تمكن المنتخب الوطني الجزائري لكرة القدم من إظهار صورة الجزائر الحقيقية بعد تجاوز مرحلة الإرهاب فصور احتفالات الشعب الجزائري بفوز منتخبهم الوطني عقب كل لقاء باتت تستقطب جميع وسائل الإعلام العالمية بعد أن كانت تلك الوسائل لا تنشر إلا أخبار الدم والقنابل عن الجزائر وكأن بلدنا خلق من أجل المصائب والبكاء والنواح وهو ما رسخته العديد من القنوات التلفزيونية العالمية وكبريات الصحف الغربية على وجه الخصوص بأن الجزائر قاعدة للإرهاب وفقط ولكن التاريخ كشف هؤلاء ومن غرائب الصدف أن بعض القنوات الفرنسية التي تتسبب حسب الأمريكيين والبريطانيين في تسويد صورة الجزائر هي التي كانت وراء نشر صور المنتخب الوطني الجزائري الذي تعرض للاعتداء في القاهرة وبفضل مانالته من شهرة بسبب السبق إلا أنها كانت وراء استقطاب الرأي العام العالمي لمساندة الجزائر في تلك الظروف ونجزم بأن هيئة بلاتير لم تكن لتتحرك لولا الهبة العالمية التي ضغطت بقوة من اجل إنصاف المنتخب الجزائري. وزادت موجة الاحتفالات بتأهل الخضر لكأسي افريقيا والعالم 2010 وخاصة تلك التي كانت عند استقبال زملاء مغني بعد عودتهم من موقعة أم درمان بالسودان في 18 نوفمبر الماضي نقطة تحول في وسائل الإعلام الأجنبية ونظرتها للجزائر فبعد أن كانت تحذر من السفر للجزائر قامت وسائل الإعلام العالمية بإنزال لأخذ صور الاحتفالات وبيعها لكبرى وكالات الأنباء العالمية التي تحدثت لأسابيع عن فرحة الشعب الجزائري بتأهل منتخب بلاده. وما جلب اهتمام الإعلاميين هو خروج الجاليات الجزائرية في جميع العواصم العالمية للاحتفال بنجاح بلادهم واكتشفت مختلف شعوب العالم حب الجزائريين للحياة وقيمة النجاح التي لم تعد مقتصرة على الأوربيين فالجزائريين كعرب أثبتوا بأن الدول العربية والإسلامية بإمكانها الوصول للعالمية والإبداع في مختلف المجالات إذا توفرت الظروف الملائمة وبإمكانها أن تنافس أقوى الدول في كل المجالات. فمن لندن إلى باريس مرورا بمدريد وروما وحتى برلين ونيويورك ودبي وعمان وتونس صنع الجزائريون صورا جميلة جدا نقلتها الفضائيات وهو ما جعل العالم ينسى ولو لأيام أخبار وصور الحرب والدمار التي تحدث بالعراق وأفغانستان وفلسطين وغيرها من بؤر التوتر في العالم كما صنعت مشاركة مختلف شعوب العالم الجزائريين فرحتهم زاد من توطيد العلاقة بين الجزائر ومختلف الدول بما فيها الغربية التي قام العاملون بالسفارات بنقل تهانيهم للشعب الجزائري وتمنوا لو تتواصل تلك الأفراح لأن الجزائر تستحق كل الخير بالنظر لمواقفها المتزنة والعادلة وهي محطة كانت لنقد الذات بالنسبة للعديد من المتربصين بمصلحة الجزائر. الكرة والدور الدبلوماسي ستكون مشاركة الجزائر في كأس العالم 2010 في جنوب افريقيا بأبعاد مختلفة فمن الناحية السياسية سيعكس حضور الجزائر مدى المجهودات المبذولة من الدولة لإرجاع الجزائر إلى مكانتها السابقة وستكون كرة القدم سفيرة الدبلوماسية الجزائرية في جنوب افريقيا خاصة وإنها