بين حرقة أم جفت دموعها من كثرة بكائها ووالد بح ما بقي له من صوت لا تزال عائلة بن ساهل، بالكاليتوس، تحت صدمة فقدان ابنها بسبب صعقة كهربائية داخل مكان يُلقب بالحرم.. لكن القدر شاء أن يتحول الحرم إلى كابوس يتلقى فيه الطلبة صعقات قاتلة بدلا من الدروس، الإدارة حولت القضية للتحقيق والعائلة تحضر لرفع دعوى قضائية والطلبة أعلنوا مقاطعة الامتحانات وتلقي الدروس في قاعات الصعقات الكهربائية. .. كان يوم جمعة، خمسة أيام بعد وفاة الطالب آمين، لحظات قبل صلاة الظهر لا تزال الكراسي البيضاء تصطف أمام منزل بن ساهل ولا يزال والد أمين يتلقى التعازي في فلذة كبده لم يقو حتى على الوقوف، قدمنا له التعازي.. يصمت ثم يرد قائلا: "لم أعد أقوى.." يتدخل ابن خالة آمين والذي يدرس في جامعة هواري بومدين، للعلوم والتكنولوجيا يعود بنا إلى ضروف مقتل أمين أو بالأحرى تلقيه لصدمة كهربائية داخل حرم جامعة باب الزوار. ... هكذا تلقى آمين صعقة قدرها 380 فولط يتحدث بأنفاس متقطعة قائلا: "كنا في حصة أعمال تطبيقية بصدد دراسة مادة فيزيائية لقسم السنة الثانية إلكتروتقني بمخبر الإلكترونيات، كان ثلاثة تلاميذ بصدد إعداد البحث الخاص بهم، اجتمع الطلبة الثلاثة من بينهم طالبة جامعية، وكان في الحصة التطبيقية أستاذان اثنان أحدها امرأة. ففيما راحت هذه الأخيرة خارج المخبر كان الأستاذ بصدد شرح الدرس مع عدد آخر من البقية، وأراد الطلبة الثلاثة تكرار التجربة وفيما اعتقدوا أن جهاز التوصيل الكهربائي تم قطعه، تم تشكيل الدائرة الكهربائية التي كان آمين أو بالأحرى جسد آمين، حلقة فيه فتصوروا معنا أن يمُر بجسدآمين تيار كهربائي بقدرة 380 فولط. هل قُدم لأمين الماء بعد مرور التيار الكهربائي على جسده؟ تختلف روايات شهود العيان من الطلبة الذين كانوا في قسم أمين، ممن التقت بهم الشروق، بعد أن تشبع جسد أمين بنحو 380 فولط، جاءت الأستاذة ودخلت القسم وسارعت إحدى الطالبات طالبة النجدة وسيارة الإسعاف التي لم تصل إلا بعد مرور 20 دقيقة، أخبروا أعوان الأمن لكن جهاز الإتصال كان مُعطلا وقتها بحسب روايات الطلبة وهو ما تأخر في إسعاف آمين. عدد من الطلبة يقولون أن الأستاذة قدمت لأمين بعد مرور التيار الكهربائي على جسده الماء وهو ما عجّل بوفاته كون التيار الكهربائي وشدته لا يزال في جسده وهو ما أدى إلى احتمال وفاته، وكذّب طلبة آخرون أن يكون أمين قد شرب الماء كون أساتذة الفيزياء يعلمون خطر تقديم الماء لأي مصاب بتيار كهربائي. حينها كانت سيارة الإسعاف قد وصلت.. لكن وصولها جاء متأخرا يقول عدد من الطلبة، فالسيارة لم تكن تحوي حتى على جهاز التنفس. الشرطة العلمية تتابع القضية والآمن يستجوب جميع الأساتذة بمن فيهم الطلبة الجديد في القضية أن الشرطة العلمية تمُسك بالملف، حيث تم فتح تحقيق في تفاصيل القضية وتم الإستماع لجميع الأطراف بمن فيهم الأساتذة وأيضا الأستاذ الذي كان مارا بالمخبر وسمع الصراخ لحظتها، وبما فيهم طلبة قسم السنة الثانية إلكتروتقني إلى جانب الطالبة التي تعرضت هي الأخرى لصدمة كهربائية، زملاؤها في القسم أخبرونا أنها تلقت صدمة نفسية أعنف بكثير من الصدمة الكهربائية التي تلقاها آمين، والتي حاولت الشروق اليومي الإتصال بها لكن تعذر علينا ذلك بسبب حالتها النفسية إذ أن شقيقها هو الذي كان يرد على جهاز هاتفها المحمول. ومن المنتظر أن يكشف تحقيق الشرطة العلمية فيما إذا كان أمين قد شرب الماء بعد إصابته بالصعقة الكهربائية أم لا، وسيكشف تشريح الجثة الحقائق التي على إثرها سترى العائلة ماذا ستفعل؟ عائلة أمين للشروق: "سنرفع دعوى قضائية ضد الوزارة والمسؤولين" أكد شقيق أمين في تصريح للشروق، أن قضية إصابة شقيقه داخل الحرم الجامعي لن تذهب ولن يمر عليها مرار الكرام، قائلا بالحرف الواحد: "سنرفع دعوى قضائية ضد الوزارة والمسؤولين حتى لا يموت كل الطلبة بصعقات كهربائية.. هذا الذي مات هو أخي"، من جهته أكد والد أمين في تصريح للشروق اليومي قائلا: "رفع دعوى قضائية أمر مفروغ منه، كيف أن ابني ذهب لتلقي الدروس بالجامعة فيعود إلينا متفحما بالتيار الكهربائي". ويؤكد شقيقه نبيل أنهم ينتظرون نتائج تحقيق التشريح ونتائج تحقيق الشرطة العلمية وعلى إثرها سيتحركون، لكن الأكيد أن رفع الدعوى القضائية أمر وقرار لا تراجع عنه. الطلبة يقاطعون مخابر الصعقات الكهربائية.. لا دراسة ولا امتحانات من المنتظر حسب ما توصلت إليه لجان اجتماع الطلبة والتي نسقت مع فروع تنظيمات طلابية مختلفة الاستمرار في مقاطعة الدراسة، ومن المنتظر أن يغلق هذا السبت الطلبة جميع مخابر الكليات من بينها الفيزياء والإلكترونيك والكيمياء، احتجاجا على مقتل أمين داخل الحرم الجامعي، يقول أحد الطلبة مصرحا للشروق: "انتهى اجتماعنا نهاية الأسبوع وخلصنا إلى ثلاثة قرارات الأول مقاطعة الدراسة داخل مخابر الموت، ومقاطعة الامتحانات والمطالبة بكشف الحقيقة الكاملة في مقتل آمين"، هذا وشن الطلبة منذ مقتل أمين احتجاجات داخل كلية العلوم والتكنولوجيا بجامعة باب الزوار، تنديدا بمقتل زميلهم آمين. والدة آمين: "لن أنسى عيونه وهو يطلب مني أن يتغطي وينام معي" رجلاها ترتجفان بشدة وأنفاسها تتقطع بين الحين والآخر، أن تتحدث إلى أم فقدت فلذة كبدها كمن يفتح جرحا وينبش فيه.. تتحدث قائلة: "لقد ذهب إلى الجامعة دون أن يتعشى، ليلتها صلى الفجر ولم يشرب الحليب لأنه لم يكن لدينا حليب.. أيقظته لصلاة الفجر ليتني ودعته.." تبكي بشدة وبحرقة تمسك يدنا ثم تضيف قائلة : "في آخر ليلة قضيتها مع ابني أمين صليت العشاء وذهبت لفراش نومي ثم جاء إلي وقال لي: أمي أريد أن أتغطي بفراشك دعيني أنام قليلا على رجليك"، ثم تضيف قائلة: "ليتني نظرت إلى وجهه كان إحساس قلبي أعلمني بأني لن أراه ثانية" . مستشار رئيس جامعة هواري بومدين عمار بودلة للشروق: ما حدث لأمين خطأ يحدث في كل الجامعات وليس فقط في جامعة باب الزوار أكد مستشار رئيس جامعة هواري بومدين للعلوم والتكنولوجيا، بباب الزوار، بودلة عمار، في تصريحه لالشروق أن الإدارة تتابع عملية فتح تحقيق في حادثة وفاة الطالب الذي أصيب بصعقة كهربائية أثناء حصة الأعمال التطبيقية، وبناء على نتائجه ستحدد مسؤولية كل شخص تسبب في هذه الحادثة، وقال المتحدث أنهم لا يوجهون الإتهام لأي طرف في القضية. ونفى المتحدث ما تداوله الطلبة بشأن قدم التجهيزات والمعدات التي تستعمل في المخبر قائلا: "كل التجهيزات تم استحداثها منذ خمس سنوات فقط وهو مخبر جديد"، أما بشأن تهديد الطلبة بمقاطعة الامتحانات والدراسة قال محدثنا "على الطلبة تحمل مسؤولياتهم"، وفي رده على سؤال الشروق، كيف يموت طالبا بصعقة كهربائية داخل الحرم الجامعي قال محدثنا "أن مثل هذه الأخطاء والحوادث تحدث في كل جامعات العالم وجامعة باب الزوار ليست في منأى عنها".