ندّدت أمس، النقابة الوطنية للقضاة، "بالحملة التي تشنها بعض وسائل الإعلام الوطنية"، على إثر التصريحات التي أدلى بها الهارب رفيق عبد المومن خليفة، لبعض الجرائد اليومية الوطنية، والتي مفادها بأنه تم "إبعاد بعض المسؤولين وبعض الأشخاص من التحقيق القضائي أو المتابعة الجزائية، في إطار مجمع الخليفة، المطروحة حاليا، أمام محكمة الجنايات لمجلس قضاء البليدة". بهذا الصدد، أعربت النقابة الوطنية للقضاة، عن رفضها المطلق لكلّ التصريحات والمناورات عبر وسائل الإعلام الأجنبية والوطنية، "الهادفة إلى النيل من إرادة ومصداقية العدالة الجزائرية واستقلاليتها"، وشدّد البيان، على أن هذا "الانحراف الخطير الرامي إلى إهانة السلطة القضائية والتقليل من شأنها والتشكيك في عملها، ستستعمل كل الوسائل القانونية، بما فيها التنصيب كطرف مدني للدفاع عن السلطة القضائية وأعضائها". النقابة الوطنية للقضاة، وفي بيان لها، تحصلت "الشروق اليومي"، على نسخة منه، أكدت بأن هذه "التصرفات تهدف إلى المساس بمصداقية واستقلالية القضاء الجزائري، المستمدة من الدستور وقوانين الجمهورية"، وأوضحت نقابة القضاة، بأن الاحتكام إلى الشرعية القانونية بواسطة القضاء في جميع القضايا، بما فيها القضايا الجوهرية والمصيرية، "يعد الوسيلة الوحيدة لفرض سلطان القانون ومنع الفوضى". وأكد نفس البيان، بأن النقابة الوطنية للقضاة، تشيد بالإصلاحات الجارية في قطاع العدالة، من أجل تكريس مبادئ دولة القانون واستقلالية السلطة القضائية، و"برجالها النزهاء والمخلصين على تطبيق القانون ضد كل من ساهم أو شارك أو تواطأ في ارتكاب الجنايات والجنح المنسوبة إلى صاحب هذه التصريحات"، كما أكدت النقابة الوطنية للقضاة، بأن التحقيقات القضائية المفتوحة حاليا أمام المحكمة العليا والجهات القضائية الأخرى، "ستتواصل بكافة الطرق القانونية للكشف عن جميع أبعاد قضية الخليفة وكذا جميع المتورطين لمحاكمتهم طبقا للقانون". ودفاعا عن حياد واستقلالية العدالة، أبرز بيان المكتب التنفيذي، للنقابة الوطنية للقضاة، أن هذه الأخيرة تذكّر بأن استقلالية السلطة القضائية "ليست مطية تركب لتحقيق أغراض سياسوية أو سياسية ولا لأغراض شخصية دافعت وتدافع عليه في إطار مبادئ بناء دولة القانون وزرع بذور الثقافة القانونية". تنديد النقابة الوطنية للقضاة، بالتصريحات المتحاملة التي يروّجها الهارب عبد المومن، وكذا إعلانها عن استعدادها لتتأسس كطرف مدني للدفاع عن العدالة الجزائرية، يأتي في وقت يعمل فيه رفيق خليفة، على ترويج معلومات كاذبة، مستغلا "تساهل" بعض وسائل الإعلام في الداخل والخارج، بهدف تضليل وتغليط الرأي العام ومخادعته، وقد ركب المتهم بقيادة عصابة أشرار، نهبت أموال الشعب والدولة، "نوعا من الصحافة"، لمهاجمة رئيس الجمهورية، القاضي الأول في البلاد، وكذا التحامل على وزير العدل، باتهامات وتلفيقات، كذبها الطيب بلعيز جملة وتفصيلا، وأكد أن محاولة تسييس القضية فاشلة، وأن الأمر يتعلق بقضية نصب واحتيال. ويُحاول حاليا "ستار فضيحة القرن"، الهارب بالأراضي البريطانية، التشويش على الرأي العام وكذا القضاء الجزائري، من خلال التسلل عبر بعض وسائل الإعلام، المكتوبة والمرئية (قناة الجزيرة، جريدة لوفيغارو)، لتحويل الأنظار عن المحاكمة التاريخية التي تجري وقائعها بمحكمة جنايات البليدة، منذ الثامن جانفي الماضي (أكثر من شهر)، وصناعة الضجيج حولها بتقديم تصريحات مغلوطة ومعلومات وهمية ومزيفة وتوزيع الاتهامات مجانا وبلا أدلة، في محاولة للتنصّل من المسؤولية وتوريط "ضحايا وأبرياء" بهدف تعويم القضية وتمييعها بأراجيف من طراز "أسرار الدولة" التي يدعي أنه يملكها، لكنه يمتنع عن كشفها باسم "واجب التحفظ" الذي لمّح إليه، بهدف إعطاء لنفسه صفة "الرجل المهم" !، بدل المتهم الهارب والمبحوث عنه من طرف مصالح الأمن والعدالة. وتكون النقابة الوطنية للقضاة، قد تفطنت للكمائن المفضوحة التي يسعى رفيق خليفة، إلى نصبها لإنقاذ نفسه من الحساب والعقاب، خاصة بعد تورّطه واعترافه بأن قضاة فرنسيين انتقلوا إليه إلى بريطانيا في العام 2006، واستمعوا إليه، وبالمقابل، فإنه يرفض الامتثال إلى عدالة بلاده ويتهمها بأنها "غير مستقلة"، ويحاول إيهام المتابعين بأنه "تمّ إبعاد بعض الأشخاص والمسؤولين من التحقيق القضائي أو المتابعة الجزائية"، وهو ما اعتبرته النقابة مناورات وإهانة ومحاولة للنيل من سمعة العدالة الجزائرية. وترى أوساط مراقبة، أن استماع محكمة جنايات البليدة لوزراء سابقين وحاليين، وكذا استجواب المحكمة العليا لوزراء آخرين، إلى جانب العديد من المسؤولين، علاوة على استمرار المحاكمة أكثر من شهر، يؤكد أن التحقيقات أخذت طريقها، وأن المتابعة القضائية تسلك وجهتها باتجاه كشف الحقيقة دون تمييز ولا مفاضلة، في سياق الحرب التي أعلنتها الدولة ضدّ الفساد ومعاقل المفسدين، العملية التي مكّنت الجزائر مؤخرا، من الظفر بكرسي عضو مؤسّس في الجمعية الدولية للسلطات الوطنية المعنية بمكافحة الفساد. ج. لعلامي