لم تثمر مختلف الجهود التي بذلت لتثمين قطاع البيئة وتوفير محيط سليم ونظيف للعيش الكريم بولاية بومرداس، بإيجاد حلول ناجعة لظاهرة انتشار النفايات المنزلية والصناعية في كل زاوية، ولم تصل الحملات التحسيسية التوعوية المسطّرة من طرف عدة جهات مهتمة بالموضوع إلى إيجاد ذلك المواطن الواعي الحريص على نظافة محيطه الخارجي مثلما يحرص على نظافة بيته، كما لم تصل أيضا سياسة تثمين القطاع اقتصاديا درجة النضج الفعلي. دقّت مؤخّرا فعاليات المجتمع المدني وعدة شرائح أخرى مهتمة بالموضوع بالتدني المستمر لقطاع البيئة بولاية بومرداس نتيجة انتشار النفايات المنزلية والأوساخ في كل زاوية عبر البلديات بما فيها عاصمة الولاية التي وصل صداها إلى المسؤول الأول على الجهاز التنفيذي من خلال دعوته بالتدخل العاجل لمعالجة القضية، وإيجاد حلول سريعة للحد من ظاهرة تراجع شروط المحيط الاجتماعي السليم، الذي يتطلع إليه المواطن وحمايته من الأخطار الصحية المحتملة والأمراض المتنقلة خاصة في فترة الصيف. هذه الوضعية دفعت والي الولاية مداني فواتيح إلى فتح موضوع البيئة، متسائلا عن أسباب تدني وضعية المحيط واستمرار ظاهرة فوضى النفايات المنزلية المنتشرة في كل مكان، حيث ربط المسألة بغياب الثقافة البيئية لدى المواطن الذي لا يحترم في الغالب الأوقات المحددة لرمي النفايات وثقافة المحيط الأخضر أمام امتداد الاسمنت حتى في الفضاءات الخضراء. وعبّر عن إعجابه ببعض التجارب النموذجية التي بدأت تعطي ثمارها بولاية بومرداس بمبادرة من فعاليات المجتمع المدني، ومنها جمعية «ثفاث لعمال» التي تقوم بمجهودات كبيرة لحماية البيئة من مختلف التجاوزات التي تعيشها في الميدان. كما كشف بالمناسبة «عن مشروع لاستحداث جائزة مخصصة لموضوع البيئة تعنى بأنظف قرية أو حي عبر بلديات الولاية»، الهدف منها كما قال «هو تشجيع الجمعيات والفاعلين الناشطين في موضوع حماية البيئة والمحيط العام للسكان مع تخصيص جائزة مالية للفائزين الأوائل لتثمين الأعمال والمشاريع المقدمة حسب طبيعة كل منطقة»، وهي فكرة يمكنها خلق جو تنافسي بين الجمعيات البيئية الناشطة محليا حتى لا نقول الجمعيات المسجلة على الورق وما أكثرها، خاصة وأن المبادرة سبقتها تجارب ناجحة حقّقتها بعض الولايات المجاورة على غرار ولايتي البليدة وتيزي وزو، هذه الأخيرة التي تملك تقليدا في الميدان كان آخرها تنظيم الطبعة الثالثة لجائزة أنظف قرية التي فازت بها قرية بومسعود بقيمة 800 مليون سنتيم. وعلى كل فالمسألة لا تتوقف عند الصعوبات التي واجهتها السلطات المحلية في تصريف أطنان النفايات المنزلية اليومية التي يتم تحويل جزء منها إلى مركز الردم التقني للنفايات بقورصو، والجزء الآخر يبقى عرضة للنبش من طرف الكلاب الضالة في المفرغات العشوائية، رغم المشاريع المسطّرة لإنجاز عدد من المفرغات العمومية المراقبة عبر دوائر الولاية في المخطط الخماسي الماضي، التي تعطّلت نتيجة اعتراضات المواطنين ومنها مشروع ثاني لمركز الردم التقني بمنطقة زعاترة بزموري الذي ينتظر هو الآخر التجسيد الفعلي لإيجاد حلولا نهائية لقضية التخلص من النفايات اليومية لعاصمة الولاية والبلديات المجاورة. كما تبقى أيضا مشاريع تثمين قطاع البيئة في الجانب الاقتصادي عن طريق خلق مؤسسات مختصة في عمليات الرسكلة ومعالجة المواد المسترجعة من بلاستيك وحديد تراوح مكانها، ولم تتعد بعض المحاولات المحتشمة التي تتم في إطار الاتفاقات المؤقتة المبرمة مع بعض الخواص وإدارة مركز الردم التقني بقورصو لاستغلال المواد المسترجعة خلال فترة زمنية محددة مثلما كشف عنه مدير البيئة لولاية بومرداس حمزة فارسي في لقاء سابق مع «الشعب». ويمكن القول في الأخير، أنّ موضوع حماية البيئة واستغلال نشاطها في الجانب الاقتصادي لا يتوقف فقط في موضوع النفايات المنزلية والصناعية التي يتم التخلص منها خارج الإطار القانوني وبعيدا عن الأعين، بل إنّ المسألة بولاية بومرداس تتعدى هذا الإطار إلى عملية نهب للرمال خاصة على مستوى منطقة رأس جنات وزموري، وهو ما قد يهدّد التوازن البيئي والطبيعي للمنطقة.