عرف عنه الهدوء والصلابة والصرامة في وقت الشدة.. لا يتراجع عن قراراته، وقد ظهر ذلك في مرحلة الفلتان الأمني التي عاشتها الأراضي الفلسطينية المحتلة قبل حوالي شهرين.. إنه وزير داخلية حركة المقاومة الإسلامية حماس في حكومة ما قبل الوحدة، سعيد صيام، الذي التقته الشروق اليومي على هامش ملتقى القدس. وفي هذا الحوار يتحدث صيام عن الراهن الفلسطيني، وعن المناورات الداخلية والإقليمية. ويدعو مسؤولي الدول العربية إلى استغلال الظروف الصعبة التي تمر بها كل من الولاياتالمتحدةالأمريكية وإسرائيل، من أجل اقتطاف الحقوق الشرعية المنهوبة للشعب الفلسطيني. الشروق اليومي: كيف تقيمون الوضع العام في الأراضي الفلسطينية بعد تشكيل حكومة الوحدة؟ سعيد صيام: أفضل من ذي قبل بكل المعايير، ونتمنى إنشاء الله أن يستمر هذا الوضع، كما نتمنى أن تنظر الحكومات العربية بعيون المسؤولية إلى التحول الذي خلقته حكومة الوحدة، وتقدم ما ينتظره الشعب الفلسطيني منها. الشروق اليومي: كيف تفسرون نجاح مبادرة المملكة العربية السعودية المعروفة ب"قمة مكة"، وفشل ما قبلها من المبادرات بشأن الاقتتال الداخلي الفلسطيني؟ سعيد صيام : ليس هناك مبادرة غير مبادرة مكة، وما سبقها كان عبارة عن مساعي، على غرار مساعي العاهل الأردني الملك عبد الله، والمساعي المصرية التي قام بها وزير المخابرات العامة عمر سليمان، وهي عبارة عن مساعي أمنية لحقن الدم الفلسطيني. ولما جاءت مبادرة خادم الحرفين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز تم التعاطي معها بإيجاب، ونجحت المبادرة التي قادت إلى تشكيل حكومة الوحدة الوطنية الحالية. ما نؤكد عليه نحن في حركة المقاومة الإسلامية حماس، هو أننا مع أي جهد عربي يوصل أبناء الشعب الفلسطيني إلى حقوقهم، ويوحد كلمتهم ويحقن دماءهم. الشروق اليومي: طرحت المبادرة العربية من دون تعديل في قمة الرياض، فما موقف الحركة من هذه المبادرة؟ سعيد صيام: موقف حركة حماس من مبادرة السلام العربية أعلنته أكثر من مرة، وأبلغته للأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى، وبقية الأطراف المعنية، ومنها المملكة العربية السعودية في حوار مكة. ونحن لا نرى أن المشكلة تكمن بين الأطراف العربية والفلسطينيين، وإنما مع الاحتلال الإسرائيلي الذي لا زال يرفض هذه المبادرة، وبالتالي فنحن نترك التعليق إلى مرحلة ما بعد تحديد الاحتلال لموقفه من هذه المبادرة. الشروق اليومي: وهل تعتقون أن هذه كفيلة بحماية حقوق الفلسطينيين؟ سعيد صيام: نحن في حركة حماس نقول إن أية مبادرة أو أي مشروع أو أي قرار ينتقص من الحق الفلسطيني، لا يمكن أن يكون مقبولا من الشعب الفلسطيني ومن الحركة أيضا. وعليه، نحن مع المبادرات وما يرد فيها من حقوق، ولنا الحق في التحفظ من أية نقطة تنقص من الحق الفلسطيني. الشروق: التقت كاتبة الدولة الأمريكية للشؤون الخارجية كوندوليزا رايس قبل انعقاد قمة الجامعة العربية بالرياض، برؤساء الرباعية ومسؤولي مخابراتها، كيف تنظرون إلى هذا المعطى؟ صيام : إن تحرك كوندو ليزا رايس في المنطقة العربية ليس من أجل الشعب الفلسطيني ولا من أجل الصالح العربي عموما. هذا أمر طبيعي، لأن الجهود الأمريكية تندرج في سياق الضغط على الدول العربية الراعية لمبادرة السلام في الشرق الأوسط،، بهدف حملها على تخفيض سقف مطالبها، وكذا من أجل الضغط على الشعب الفلسطيني لصالح الاحتلال الإسرائيلي. لكن نحن نأمل في أن يكون للعرب موقف أكثر قوة وصلابة لمواجهة هذه التحديات، وأن يرتقي إلى مستوى طموح وتضحيات الشعب الفلسطيني. الشروق: لماذا برأيكم بقيت المساعي المصرية منحصرة على المستوى الأمني ولم ترق إلى المستوى السياسي على الرغم من أن القضية سياسية بالدرجة الأولى؟ وهل لذلك علاقة بموقف الحكومة المصرية من حكومة حماس السابقة؟ سعيد صيام: لا، الأمور لها علاقة ببعضها، والوفد الأمني المصري يتحرك بخلفيات سياسية لمعالجة عدد من الملفات العالقة، وكما تعرفون، فالوزير عمر سليمان يتحرك في هذا السياق، ونحن نرحب بأية مبادرة تسعى إلى حقن الدم الفلسطيني. وفيما يتعلق بالشق الثاني من السؤال، فالوزير عمر سليمان هو عنصر في الحكومة المصرية، وبالتالي فهو ينفد سياستها، ونحن نقول إنه من الصعب إلغاء أو تجاهل حركة حماس من الواقع السياسي الفلسطيني بعدما أصبحت تمثل الرقم الأول، انطلاقا من نتائج الانتخابات التشريعية الأخيرة. وعليه فمن غير المعقول ألا تكون هناك اتصالات ومشاورات مع حكومة تمثل من حصد الأغلبية في الانتخابات. الشروق: يقول المتابعون إن الوضع مناسب للضغط على الولاياتالمتحدةالأمريكية وحليفتها إسرائيل من أجل اقتطاف تنازلات لصالح الطرف الفلسطيني، لا سيما بعد هزيمة الجيش الإسرائيلي في جنوب لبنان، وكذا النكسات التي تعرض ولازال يتعرض لها الجيش الأمريكي في العراق، فهل تعتقدون أن الطرف العربي يسعى لاستغلال هذه المعطيات؟ سعيد صيام: بالتأكيد، إسرائيل ليست في أحسن أحوالها، وكذلك الأمر بالنسبة للولايات المتحدةالأمريكية، التي انعكست الأوضاع في العراق سلبا على الفريق الحاكم في واشنطن، كما أن الوضع الداخلي الإسرائيلي سيء جدا. ونود الإشارة هنا إلى أن ما حققته حركة حماس لم في مدة وجيزة، لم تحققه اللقاءات والندوات العديدة والمتعددة على مدار عشرات السنين. وبالمقابل نحن نرفض تدخل أية جهة، عربية كانت أو غير عربية لصالح الطرف الإسرائيلي الذي يحتل أرضنا على حساب الطرف الفلسطيني المتضرر، لأننا أصحاب حق شرعي لا يمكن أن يسقطه عنا أحدا، مهما كانت قوته وغطرسته، وسوف لن نستجيب لأية مطالب من هذا القبيل. الشروق: أعلنت حركة حماس عن رفضها لتعيين النائب محمد دحلان مستشار أمنيا للرئيس عباس أبو مازن، لماذا؟ سعيد صيام: محمد دحلان هو عضو المجلس التشريعي الفلسطيني وفق القانون، ومن يتولى مثل هذا المنصب يحظر عليه القانون شغل أي منصب آخر باستثناء منصب وزير، ولذلك اعتبرت حركة المقاومة الإسلامية "حماس" هذا التعيين مخالفا للقانون. نحن في مرحلة وفاق فلسطيني، وتعيين محمد دحلان لا يخدم هذه المرحلة، ولا يمكن اعتباره مناسبا، لكونه جاء مفاجئا وأياما قلائل بعد الكشف عن أسماء حكومة الوحدة، الأمر الذي فهم منه على أنه يعني الكثير. الشروق : هل يمكن القول أن تشكيل حكومة الوحدة غلقت الباب أمام انتخابات تشريعية ورئاسية مبكرة في الأراضي الفلسطينية؟ سعيد صيام: دعوة عباس أبو مازن كانت غير قانونية، وردت عليها الحركة في وقتها، وأنا ليس من صلاحياتي الكلام عن ذلك، لكني اعتبر أن تشكيل حكومة الوحدة قطعت الطريق على الانتخابات المبكرة بنوعيها، حتى ولو كانت هذه الانتخابات غير قانونية وغير شرعية. حاوره: محمد مسلم