هزيمة مالاوي عادية .. لكن من الصعب على الجمهور الجزائري تقبلها يكشف النجم الفكاهي، صالح أوقروت، في هذا الحوار عن رغبته الجامحة في مشاهدة نصف نهائي عربي من جديد بين المنتخب الجزائري ونظيره المصري خلال كأس أمم افريقيا الجارية بأنغولا، وتعود الغلبة فيها للخضر، وهو ما اعتبره أحسن رد على المصريين، بل العلاج الأمثل لإسكاتهم بصفة نهائية، مؤكدا في ذات السياق أن المنتخب الجزائري يملك كل المؤهلات لتخطي الدور الأول بسلام، وبلوغ الأدوار النهائية من المنافسة. كيف يقيّم صويلح المشوار الحالي للخضر في نهائيات أمم افريقيا، وهل أنت راض عن الأداء؟ أتابع مباريات الخضر في "الكان" باهتمام كبير، شأني في ذلك شأن كل مواطن جزائري غيور على بلده، ويحب دوما أن ترفرف الراية الوطنية عاليا، وأتمنى دائما الفوز لبلدي ليس في الرياضة أو بالأحرى في كرة القدم فحسب، بل في جميع المجالات السياسية والاقتصادية، وغيرها من المجالات. كيف كانت ردة فعلك بعد الهزيمة المفاجئة أمام مالاوي، وغير المتوقعة بالنسبة للجمهور الجزائري؟ هزيمة مالاوي أعتبرها جد عادية، خاصة أن كرة القدم ليست نفقا مخصصا للفوز فقط، بل يشمل أيضا الهزائم والتعادلات، وأظن أن ردة فعل الشارع الجزائري تجاه هاته الهزيمة كانت جد منطقية، لأن كرة القدم تعد مصدر سعادة الجزائري .. لذلك، كان من الصعب على جمهورنا تجرع مرارة الخسارة. الناخب الوطني برّر الهزيمة الأولى بقساوة العوامل المناخية، خاصة الارتفاع المحسوس في درجة الحرارة ونسبة الرطوبة .. هل تشاطره الرأي في ذلك؟ سعدان كان محقا، وكما يقال في الأثر: "ما يحس بالجمرة غير اللي كواتو" .. فاللاعبون يومها لعبوا تحت حرارة عالية، وكانوا يسعون لتشريف الألوان الوطنية، في وقت كنا نشاهد فيه اللقاء في ظروف يسيرة، وهناك من كان يحتسي الشاي غير مبال بمعاناة الأبطال أو المحاربين. القنوات المصرية شمتت منا بعد هزيمة مالاوي، واعتبرتها انتقاما ربانيا لما فعله الجزائريون في موقعة أم درمان؟ كل جزائري يأمل أن يكون فريقه الأحسن في الدورة، وأظن أن الفوز الذي لا غبار عليه للخضر في موقعة أم درمان لا زال يؤثر على المصريين، وأعتبر الأمر أكثر من عادي، ولا تفاجئني ردة فعل الفراعنة، وبودي إضافة شيء آخر. تفضل.. كنت سأفاجأ من ردة فعل المصريين لو التزموا الصمت أو حزنوا لهزيمتنا .. لذا، يجب أن نظهر لهم قوتنا وتحضرنا .. "إذا ضربونا بالحجر، لازم نضربوهم بالتفاح"، وإخماد النيران يكون دائما بالماء وليس بالبنزين، لأن تواصل الأمور على نفس المنوال قد يؤدي بنا إلى ما لا يحمد عقباه. ما هو أحسن سيناريو ممكن أن يفعله الخضر خلال هاته الدورة؟ المرور إلى الدور الثاني، وبلوغ المربع الذهبي، ويواجهون المنتخب المصري ونفوز عليهم مرة أخرى. إذن، لماذا تصر على نصف نهائي جزائري مصري؟ مواجهة الجزائر لمصر في الدور نصف النهائي ستكون فرصة لنفرض فيها منطقنا على الفراعنة مرة أخرى، ونسكتهم بصفة نهائية، فإذا كانت حجة المصريين في موقعة أم درمان هي الطائرات التي أوفدتها السلطات الجزائرية لنقل الجمهور إلى السودان من أجل مناصرة الخضر، وكذا ادعاءاتهم الكاذبة باستعمال هاته الجماهير الأسلحة البيضاء، لن يجدوا ما يحتجون به في أنغولا، وفوزنا عليهم سيقضي على ادعاءاتهم، ويجعلهم يتبنون الصمت بصفة نهائية. المحلل التونسي لقناة الجزائر طارق الدياب قال إن 90 بالمئة من الشعب المصري ينتظرون الخروج المبكر للجزائر من نهائيات أمم افريقيا، ما هو تعليقك؟ أعتبر هذا الأمر "قباحة"، وأن النار لا تخمد بالبنزين، بل بالماء، لأن الدخول في مثل هاته المتاهات سيجعلنا مثل النساء في الحمام "نبداو نتعاطاو" .. لذا، فإن الرد الأمثل يكون دائما بالسكوت حتى نكون عبرة يقتدى بها. يقال أيضا إن نسبة كبيرة من العرب كانوا يتمنون الخروج المبكر لمصر .. هل توافقهم الرأي؟ من فضلك لا تحرجني أكثر، لأن مثل هاته الأسئلة ستزيد الطين بلة، ويجب أن نلطف الأجواء ولا نشحنها من جديد. الخضر سيواجهون أنغولا غدا في مباراة تعد بالكثير، ويكون عنوانها بالنسبة لكتيبة سعدان الخطأ ممنوع، ما هي تكهناتك لهاته المواجهة؟ الخضر سيواجهون منتخب البلد المنظم للدورة، حيث سيكون مدعوما بجماهيره التي ستتعدى 70.000 متفرج، لكن هذا لن ينقص شيئا من عزيمة المنتخب الوطني، وآمل أن يكون النصر حليفنا .. وفي حال التعثر "ما رانيش رايح نندب حناكي"، لكن ثقتي كبيرة في هذا الفريق الذي تعوّد على رفع التحدي في أوقات العسر، لكن ثقتي كبيرة في أشبال سعدان، الذين لن يخيبوا آمالانا وسيرفعون التحدي كعادتهم، مثلما فعلوها من قبل في موقعة أم درمان، التي ستظل شاهدا على حبهم للألوان الوطنية. نعود إلى الجانب الفني .. هل أنت بصدد تحضير شيء للجمهور متعلق بالخضر؟ السوق الجزائرية باتت ممتلئة بأغاني الخضر .. لذا، فضلت صرف النظر عن خوض تجربة مماثلة لن يكون لها معنى كبير، ولو فكرت في تقديم شيء من هذا القبيل، فسيشمل الرياضة الجزائرية بصفة عامة، أي أفضل التريث قليلا حتى أقوم بعمل جيد يعجب المشاهد، ويكون وحيدا من نوعه .. فالجودة تغلب الكم في ميدان الفن. ما هو تعليقك على الاعتداء المسلح الذي طال منتخب الطوغو قبل بداية كأس أمم افريقيا؟ أمور مماثلة كانت متوقعة، خاصة في بلد يعاني من انعدام الاستقرار من الناحية السياسية، مثلما عانته الجزائر خلال التسعينيات (العشرية السوداء)، وأتمنى أن تتحسن الأمور بالنسبة لهذا البلد، وتعود الأمور إلى نصابها. الناخب الوطني "تدمر" من ردة فعل رجال الإعلام عقب هزيمة مالاوي، واصفا إياها بالمؤامرة .. ما رأيك في ذلك؟ هو مجرد كلام ليس إلا، لأن "الصح في الميدان"، وعلى سعدان تجاهل مثل هاته الأمور، ويجب على الجمهور الجزائري ورجال الإعلام أن يقفوا وراء هذا المنتخب الذي أثلج صدورنا من قبل .. لذا، يجب أن لا ننكر الجميل، وأن نقف وراءه في السراء والضراء، كما يجب على المسؤولين التحرك، لأن من واجبهم حماية هذا المنتخب. هل من توضيح من فضلك؟ كل ما يقال هنا وهناك هو مجرد سحابات صيف عابرة لن تؤثر على معنويات الناخب الوطني، ولا حتى على اللاعبين، لأن الواقع شيء مغاير تماما، والرد الأمثل على هاته الإشاعات يكون فوق الميدان. ما رأيك في أداء الخضر في المباراة الثانية أمام مالي؟ المنتخب الوطني أمام مالي عاد إلى مستواه المعهود، وأبان عن إمكانياته الحقيقية، وتموقعه الجيد فوق أرضية الميدان، والأداء الرجولي للاعبين الذي كان سما قاتلا للمنتخب المالي، الذي لم يجد ضالته يومها، وأتمنى أن يظهر الخضر بنفس المستوى في مواجهة أنغولا. أين يشاهد صويلح مباريات "الكان"؟ أتابعها مع "أولاد الحومة"، لأنني وكما تعلمون أعيش رفقة زوجتي فقط في المنزل، وهاته الأخيرة لا تفقه الكرة .. لذا، لا أريد أن أتابع المباريات منعزلا، وفي المقابل أفضل مشاهدتها مع الأصدقاء لكي تكون هناك حماسة وإثارة، كما أفضل رؤية ردة فعل الآخرين وهم يتجاوبون مع المباراة، فهناك من يعظ أنامله من شدة القلق، والبعض الآخر ينفعل بشدة، كل هاته الأمور تحفزني على متابعة المباريات جماعيا. ما هي أجمل مباراة تابعتها لحد الساعة في "الكان"؟ أعتقد أن المنافسة لا تزال في بدايتها، ولا يمكن الحكم على أي فريق وتفضيله عن فريق آخر، وسأؤجل حكمي على المنتخبات إلى غاية الأدوار النهائية، لكن الشيء المهم خلال هاته الدورة هو حدوث بعض المفاجآت بالنسبة للفرق الكبيرة، على غرار فوز الغابون على الكاميرون أو خسارتنا أمام مالاوي، وهو ما يعطي نكهة أخرى لهاته المنافسة. وما هو أجمل هدف لحد الساعة؟ الهدف الثاني لمنتخب كوت ديفوار أمام غانا، وأعتبره "فور بزاف" من اللاعب سيان، الذي باغت حارس غانا بمخالفة مباشرة، ولا أروع ولا أجمل، وأتمنى أن نشاهد مثل هاته الأهداف طيلة الدورة حتى نستمتع أكثر فأكثر ونستنشق كرة القدم، لا سيما بوجود بعض النجوم في هاته المنتخبات، على غرار دروڤبا، مايكل إيسيان، فضلا عن نجوم المنتخب الوطني. هل مارس صويلح كرة القدم من قبل؟ كنت لاعبا في فريق اتحاد البليدة، وحملت الرقم 11، أي ظهير أيسر، مع الفئات الصغرى لهذا الفريق العريق رفقة كل من بربار والحارس فتال، وغيرهم من اللاعبين آنذاك، وكانت الكرة وقتها "على ديدانها"، حيث كان الجميع يستمتع باللعب الجميل، خاصة بوجود لاعبين من الطراز العالي، لعبا وخلقا، على غرار فريحة من مولودية وهران، عكس الوقت الحالي أين طغت لغة المادة على كرة القدم، وهو ما أفقد هذه الأخيرة نكهتها. لماذا لم تواصل مسيرتك مع الفريق أو بالأحرى ما هو سبب تطليقك كرة القدم، وتوجهك نحو المسرح والفن؟ ميولي للمسرح والفن جعلني أطلق ميادين كرة القدم، لأنني تيقنت وقتها أن إبداعي في هذا المجال سيكون أحسن وبنسبة كبيرة. هل صويلح من بين الأشخاص المولعين بالذهاب إلى الملعب ومشاهدة لقاءات البطولة؟ يا أخي "ما نروح للملعب، ما ندير القطن في وذني" .. لذا، أفضل في المقابل مطالعة الكتب، خاصة مع الجيل الحالي الذي بدا تائها، خاصة مع غياب مرشد يدله على الطريق الصحيح، فلو قارنّا كرة القدم والذهاب إلى الملاعب من قبل لنجد أن الأمور تختلف تماما. هل من توضيح من فضلك؟ سابقا، كانت هناك قيم للرياضة وأخلاق واحترام، حيث كنا نذهب إلى الملعب لمشاهدة اللعب الجميل والفنيات، خاصة خلال الداربيات العاصمية مثلا بين مولودية الجزائر واتحاد العاصمة، عكس الوقت الحالي أين أصبحت جميع المباريات مليئة بالشحنة بين الأنصار، وكأن الأمر يتعلق بحرب وليس بمباراة في كرة القدم، لأن المغزى من كرة القدم أصبح تجاريا محضا، والأجواء المشحونة التي نجدها في الملاعب تحتم علينا تفادي التنقل إلى هناك، حتى "ما نوسخوش وذنينا"، كما أنه يصعب اصطحاب الأصدقاء أو حتى الأبناء إلى الملعب الذي قد تكون آثاره عكسية ولا تجدينا نفعا. من ترشحون للفوز بالتاج الافريقي؟ ستجبرني على الإجابة بمشاعري، وأقول المنتخب الجزائري، لأن دمي جزائري وتفكيري كذلك .. لذا، أفضل أن يكون التتويج تابعا لكل هاته الأمور، وهو ليس بالأمر الصعب .. فالإرادة تخلق المعجزات، وأتمنى أن تخلق المعجزة، ويعود الخضر بالتاج الافريقي من أنغولا، وأتمنى أن تتواصل الإنجازات حتى في كأس العالم. ألا تظن أن الأمور ستختلف في المونديال؟ كل شىء وارد، مادام أن الإرادة حاضرة .. وبصفتي جزائريا، من حقي الدفاع عن منتخب بلادي، وأحلم ببلوغه أعلى المراتب، وبلوغ أكبر الإنجازات. هل من كلمة أخيرة؟ أتمنى أن تتألق الكرة الجزائرية، والرياضة بصفة عامة، وتصل إلى ما هو أرقى، وأن تكون الجزائر في الواجهة الدولية أو القارية، والجزائر أولا ودائما وإلى الأبد.