ستقابل الولاياتالمتحدةالأمريكية وهي المباراة التي ستكون لها أكثر من معنى فالجزائر التي ستمثل العرب لوحدها ستحمل على عاتقها ألآم وويلات الشعب العراقي وآهات غزة وفلسطين والقدس وغيرها من أوضاع المسلمين والعرب الصعبة في العالم للتأكيد لأمريكا بأننا شعوب طموحة وإنسانية تهوى الحياة وحب النجاح وسيكتشف الشعب الأمريكي وسلطاته مدى تحضر الجزائريين بعد أن حاول البيت الأبيض تسويد سمعة بلادنا من خلال إدماج رعيانا في القائمة السوداء للدول التي تقبل رعاياها على دخول بلاد العم صام. وسيرد شعب جنوب افريقيا على الولاياتالمتحدةالأمريكية وسلوكها تجاه الجزائر لأنه من ذاق عذاب العنصرية و''الأبرتايد'' لم يجد أمامه سوى الجزائر التي قامت بمجهودات جبارة في تحرير جنوب افريقيا من نظام الرق والعبودية حيث سيرد ''البافانا بافانا'' خير الجزائريين وسيساندوننا من دون شك بكل قوة ضد كل المنتخبات التي تلعب ضدنا. والجزائر بهذا ستثبت للعالم بعد موقعة أم درمان عن مكانتها الدبلوماسية في مختلف أوساط الشعوب المظلومة والتي عانت الويلات وسنعرف من سيصفر عليه ومن سيلقى الترحاب في جنوب افريقيا ولا يستبعد أن توجه دعوة رسمية للرئيس عبد العزيز بوتفليقة لحضور حفل الاحتفال برفقة الزعيم نيلسون مانديلا الذي يكن كل الاحترام والتقدير للشعب الجزائري. وعليه فالمنتخب الوطني لكرة القدم سيكون أكبر من أن يكون مجموعة رياضية بل سيحمل الكثير من الضغوطات مستقبلا لأنه واجهة البلاد ونبراس النجاح هذه القيمة الاجتماعية التي أصبح البعض لا يتحدث عنها في المجتمعات العربية والإسلامية. ''الخضر'' قيمة مضافة للاقتصاد الوطني أصبح المنتخب الوطني لكرة القدم قيمة مضافة للاقتصاد الوطني حيث تمكن في ظرف اقل من سنة من تحقيق عائدات بأكثر من 20 مليون دولار كأموال سبونسورينغ في انتظار ما ستمنحه ''الفيفا'' جراء مشاركة المنتخب الوطني لكرة القدم حيث ستجني الجزائر حوالي9 ملايين دولار كأدنى مبلغ جراء تأهلها وسيتضاعف المبلغ في حالة التأهل إلى أدوار أخرى متقدمة. وسمح تألق المنتخب الوطني بازدهار تجارة الملابس الرياضية حيث وجد الشباب البطال ملاذا لكسب ارزق وافراح مختلف شرائح المجتمع أقمصة وبدلات محاربي الصحراء وهذا بعد عقود من سيطرة علامات كبرى الأندية الأوروبية والعالمية على ذهنيات الشباب. كما استفادت الوكالات السياحية والخطوط الجوية الجزائرية من امتيازات عديدة جعلتها تنتعش بقوة بعد سنوات من الركود وسيتواصل الأمر على ما هو عليه حتى شهر جوان من هذه السنة لتلبية طلبات جماهير ''الخضرا'' الذين سيتوافدون بقوة على بلاد الرئيس جاكوب زوما الذي أعطى أوامر بتسهيل تنقل أنصار جميع أنصار المنتخبات المتأهلة لكأس العالم ومنها الجزائر. كما كان للسياحة نصيبها من تأهل المنتخب الوطني حيث لقيت الصحراء الجزائرية إقبالا منقطع النظير من السياح الأجانب وكان للاحتفالات عقب التأهل دورا ايجابيا في تحسين صورة الجزائر التي لطخها الإرهاب والمتآمرين عليها.