عندما يتأخّر الجار و"الصديق اللدود" و"العدوّ الحميم"، عن تقديم واجب العزاء، فهذا لن يغيّر في مجرى الأحداث قيد أنملة، لكن هل يُعقل أن ينخرط مثلا "المخزن" في حملة ساقطة، بينما كان من المفروض عليه أن يستغلّ الفاجعة لتصحيح بعض خطاياه، والتصرّف من دون غباء، حتى وإن كان ذلك من باب الحيلة والتحايل والخداع؟ من الطبيعي أن تتعرّف على الصديق والعدوّ في الكوارث والأحزان والأتراح، مثلما تتعرّف عليهم في الأفراح والأعراس، وها هي فاجعة طائرة "الإيليوشين"، تفضح "منافقين" عبر الحدود ومن وراء البحار، عرّتهم غريزة التشفيّ والاقتيات من آلام الآخرين وأوجاعهم، ولا داعي هنا لوسائل إعلام مغربية أن تخفي انغماسها في المحظور وسقوطها في الممنوع! لا يُمكن لهؤلاء أو غيرهم، من المتزمّتين والمهووسين والحمقى، أن يغيّروا مجرى التاريخ، أو يؤخروا أو يقدّموا أعمار الناس، التي تبقى بيد ربّ العالمين وحده لا شريك له، لكن هل وصلت النذالة ببعض المرضى والمعقّدين إلى حدّ استغلال الموت لتصفية حسابات وممارسة حقد دفين، وكشف ما في الأفئدة من ضغائن وقلاقل، يستحي المتخلّق من الوقوف عندها! يكفي الجزائريين، وقفتهم مع بعضهم البعض، وتضامنهم وتعاونهم، وهم مثلما يثبت التاريخ القديم والجديد، لا ينتظرون جزاء ولا شكورا، مثلما لم ينتظروا أيّ مساعدة من أيّ كان، حتى في أحلك الظروف، وقد واجهوا المحن والمآسي وغدر الغادرين، وتآمر المتآمرين، لكنهم انتصروا لوحدهم بتأييد من الناصر المعين، الذي لا تخفى عنه خافية. لا المخزن ولا غيره من سماسرة الحزن، بإمكانه أن يهزّ مشاعر الجزائريين، فاحزن أيها المخزن، فقد أثبتت مرّة أخرى، أنك لا تريد أن تتوب، ولا تريد أن "تربح ملاحة" الجزائريين، فحاولت أقلامك وقنواتك، أن تخلط الماء بالزيت، والأبيض بالأسود، لكنها كانت عملية مفضوحة وتدبيرا استعراضيا فلكلوريا بائسا وتعيسا، مهرّبا من سراديب الموتى من دون شرف! يكفي شهداء الجزائر، الذين سقطوا في طائرة بوفاريك، وقفة الجزائريين، وغيرهم من الأصدقاء والمتضامنين من مختلف البلدان، أمّا من أراد الغرق في مستنقع التشفّي بعيدا عن تعاليم الدين والأخلاق، فقد ثكلته أمه وخسئ اليوم وغدا، ولن تنفعه مؤامراته ودسائسه ونذالته، التي يلعنها الأحياء والأموات، ويذمّها الصغار قبل الكبار! نعم، لقد فضحتم أنفسكم مرّة أخرى، وأثبتم للعالمين، بأنكم لا تهتمون لا لبشر ولا حجر ولا شجر، لأن قلوبكم ميتة، لا تؤثر ولا تتأثر.. فآش ذا العار عليكم.