لن تتكفل البعثة الرسمية هذه السنة بنقل الحجاج الجزائريين إلى منًى يوم الثامن ذي الحجة (يوم التروية)، بل تركت لهم حرية الذهاب إليها مشيا على الأقدام وتحمل مسؤولية ما قد يقع لهم، علما أنها تضمن نقلهم من مكة إلى عرفات ابتداء من بعد صلاة ظهر يوم الخميس. وبحسب الأصداء التي وصلتنا من إقامات الحجاج الجزائريين بمكةالمكرمة، فإن هذه المسألة أثارت حفيظة معظم الحجاج الجزائريين الذين يعتقدون أن البعثة سلبتهم الحق في أداء كامل مناسك الحج بالواجبات والسنن، باعتبار أن يوم التروية (اليوم الثامن) والمبيت بمنى هو سنّة مؤكدة عن الرسول صلى الله عليه وسلم، قبل التحرك لصعيد عرفات مع فجر اليوم التاسع من ذي الحجة. لكن يبدو أن الأمر ليس بهذه البساطة بالنسبة للمنظمين والمشرفين على عملية الحج، حيث أكد مستشار وزير الشؤون الدينية والأوقاف عبد الله طمين في اتصال من البقاع المقدسة أن "الأمر يتجاوز البعثة الجزائرية أو أي بعثة أخرى لأن السلطات السعودية تشترط اقتطاع ترخيص خاص بالنسبة لكل العربات التي تدخل منى، لكنها تترك الحجاج أحرارا في التنقل إلى منى راجلين". ولفك لغز هذا الإشكال بالنسبة للحجاج الجزائريين تأكدنا من ممثل الوزارة شخصيا بأن "البعثة لا تمنع الحجاج من الذهاب إلى منى، لكنها لا تنقلهم بالحافلات إلا عند حدود منى وبالضبط إلى المكان المسمى العزيزية، ومنها على الحاج أن يتكفل بنفسه لدخول منى، علما أن الأمر يستغرق لوحده أكثر من 12 ساعة مشيا على الأقدام، وفي حال ما تعرض الحاج إلى وعكة صحية أو مضاعفات فإنه يتحمل مسؤولية نفسه، دون أن ينسى أن دخول صعيد عرفة هو الآخر يحتاج فوق 12 ساعة مشيا على الاقدام". من الناحية الفقهية ووفقا لما استقيناه من مواقع الفتوى الإسلامية، فإن "ذهاب الحجاج رأسًا إلى عرفة دون المبيت في منى، وهذا وإن كان جائزًا- لأن المبيت في منى ليس بواجب- لكن الأفضل للإنسان أن يتبع السنة التي جاءت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، بحيث ينزل في منى من ضحى اليوم الثامن، إلى أن تطلع الشمس من اليوم التاسع، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم فعل ذلك وقال : لتأخذوا عني مناسككم.."، كما قيل "والإقامة بمنى يوم التروية والمبيت بها ليلة عرفة سنّة، فلو تركه الحاج فليس فيه فدية لكن يكون قد ترك الأفضل". وأمام الصعوبات التي أصبح يواجهها المنظمون مقابل الأعداد المتزايدة من الحجاج من سنة لسنة، عملت البعثة الجزائرية ليس هذا العام فقط، بل منذ سنوات بتدابير السلطات السعودية في تسخير كل الإمكانيات لضمان نقل الحجيج نحو عرفات، الذي سيشهد الوقفة هذه السنة يوم الجمعة، ابتداء من بعد صلاة الظهر ليوم الخميس بالحافلات نحو عرفات، لتصل الأفواج الأولى منهم مع صلاة العشاء، علما أن حركة المرور على الطرقات المكونة للمسار تكون بطيئة جدا، بالنظر إلى العدد الهائل من الحافلات، أكثر من 1000 عربة تسير في اتجاه واحد في وقت واحد. ومن الناحية العملية، قال ممثل الوزارة أن تجربة السنوات الماضية أثبتت أن الحاج يمكن أن يضيع أهم ركن في الحج وهو الوقوف على صعيد عرفة، إذا تأخر عن دخول حدودها في الوقت المحدد شرعا، علما أن الحركة تسد عن آخرها من شدة الزحام ابتداء من وقت معين من اليوم. غنية قمراوي/مبعوث الشروق إلى البقاع المقدسة: رشيد فضيل