي تسخر بها بلادنا في عدة مجالات خاصة السياحة والصناعة التقليدية باعتبار السينما فن وثقافة وتجارة وسياحة وصناعة. كما لا ننسى يضيف المتحدث المشاكل التي تواجه السينما في مجال التوزيع، التمويل، التكوين، الكتابة والإنتاج، إضافة لمسألة نقص قاعات العرض التي تعدّ مشكلا عويصا يمس قطاع السينما خاصة بالولايات الداخلية كباتنة مثلا، ويختم محدثنا اللقاء بالتأكيد على أهمية تفعيل إرادة سياسية، لتحقيق استراتيجية محكمة تمس قطاعي السينما والسمعي البصري، وتخرج بالسينما من النفق الذي تعيش فيه حاليا.