تضاربت، تفاسير العمال، حول قمة الثلاثية التي انعقدت قبل 15 يوما حيث أنه في ظل غياب ندوات صحفية وملتقيات على مستوى المؤسسات والشركات لشرح كيفيات الزيادة إزدادت مخاوف العمال كثيرا لأن انتشار الشائعات زاد من مستوى القلق، وهذا في ظل غياب الاتصال من جهة المركزية النقابية التي لم تكلف نفسها عناء تنظيم ندوة صحفية للخوض في تفاصيل الزيادة في الأجور. اقتصر نشاط شرح قمة الثلاثية على وزير العمل والتشغيل والتضامن الوطني الذي نشط ندوتين في ظرف 10 أيام لشرح المتغيرات الجديدة التي ستحصل على مستوى التقاعد سواء في هذه المرحلة أو في المرحلة التي ستعقب القانون الجديد الذي سيعدل معايير وشروط التقاعد بطريقة تختلف عن الطريقة الحالية التي تسمح لمن بلغ 32 سنة عمل من التقاعد أو الذي بلغ سن الستين. وما يحسب للوزير الطيب لوح هو أنه أجاب على الانشغالات التي تم طرحها من قبل العمال المقبلين على التقاعد والتي تناقلتها مختلف وسائل الإعلام، وهو ما يضمن الحق في الإعلام للمواطن بينما بقيت مختلف الهيئات الأخرى التي لها علاقة بالزيادة في الأجور صامتة، وهو ما جعل التأويلات تكثر دون أن يقتنع أحد بما يجتهد فيه الزملاء لشرح معايير ونسبة الزيادة. وما عدا الأجر الوطني القاعدي الذي ارتفع من 12 ألف دينار إلى 15 ألف دينار عند فئة الوظيف العمومي، فالموظفون الذين كانوا يتقاضون 15 ألف دينار يتساءلون عن نسبة الزيادة وفيهم من يفسر بأن أجره القاعدي سيصعد إلى 18 ألف دينار جزائري ناهيك عن ارتفاع المنح الأخرى آليا إذا ما ارتفع الأجر القاعدي، لكن العديد شككوا في أن تكون الزيادة 3000 دج في الأجر القاعدي بالنسبة للموظفين الذين كانت أجورهم القاعدية تتجاوز 15 ألف دينار. وازداد الضغط والقلق في المؤسسات الاقتصادية العمومية التي لم تتلق بعد 15 يوما من انعقاد الثلاثية نسب الزيادة التي يمكن المناورة معها في الاتفاقيات الجماعية مثل 2006 التي أقرت زيادات بين 5 و 30 بالمائة، لكن هذه المرة الأمور تتميز بالغموض، فمجلس تسيير مساهمات الدولة الذي يشرف على القطاع الاقتصادي العمومي والذي حضر قمة الثلاثية غير أن القطاعات لم تتلق بعد نسب الزيادة من أجل مراجعة الاتفاقيات الجماعية بعد المرور على مفتشية العمل. ويأتي قلق العمال من سياق رغبتهم في تطبيق الزيادات مطلع الشهر المقبل وفي ظل هذه الوتيرة يبقى تجسيد تلك الزيادة أمرا صعبا فيما بعد لأنها تتطلب وقتا لتكييف الزيادات مع الأجور القديمة. وما يبرر كذلك قلق العمال وخاصة على مستوى الوظيف العمومي هو تباطؤ إصدار المراسيم التطبيقية بعد عامين من إقرار التصنيفات الجديدة في الوظيف العمومي وعجزت جل الإدارات عن الانتهاء من صياغة المراسيم النهائية، وهو ما يطرح أكثر من سؤال عن عجز هيئات بأكملها من صياغة المواد التي تحدد الزيادات في المنح والعلاوات لطي نهائيا مشكل أجور الوظيف العمومي. وبالمقابل، باتت الفترة التي تعقب تطبيق الزيادة في الأجور مشابهة للفترات التي أعقبت الزيادات السابقة حيث ترتفع معظم المواد الأساسية وهو ما يجعل الزيادات تجهض، وهو ما يعني الإبقاء على نسبة الضغط الاجتماعي الذي يؤدي للاحتجاجات والإضرابات التي تعرقل السير الحسن لعمل المؤسسات الأساسية، خاصة المدارس والمستشفيات والجماعات المحلية. وعليه، فثقافة الاتصال بين مختلف الهيئات الفاعلة يبقى سمة سيئة لما تفرزه من انتشار للشائعات وكثرة الأشخاص الذين يقومون بتأويل تلك الزيادات على معايير غير مرتبطة بالواقع، وهو ما يجعل التشنجات في الأوساط العمالية تتكاثر، ويذكرني هنا الزيادات التي نشرتها بعض الصحف في وقت سابق وجعلت من بعض الفئات تستفيد من زيادات الأساتذة لم تعرف أبدا الطريق للتطبيق وإلا بماذا نفسر الاحتجاجات التي مست قطاع التربية وهم الذين نشرت أجورهم بالتفاصيل، لكنها لم تطبق.