تكتسي الزوايا ال18 المتواجدة بولاية تيزي وزو أهمية بالغة في حياة القبائل. فهي تمثل ثقافة المنطقة، بل أكثر من ذلك يعزز هذا التراث، كون المنطقة قلعة إسلامية، فإضافة إلى الدور الاجتماعي الذي تلعبه الزوايا منذ القدم فإنها تلعب دورا تعليميا، وقد أكدت التجربة أن معظم الأطفال الذين احتضنتهم المدارس القرآنية على مستوى مساجد وزوايا تيزي وزو هم دائما في الطليعة وهم المتفوقون في المدرسة. يشكل التعليم القرآني بولاية تيزي وزو أحد أبرز الاهتمامات الأولية لنظارة الشؤون الدينية للولاية، ويتضح ذلك من خلال توفيرها لعدة هياكل وأقسام عبر المساجد المنتشرة بقرى ومداشر البلديات (67) للولاية والتي يزيد عدد مساجدها عن ال500 مسجد. وتسهر نظارة الشؤون الدينية على تحسين مستوى المناهج التربوية وكذا الوسائل البيداغوجية والإطار المكون، حيث يشهد التعليم القرآني إقبالا متزايدا من طرف الراغبين في استيعاب محتويات برامجه والموجه أساسا للأطفال الصغار، دون سن التمدرس، وعلى سبيل الذكر، يشهد مسجد بلدية ياكوران بضواحي تيزي وزو تهافت الأطفال بالعشرات والذين تتراوح أعمارهم بين 4 إلى 6 سنوات لتعلّم القرآن على يد إمام المسجد، والذي يقوم أيضا بمهمة نشر مبادئ العقيدة الصحيحة وتربية النفوس وخاصة المحافظة على معالم الشخصية الوطنية والثقافية العربية والإسلامية. وقد أكد لنا العديد من مواطني ياكوران أن الأولياء بالمنطقة يفضلون توجيه أبنائهم لتعلّم القرآن في سن مبكرة عوض إدخالهم إلى روضات الأطفال المنتشرة هنا وهناك، ويبرر هؤلاء اختيارهم بالقول إن المدارس القرآنية بالمساجد والزوايا تعلم الطفل أسس التربية الإسلامية الصحيحة، عكس الروضة التي تلقن الأطفال دروسا في الرقص والغناء وغيرها من السلوكات التي ليست لها أي علاقة بثقافتنا العربية والإسلامية. من جهة أخرى أكد متتبعو هذا الملف »للشروق اليومي«، أنه بالإضافة إلى الأطفال الصغار الذين احتضنهم المساجد والزوايا فإن العديد من المتمدرسين الذين يزاولون تعليمهم القرآني بالمدارس الموزعة على مستوى الزوايا والمساجد هم تلاميذ يتوجهون إلى هذه المرافق خارج أوقات الدراسة أو بعض المتسربين التي تحتويهم المدرسة القرآنية وتزوّدهم بالتعليم الديني والقرآني وهذا لحمايتهم مستقبلا من الظواهر السلبية. ويجري التعليم القرآني بولاية تيزي وزو، عادة، في هياكل وأقسام تابعة للمساجد وأخرى مستقلة ومعظم هذه الأقسام هي قاعات خاصة بالصلاة للنساء والتي كثيرا ما تفتقر إلى التجهيزات البيداغوجية اللازمة. وفيما يتعلق بتحسين الأداء التربوي في هذه المدارس، خاصة بالمرحلة التحضيرية من 4 إلى 6 سنوات، أكدت مصادرنا أن المنهج يتفق فحواه مع البرامج المسطرة من الوزارة ويتلاءم خاصة مع سن الطفل ومتطلبات المرحلة التحضيرية. ويتضمن هذا المنهج طرق تدريس المواد الأساسية التي تساهم في تنمية شخصية الطفل اجتماعيا ودينيا وتهذيب ذوقه وغرس القيم الروحية وتنمية الشعور الوطني والديني وإعطائهم مبادئ مبسطة خاصة بالخط والكتابة من خلال حصص للأناشيد الدينية والمحفوظات والأنشطة الفكرية والأشغال اليدوية وكلها طرق تسعى لتحقيق النمو الذهني والفكري لدى الطفل وتحضيره للدراسة الابتدائية. وقد أكدت التجربة أن معظم الأطفال الذين احتضنتهم تيزي وزو هم دائما في الطليعة ومن المتفوقين في المدارس. وهذا ما شجع نظارة الشؤون الدينية لولاية تيزي وزو علبى ذل مجهودات معتبرة لتعزيز التعليم القرآني وتدعيمه، خاصة على مستوى القرى والمداشر، لاستقطاب أكبر عدد ممكن من المهتمين سواء الذين لم يبلغوا سن الدراسة أو المتسربين من المدرسة، وهناك برامج لتوسيع هذا التعليم ليشمل الشباب والكبار أيضا خارج أوقات عملهم بهدف الاستفادة من المعارف الدينية والتحصيل الفقهي. وفيما يخص المجال التحضيري والتشجيعي، فإن نظارة الشؤون الدينية لولاية تيزي وزو تقوم سنويا بالتكريم المادي والمعنوي للمؤطرين والمتمدرسين على سواء، وعادة ما يحدث هذا بمناسبة إحياء ليلة القدر أو في مناسبات أخرى، وكم هي رائعة تلك الصور التي تعوّدنا على مشاهدتها في مساجدنا وقرانا لبراعم يزاحمون الكبار وهم يرتدون لباسا تقليديا قبائليا لتسلّم لهم جوائز تشجيعية من طرف مؤطرهم لتحفيزهم على رفع مستوى وعيهم الديني، وتبقى قمة السعادة لدى الأولياء والتي لا يمكن وصفها عندما يبدأ فلذة أكبادهم في قراءة القرآن الكريم. صونية قرس