أشارت تقارير تقييمية حول عدد ساعات الدراسة في المؤسسات التربوية تراجعا ملفتا للانتباه بنسبة استفادة التلاميذ من الدروس المقررة خلال الفصل الأول من الموسم الدراسي الحالي، التي قد تصل إلى النصف في البعض من المؤسسات بسبب عاملين أساسيين أهمها ارتفاع حدة الاضراب التي ميزت الفصل المنصرم، ثم الاهتمام المتزايد بالحدث الكروي الذي تزامن مع فترة الاستجوابات والاختبارات. ولأن نسبة الغيابات فاقت في العديد من المؤسسات التربوية معدل 3٪، مما يعني دق ناقوس الخطر، فلم تجد وزارة التربية من سبيل للتخفيف من حجم التأخر المسجل منذ بداية السنة الدراسية سوى إلغاء بعض العطل القصيرة جدا التي كانت الأولى، مقررة بدءا من يوم غد إلى غاية الثلاثاء صباحا، أي يومان فقط، والثانية من نهاية أفريل إلى بداية ماي القادم وبنفس الحجم أي يومان فقط. إلغاء العطلتان القصيرتا المدى التي أثارت غضب معلمي وأساتذة المؤسسات التربوية جاءت لتعويض ساعات التأخر الطويلة التي أفرزتها اضرابات نقابات عمال التربية، والتي تبقى في واقع الأمر بعيدة جدا عن الاستدراك الحقيقي الذي سبق وأن فرضته الوزارة بالاتفاق مع النقابات عقب اضراب نوفمبر الطويل، وتبين أنه لم يجد نفعا في ظل الاكتظاظ الذي يعاني منه التلاميذ في الحالات العادية خاصة بالنسبة لنظام الدوامين والذي كان في الأصل أحد الأسباب المدرجة في قائمة احتجاجات قطاع التربية عموما. وزارة التربية الوطنية بقراره إلغاء هذا النوع من العطل التي أضيفت السنة الحالية ضمن النظام الجديد للعطل الرسمية والإبقاء على تلك التقليدية أي الاسبوعان المقرران ما بين مارس وأفريل، إنما تريد أن يستفيد التلاميذ من يومي عطلة الشتاء الثانية الملغاة، قبل شروع نقابات عمال التربية في اضراب آخر مقررا في 16 فيفري الجاري، كما أعلن عنه مؤخرا، لنفس الأسباب التي أدت إلى اضراب نوفمبر الماضي، ولمدة أسبوع مثلما قررته نقابة »الكنابيست«، ومن المحتمل جدا أن ينضم إليها مجلس أساتذة التعليم الثانوي »الكلا«، حسب ما صرح به الأمين العام للكنابست السيد مزريان مريان في اتصال هاتفي معه أمس الذي أوضح أن الاضراب المقرر قابلا للتجديد في حالة ما إذا رفضت الوزارة الرد على المطالب المرفوعة إليها، وخاصة ما تعلق بنظام التعويضات ملحا على ضرورة انتهاج أسلوب الشفافية في التعامل مع المضربين والاسراع في ابلاغهم بمحتوى عمل اللجنة الوزارية التي كلفت ببحث ودراسة واتخاذ القرار المناسب. واعتبر مزيان مريان أن تأخر الوزارة في الرد يندرج في إطار ما وصفه بسياسة الهروب إلى الأمام ربحا للوقت وهذا لن يخدم قطاع التربية، مضيفا أن النقابيين هم بالدرجة الأولى أساتذة ومعلمين وأولياء تلاميذ، والقاعدة تحتم عليهم المضي في هذا الاتجاه إلى أن تتحقق المطالب التي تصب جلها في اتجاه رفع مستوى المعيشة وتطبيق سياسة عادلة في الأجور التي وصفها بأنها سلبية خاصة إذا ما قورنت بأجور موظفين آخرين كنواب البرلمان الذين يتقاضون أكثر من 33 مليون في حين أن الأجر القاعدي المضمون، لا يتعدى 000,15دج. ومن جهة أخرى، نفى نفس المتحدث أن يكون للاضراب طابعا سياسيا، لأن مطالب الموظفين شرعية واجتماعية مهنية بحتة هدفها تحسين مستوى معيشة عمال القطاع ووجه مزيان مريان نداء إلى ممثلي أولياء التلاميذ للوقوف إلى جانبهم من خلال الضغط على الوزارة لأخذ مطالبهم بعين الاعتبار، وكانت فدرالية أولياء التلاميذ قد أعلنت أنها ستتدخل في حالة التوقف عن الدراسة هذا الأسبوع ليس أمام الوزارة التي يبدو أن الأمور قد تجاوزتها بعد عجزها عن توقيف الحركات الاحتجاجية التي باتت تهدد الدراسة من شبح السنة البيضاء، بل لدى أعلى هيئة في البلاد أي رئاسة الجمهورية قصد إيجاد مخرج لهذه الأزمة.