عبد الرحمن بن خلدون، اشتهر في علمي التاريخ والاجتماع، وعرف بمقولة: "المغلوب مولع بتقليد الغالب".. مساء أمس، بعد مشاهدتي للقاء الحراش مع المولودية على شاشة التلفاز(0-0)، فتّشت كتاب ذاكرتي، وقلّبت أوراق ذكرياتي، وراجعت ما علق فيهما من السّمين، فلم أجد غير نظرتنا، كجزائريين إلى بعض مدربينا في الظرف الحالي لأسقط عليها تلك المقولة.. تساءلت مع نفسي: لماذا نضع ثقتنا دائما في المدرب الأجنبي، ولا نضعها إلا على مضض في المدرب المحلي؟.. لماذا نبحث عن التعاقد مع مدرب أجنبي كما لو أنه يملك الحلول السحرية، أو عصى موسى، أو خاتم سليمان، بشكل يجعلك تعتقد أن المدرب المحلي لا حول له ولا قوة؟.. لماذا نحبّذ خبرة الأجنبي ولا نفتش عن تجربة المحلي؟.. هل يمكن للأجنبي أن يحسن التعامل مع عقلية اللاعب الجزائري في الوقت الذي لا أحد يدرك تلك العقلية أحسن من المدرب المحلي؟.. كيف يمكن للأجنبي أن يفرض منطقه وذهنيته ومنهجيته على اللاعب المحلي مع أن النتائج ليست مضمونة في كل مرة، بسبب مقولة تشير إلى أن "الطبع يغلب التطبع"؟.. هل يمكن لأجنبي أن يصلح ما أفسده الدهر، وهو غير مدرك لحقيقة الواقع؟.. سمعت كلمة قالها المدرب الوطني رابح سعدان ذات يوم: "الجزائريون يحقروا بالعين" فقلت: صح، كاين منها.. قد يقول قائل: لماذا ينجح بعض المدربين الأجانب في البطولة الوطنية، في حين يفشل بعض بني جلدتنا في نفس الفريق؟.. الجواب: مسيرونا، سامح الله بعضهم، يجرون في كل اتجاه لتوفير ما يطلبه المدرب الأجنبي في الحين، فأوامر أصحاب الشعور الصفراء والعيون الزرقاء والأسماء الغربية لا تحتمل التعجيل أو التعطيل.. لماذا لا نوفّر للمدربين نفس ظروف العمل قبل أن نحكم عليهم؟.. لماذا نفاضل بين الصنفين، وتكون الأمور في غير صالح المدرب المحلي؟.. الأمثلة كثيرة ومتعددة بل، فبطولتنا الوطنية تعج بتلك النماذج، ما يكفي لنؤكد على ما نقول.. نشك دائما في قدرات المدرب المحلي مع أنه أثبت جدارته في الخارج والداخل.. فهل ننتظر أن يثبتها على القمر حتى نؤمن به ونضع فيه الثقة؟.. نظرت من حولي، فوجدت نظرة الانبهار هذه لكل ما هو أجنبي معششة في ميادين أخرى من غير الرياضة: في الغناء والشعر والرواية والموسيقى، و حتى الافتاء.. وقلت في نفسي: يكفينا فخرا، نحن العرب والجزائريون، أن سعدان سيكون المدرب العربي الوحيد في كأس العالم، مع أنه مدرب محلي.. وللحديث بقية.