أكد أمس، الدكتور عبد الكريم خلفان، الأستاذ والباحث في القانون الدولي، أن منظمة الأممالمتحدة ورغم مرور 65 سنة على وجودها، إلا أنها لم تشهد تطورا أو إصلاحات عميقة جذرية، تتماشى والتطورات السريعة التي شهدها العالم طيلة العشريات الماضية، باستثناء تعديلات بسيطة جدا. وأوضح خلفان في الندوة الفكرية التي نشطها مركز ''الشعب'' للدراسات الاستراتيجية بعنوان: ''مجلس الأمن وتحديات السلام العالمي'' أن الجميع متفق على ضرورة إصلاح المنظمة لوجود إختلالات عميقة بين مختلف الأجهزة، خاصة مجلس الأمن الدولي التي أسندت له مهمة حفظ السلم والأمن الدوليين. ستة تحديات تواجهها المنظمة ويتعلق الأمر بالحروب بين الدول وداخلها والفقر والأمراض وتدهور البيئة والأسلحة النووية والإرهاب والجريمة المنظمة، وهي تحديات يقول الباحث أنها لا تزال مطروحة بإلحاح، وتعقدت أكثر مع بروز تحديات دولية أخرى، مما يستوجب أخذها بكثير من الإهتمام في عملية إصلاح ميثاق الأممالمتحدة من خلال تحديث المادتين 108 و109 وكل ما يتعلق بحق الفيتو الذي يبقى حكرا على الدول الأعضاء الدائمة فيه، والتي ستستعمله لحرمان دول أخرى من الإنضمام إلى هذه الهيئة كأعضاء دائمين، وإن كانت تقبل بمبدأ التعديل والإصلاح، إلا أنها تبدي معارضة ضد التوسّع ودخول أعضاء جدد على أساس حق الفيتو، مثلما عبّرت عنه كل من الولاياتالمتحدةالأمريكية وفرنسا في العديد من المناسبات، هذه الأخيرة كثيرا ما لمّحت إلى تأييدها لانضمام دول أخرى، ولاسيما تواجد الدول الإفريقية التي أقصيت في الماضي، لأنها كانت محتلة، دون الإشارة إلى أحقيتها في التصويت من عدمه. ومن جهة أخرى، أشار المحاضر إلى أن المنظمة الأوروبية التي تحوز على صفة الملاحظ تسعى من خلال إندماجها الحصول على مقعد دائم لدى مجلس الأمن، في حين أن الموقف الإفريقي الذي ظل متماسكا منذ سنة 2005 أيد فكرة التواجد الإفريقي في المجلس بعد المعاناة الطويلة التي عرفتها القارة وغيابها عن المساهمة في صنع القرارات على مستوى المنظمة الأممية، وهو ما عبّر عنه الوزير الجزائري المنتدب السيد عبد القادر مساهل لدى تطرقه إلى موضوع إصلاح المنظمة، ويضاف إليه، مواقف ممثلي الجزائر في المنظمة الأممية المؤيدة لإعادة النظر في الآليات الحالية، بحيث يسمح بإعادة تنظيم عادل ومراقبة القواعد التي تعمل بها المنظمة وفق معايير الشفافية. واعتمد الباحث في تحليله على مجمل التقارير الصادرة منذ عام حوالي عشر سنوات والتي تجمع على أن المنظمة أثبتت فشلها في مجالات متعددة، خاصة ما ورد في تقرير الأخضر الإبراهيمي الصادر في سنة 2000 والذي يرى في الهيئة الأممية آلة ثقيلة يصعب تحريكها بعد أن برهنت على فشلها في إقرار العدالة وبرهن مجلس حقوق الإنسان على محدوديته، مثلما بدا للباحث في تعامل المنظمة مع كارثة زلزال هايتي مؤخرا. وانطلاقا من التقارير التي تحدث عنها الباحث، تختلف التحديات الحالية عن سابقاتها، بعد أن أصبح التهديد لا ينتج عن الحروب، وإنما عن حالات أخرى أصبحت محصورة في أطر جغرافية، لكن آثارها قد تمتد إلى خارج هذه الأطر، مثلما حدث في السودان والصومال ورواندا... أو تعطي المنظمة لنفسها حق التدخل في ما تراه إنقاذا للديمقراطية، كما هو الحال بالنسبة لهايتي والكونغو والصومال.. لتبرهن المنظمة مثلما يرى خلفان على تعاملها الإنتقائي مع بعض الدول. وتغيرت مجالات تدخل المنظمة، حسب المتدخل، في حالات عديدة بعد أن ظهرت معطيات أخرى قد تهدد السلم والأمن الدوليين مثل منع وصول المساعدات الذي سيؤدي إلى توسيع الكارثة الإنسانية أو بروز أشخاص جدد في القانون الدولي، أطلق عليهم ''بالأشخاص الإنتقاليين، وهو عادة من المعارضة وقد يصلون في يوم ما إلى سدة الحكم في بلدانهم، فضلا عن الكيانات الأخرى غير الحكومية، والتي من خلالها يتدخل مجلس الأمن خلال التفاوض، وقد يتم التدخل عبر العدالة الجنائية من خلال تأسيس محاكم جنائية خاصة، مثلما حدث في السيراليون ولبنان وبانتقائية يقول المحاضر، حيث لم يفعل مجلس الأمن ذات الأمر بعد مقتل بينازير بوتو. ويعتبر الأستاذ خلفان أن مجلس الأمن فشل في إعطاء تعريف للإرهاب، ومع هذا، فإن المنظمة بجميع نقائصها والانتقادات الموجهة لها، يبقى وجودها ضروريا، لكن يجب التفكير في إصلاحها على نحو يضمن التمثيل والمساواة والسيادة وأن تأخذ بعين الإعتبار كل المستجدات التي طرأت على العالم منذ سقوط جدار برلين، خاصة فسح المجال لدخول دول أخرى في إطار الإصلاح الذي يمتد إلى غاية .2020