تستعد المشاعر المقدسة في الساعات الأولى من هذا اليوم الثامن من ذي الحجة لاستقبال أكثر من أربعة ملايين حاج، وتحتضن منى أو مدينة الخيم البيضاء، هذه الأعداد الغفيرة من حجاج بيت الله الحرام اقتداء بسنة النبي محمد صلى الله عليه وسلم مثلما حج وأصحابه الكرام في حجة الوداع. وقد أكملت البعثة الجزائرية للحج استعداداتها الأخيرة لنقل الحجاج إلى المشاعر المقدسة (عرفات ومزدلفة ومنى)، لكن وككل سنة، تطغى على السطح مسألة نقل حجاج البعثة الجزائرية إلى عرفات مباشرة دون مبيت اليوم الثامن من ذي الحجة، وهو يوم التروية، كما يفعل حجاج 180 دولة إسلامية. وقد أبدى حجاج البعثة الجزائرية امتعاضهم لحرمانهم من إحياء هذه السنة النبوية وقرر الآلاف منهم الذهاب مباشرة إلى منى دون إشراف البعثة، حيث يقضون يومهم وليلتهم في منى قبل الذهاب مع قوافل الحجاج سيرا على الأقدام إلى موقف عرفة يوم الثلاثاء. ويخشى المراقبون أن تكثر حالات الشرود عند حجاجنا، خاصة مع ارتفاع عدد الحجاج هذه السنة، كما أن أكبر عدد من الوفيات بين حجاج البعثة الجزائرية تقع أيام الحج هذه. وسيقضي الحجاج يوم الإثنين، وليلة الثلاثاء في منى، حيث تم تجهيز خمسة أبراج سكنية ونصبت 350 ألف خيمة لاحتضانهم، بعدها ينطلق ضيوف الرحمان صوب عرفات من الساعات الأولى ليوم الثلاثاء، بكافة وسائل النقل وسيرا على الأقدام في موكب إيماني مهيب ليشهدوا الوقفة الكبرى على صعيد عرفات الطاهر وقضاء الركن الأعظم من أركان الحد. عرفات مدينة اليوم الواحد في كل عام يجتمع الملايين من ضيوف الرحمان على صعيد عرفات ومشعر عرفات الذي يقع خارج حدود الحرم المكي، ليتحول في اليوم التاسع من ذي الحجة إلى مدينة متكاملة.. مدينة ليوم واحد في السنة، حيث يجتمع فيها الحجاج بلباس واحد وألسنتهم تلهج بالتلبية والتكبير، يرجون رحمة الله ويطلبون مغفرته في موقف يباهي به الله الحجاج ملائكته، ولا يتجاوز بقاء الحجاج في عرفات أكثر من 18 ساعة فقط في العام، وهي أكثر ساعات اليوم ذكرا وثناء وتذللا لله. وتقع عرفات على مسافة 23 كيلومترا من مكةالمكرمة، وأشهر ما فيها جبل عرفات جبل الرحمة، هو أصغر جبل بين الجبال الموجودة هناك. ويتوافد الحجاج على صعود جبل عرفات داعين ملبين، وبعد إتمام الوقفة ينفرون مع مغيب شمس يوم عرفات إلى مزدلفة ليبيتوا ليلتهم هناك أيضا، ويوم الأربعاء يوم الحج الأكبر، يتوجه الحجاج إلى مشعر منى لرمي جمرة العقبة اتباعا للسنة النبوية الشريفة، يقومون بعدها بالطواف بالبيت العتيق (طواف الإفاضة)، ومن ثم الحلق والتقصير ونحر الهدي والأضاحي. وقد شهدت مكة منذ يوم الجمعة الفارط، ازدحاما منقطع النظير بسبب توالي توافد الحجاج من كل بلاد العالم، وامتلأت جنبات المسجد الحرام وساحاته وأسطحه بالحجاج، حتى امتدت صفوف المصلين إلى كيلومترات خارج الحرم في جو مليء بالإيمان والخشوع. مبعوث الشروق إلى مكةالمكرمة: رشيد فضيل