أكد الأستاذ الباحث في القانون الدولي كريم خلفان، بثبوت الفشل الواضح لمنظمة الأممالمتحدة على جميع المستويات، لاسيما التقهقر المتجدد في تحقيق السلم والأمن العالميين، مستدلا ب 12 تقريرا دوليا يؤكد ذلك، لافتا إلى أنه رغم كل النقائص تبقى المنظمة الأممية قائمة، مع ضرورة التفكير الجدي في إدخال إصلاحات عليها بطريقة تضمن المساواة في السيادة بين جميع الدول والأخذ بعين الاعتبار المعطيات الجديدة التي يعرفها العالم. استعرض الأستاذ خلفان في المحاضرة التي ألقاها أمس بمركز جريدة الشعب للدراسات الإستراتيجية تحت عنوان »مجلس الأمن وتحديات السلام العالمي«، أن منظمة الأممالمتحدة رغم المهام الكبرى التي أسندت إليها لم تشهد تطورات وإصلاحات عميقة وجذرية منذ تأسيسها في 1945 باستثناء تعديلات وإصلاحات صغيرة وشكلية، مضيفا »مسار الإصلاحات للمنظمة الأممية جعلها تستأثر سلطة التقدير عن سلطة التقرير وهو ما زاد في فشلها«، وقال أن الدول الكبرى تتشبث بمبدأ الإصلاح لكن على طريقتها، بما يضمن لها الحفاظ صلاحياتها، وهذا غير معقول كما قال. وحرص الأستاذ خلفان على إبراز أهمية مجلس الأمن الدولي الذي تأسس في مرحلة حرجة من أجل حفظ السلم والأمن العالميين، والذي يقوم أساسا على مبدأ »حق الفيتو« الذي تمتلكه خمسة دول فقط، مشيرا في هذا السياق إلى أن هذا الحق المخول لهذا العدد المحدود من الدول الكبرى في العالم جعل منه أداة في يدها ولكن حول عن هدفه الأساسي القاضي بدعم حقوق الإنسان، مشددا على أن العالم اليوم يشهد موازين قوى جديدة غير تلك التي كانت تحكمه من قبل، لاسيما بعد سقوط جدار برلين وبعد حرب الخليج الأولى والثانية التي أفرزت مستجدات أخرى وفرضت تحديات من نوع جديد يجب رفعها وإيجاد حلول لها. أما على صعيد نضال الدول النامية للظفر بمقعد دائم وحق الفيتو، فقال المحاضر أن محاولات هذه الدول التي لا تملك مقعدا دائما تبقى دون المستوى المطلوب، ولكن التشبث بالمقترحات التي تتضمن إصلاحات للمنظمة الأممية بصفة عاجلة، يمكن أن تشكل ضغطا على الدول الكبرى، واستدل بالإرادة القوية للدول الإفريقية الرافضة للإقصاء من خلال الاتحاد الإفريقي، بحجة أن معظمها كانت تحت وطأة الاستعمار حين تم تأسيس المنظمة وهو بمثابة إنكار لحقها المشروع، وهنا انتقد خلفان الموقف الغامض الذي تتخذه الدول الكبرى التي تؤكد ظاهريا أنها موافقة على انضمام دول أخرى لمجلس الأمن وفي نفس الوقت لا تحدد طبيعة وأبعاد هذه العضوية. وعرّج الأستاذ خلفان في هذا المنحى على موقف الجزائر المتماسك حيال حق الدول في الانضمام لمجلس الأمن، منتقدا سوء التمثيل والإجحاف الحاصل في حق الدول الإفريقية، وداعيا إلى إعادة النظر في عمل المنظمة وهياكلها بطريقة شفافة تسمح بمراقبة أعمال المجلس التي من المفروض أن تصب في إطار مبادئ المنظمة لا لصالح حسابات ضيقة وأغراض دولة واحدة محضة، مؤكدا أن تهديد السلم والأمن العالميين لا تضطلع فقط بالحروب بل أيضا من خلال الاختراق الواضح للمنظمة لحقوق الإنسان التي ترافع من أجلها. وتطرق المتحدث إلى الانتقائية التي تتعامل بها منظمة الأممالمتحدة لاسيما فيما يتعلق بإنشاء المحاكم الخاصة التي هي سليلة محكمة العدل الجنائية، بالإضافة إلى إدخال الدفاع الشرعي الاستباقي مباشرة بعد هجمات 11 سبتمبر، بالرغم من ثبات أي أساس لها من الصحة في القانون الدولي، مشيرا إلى الإفراط في استخدام المنظمة الأممية للقوة في حل بعض القضايا والنزاعات العالقة إلى أنها أصبحت طرفا في هذه النزاعات وانحرفت بذلك عن مهمتها الأساسية المتمثلة في فكها وهو الأمر الذي يستدعي التفكير في قوانين دولية جديدة فاعلة تحدد دور المنظمة بصفة واضحة.