حل أول أمس بقسنطينة وفد من رجال الدين المسيحي وعلماء اللاهوت ورؤساء جمعيات دينية من فرنسا بقيادة الكاردينال فيليب بارباران، مطران ليون ومنطقة »رون -آلب«، وكان برفقة هذا الوفد من الجانب الجزائري السيد عز الدين قاسي رئيس المجلس الجهوي لمسلمي منطقة »رون - آلب«، والسيد قبطان كمال رئيس مسجد ليون، والسيد عبد الله زكري رئيس فيدرالية الجامع الكبير بباريس. وبعد جولة سياحية قادتهم إلى جامعة الأمير عبد القادر للعلوم الإسلامية، شارك الوفد الزائر رفقة مجموعة أخرى من رجال الدين الفرنسي المقيمين بقسنطينة إضافة إلى حضور القنصل الفرنسي بعنابة، في حوار مباشر وصريح مع نظيره الجزائري ممثلا أيضا في الدكتور بشير كردوسي مختص في علم مقارنة الأديان من الجامعة الإسلامية وخطيب مسجد الجامعة الإمام عبد الكريم رڤيڤ، وعميد الجامعة الدكتور عبد الله بوخلخال، ومدير الشؤون الدينية، وحضر اللقاء أيضا عميد جامعة قسنطينة الدكتور جكون، إضافة إلى عدد كبير من الأساتذة والإعلاميين والطلبة. اللقاء الذي جرى تحت شعار "حوار الحضارات والأديان" ونشطه الدكتور جمال ميموني باحترافية مشهودة، أجمع المشاركون فيه على أهميته القصوى سيما في هذا الظرف بالذات الذي يميّزه زوال الحدود بين الشعوب، ومن هنا فإن تدخل إمام مسجد الأمير عبد القادر كان له صدى طيب حين أكد فيه مدى احترام وتقدير الإسلام لأهل الكتاب، سيما منهم المسيحيون، حيث توجد سورة لمريم عليها السلام وسورة لآل عمران(جد المسيح عليهم السلام)، فيما تنعدم في القرآن سورة تحمل اسم مثلا آمنة أم الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، وأعطى الإمام رڤيڤ مثالا ساطعا عن تسامح المسلمين تجاه المسيحيين بسلوك الخليفة عمر حيال كنيسة القيامة بالقدس التي رفض الصلاة فيها كي لا يطالب بها المسلمون فيما بعد. بالنسبة للكاردينال بارباران (المولود بالرباط) فإن هذا الحوار ذو أهمية بالغة، حيث يفسح فيه المجال للإصغاء إلى الآخر حول قضايا روحية مشتركة. من جانبه، أكد الدكتور كردوسي بأن الحوار الإسلامي المسيحي سيكون ناجحا إذا انطلق من بديهية منطقية هي تخلي الجانب المسيحي عن أحكامه المسبقة التي تحصل عليها من الدراسات الاستشراقية غير المنصفة حيال الإسلام. وعطفا على ذلك تدخل القس دولوم موضحا بأن الوضعية في فرنسا معقدة على العموم، حيث لا تزال هناك نزعة قوية للتقارب مع المسلمين في الوقت الذي يصحب هذه النزعة "فوبيا" شديدة من الإسلام، وأوضح في ذات السياق أن فرنسا على ضوء آخر استطلاعات الرأي بأوربا تعد أكثر البلدان تسامحا بشأن ممارسة المسلمين لشعائر دينهم، كما أن هناك العديد من العائلات صارت تتقارب ما بين الطرفين يطبع سلوكها الاحترام والصداقة المتبادلة. إثر ذلك تدخل الأستاذ عبد الله زكري رئيس فيدرالية الجامع الكبير بباريس، موضحا بأن أسباب الإرهاب تعود إلى غياب الديمقراطية والحوار بين الأديان، كما أن مشكل المسلمين بفرنسا سياسي أكثر منه ديني، وانتقد السيد زكري وزارة الشؤون الدينية التي توفد إلى فرنسا أئمة ذوي تكوين علمي محدود ويجهلون اللغة الفرنسية. رشيد فيلالي