أعطى، المدير العام للوكالة الوطنية لترقية التجارة الخارجية ''الجاكس'' محمد بنيني صورة قاتمة عن التصدير خارج المحروقات الذي لم يبلغ المستوى المطلوب والآمال المعلقة، طالبا تجاوز هذه الحالة بتدابير مرافقة أكثر جادة لا تترك المؤسسات المعنية وشأنها تغرق في اليأس وينتابها القلق والسقوط في وهم اعتبار هذا المشكل لا حل له وأزمة لا مخرج منها. وقال بنيني في ندوة نقاش بيومية ''المجاهد''، أمس، أن وضعية التصدير خارج المحروقات ليست على ما يرام تكشف النقاب عنه الإحصاءات البعيدة عن الطموح مما يفرض اخذ هذا الملف بجدية من زاوية التسلح بالمعرفة والتأهيل والاقتناع بان المسألة تستدعي احترافية من أعلى الطراز وليست مجرد نشاط لتكديس ثروة وإيرادات بأسرع ما يمكن واقلها كلفة. وذكر مدير ''الجاكس'' الذي أشار إلى حالة الحرج في كل حديث عن التصدير خارج المحروقات الذي توجه إليه العناية والأولوية، أن ما تحقق في الميدان لا يبعث على التفاؤل بالمرة، ويعطى الانطباع أننا لم نتقدم خطوة في معركة الرهان على الاقتصاد خارج الريع البترولي سبب الوضعية، والدليل تراجع إيرادات التصدير محل المناقشة والفحص إلى 900 مليون دولار خلال الشهور العشرة الأخيرة من العام الجاري بعدما سجلت من قبل 02 مليار دولار. جاءت نسبة التراجع معتبرة مقدرة ب 40 في المائة بسبب قرار وقف تصدير النفايات الحديدية وغير الحديدية التي تمثل القوة الغالبة في هذا النشاط، وكذا منع تسويق المنتوجات الغذائية المصنعة من المواد المدعمة، وتشمل مختلف العجائن من كسكس ومعقرونة، مما يحتم البحث الجماعي عن كيفية تجاوز الوضعية غير المريحة التي تعد انشغال الجميع، سلطات عمومية ومؤسسات تنشط في هذا الحقل الاستراتيجي. ودعم هذا الطرح رئيس الجمعية الوطنية للمصدرين الجزائريين زهير بن سليم، الذي قال في تقييمه للتصدير خارج المحروقات: ''إننا نعيش بمرارة هذا الواقع الستاتيكي، ونشعر بحرقة كلما تحدثنا عنه، ونتساءل كيف السبيل لتغيير هذه الأرقام الشحيحة وصولا إلى الغاية والهدف''. وأضاف، بن سليم، في رسم منحنى التصدير خارج المحروقات الذي تعتبره الجمعية المنشأة في التسعينيات من الاستعجالات: ''أن المرارة تزداد اكبر لادراكنا لهذا العجز في الذهاب إلى الأبعد في تحسين الوضع وتغييره، والتأقلم مع التحولات الراهنة''. وتساءل، بن سليم، بعد انتقاده الطريقة التي اعتمدت في إقرار الانفتاح الاقتصادي تحت الضغط وبلا تحضير وحسابات الآتي وعواقبه، إلى متى الإبقاء على هذه الوضعية وعدم التحرك الجماعي الفاعل بحثا عن المخرج والبديل. وكيف لا يجند الجميع في هذه السياسة الاقتصادية التي تجعل التصدير إعلان حرب لتسويق السلع والخدمات إلى ابعد الفضاءات التجارية وأقواها تنافسية لا تقبل بالحواجز والحدود عدا حدود النوعية والجودة. وتساءل بن سليم كيف تبقى الأمور على حالها دون تغيير في زمن تواجه مؤسسات التصدير متاعب والكثير منها يعلن إفلاسه وتوقف نشاطه نتيجة المحيط الصعب غير الملائم ونقص آليات الدعم والمرافقة المتوفرة على المهنية دون سواها. ويرى بن سليم أن التصدير الجزائري خارج المحروقات يتقوى وينطلق بالوتيرة المطلوبة عندما تشعر الدولة أنها في حاجة إليه وليس البترول الذي يسيطر على كل نشاط ويوجه السياسة والاقتصاد حيثما يريد ويشاء. وذهب المدير العام للوكالة الجزائرية لضمان الصادرات ''كاجكس'' جيلالي طريقات، إلى الأبعد في تشريح وضعية التصدير خارج المحروقات، وأكد انه بات من الضرورة البحث عن مواقع إستراتيجية للتصدير دون الإبقاء على الواجهة الأوروبية وحدها. وأعطى أمثلة عن الدول الإفريقية المجاورة التي لا يمكن إغفالها في معركة اقتحام المحيط المتغير حبلى بالطوارئ والمفاجأة، خاصة وان هناك فقدان المنتوج الجزائري للكثير من المواقع والحصص بعد تراجع الصادرات للأسباب السالفة الذكر. ويشجع هذا التوجه دخول البنوك إلى الميدان ومرافقتها المصدرين إلى ابعد مدى بعد تحفظ وتردد نتيجة غياب آلية ضمان التي سويت بإنشاء الوكالة الجزائرية ''كاجكس''. وشدد الخبير الاقتصادي مبارك سراي على الاحترافية في التصدير، وقال أن هذا النشاط يفرض مؤسسات محترفة تستثمر في الموارد البشرية الكفأة، وتدرس توقعات الأسواق ومواجهة الطوارئ قبل وقوعها، وكلها مسائل تنتقص لدى المؤسسة الجزائرية التي هي في حاجة ماسة للتأهيل وإسناد الأمور لمن هم اعلم وأدرى بحقائق الأشياء والأخطار أكثر من أي اعتبار آخر. هؤلاء هم الأجدر بإيصال منتوج ''صنع في الجزائر'' إلى ابعد الأصقاع وتسويقه بالنوعية والسعر التنافسي، مكسرين اكراهات الظرف وضغوط المحيط مهما كانت حدتها.