يقدم لنا مونديال روسيا كوكتيل من المدربين، ليس بالضرورة كما جرت العادة أن يتوج أحسنهم بالكأس، وكما قاد المدرب الألماني لوف منتخب ألمانيا إلى التتويج بالكأس منذ أربع سنوات، أخرجهم من الباب الضيق وبهزيمتين أمام المكسيك وكوريا الجنوبية من الدور الأول، والذين قالوا عنه في مونديال البرازيل 2014، بأنه عبقري، عادوا في 2018 واتهموه بالبلاهة، ولكنهم جميعا مقتنعون بأن مدرب المنتخب الوطني يختلف تماما عن مدرب الأندية الذي يعيش مع الفريق في كل لحظة، بينما يقتصر دور المدرب الخاص بالمنتخب الوطني، على اختيار التشكيلة الأساسية، ويدعمها بخطط تكتيكية وبدنية خاصة في الدورات المغلقة التي تدوم شهرا أو أقل كما هو الشأن في كأس العالم. لن تستطيع البرتغال انتداب مورينيو ابن البلد، لانتزاع كأس العالم، ولن تستطيع إسبانيا التي خابت انتداب ابن البلد غوارديولا من أجل العودة إلى التتويج بكأس العالم، لأن المدرب الكبير الذي برز مع النادي لن يقبل العرض بسبب الجانب المالي الذي هو دون المطلوب مع المنتخب الوطني، كما أن العمل مختلف تماما. الذين يطالبون بمدرب كبير لقيادة المنتخب الوطني الجزائري، الذي يعيش من دون مدرب، لم يحددوا معنى الكبير، إن كان اسما أم تجربة أم إمكانيات فنية، فالأمر يختلف جملة وتفصيلا، ويكاد يكون كابيلو الذي أبدع مع الميلان وقاد ريال مدريد من أندر المدربين الذين قادوا المنتخبات، ولكن بعد أن بلغ خريف العمر، وغالبية المدربين الذين توجوا بكأس العالم لم ينجحوا في تجاربهم مع الأندية، وحتى الذين رشحوا زين الدين زيدان لقيادة المنتخب الفرنسي بعد المونديال مخطئون، لأن الأمر غير مطروح تماما بسبب أجرة زيدان التي لا يستطيع الاتحاد الفرنسي دفع ربعها فما بالك كلها. المنتخب الوطني، هو لاعبون متحمسون للدفاع عن ألوان الوطن، واتحاد محترف، لا يترك فراغات ويحقق كل الظروف السانحة، وبعد كل ذلك يأتي دور المدرب الذي يقتصر على اختيار الأحسن وتطبيق خطة جماعية وبعض الدور النفسي، فلا أحد مقتنع بأن محيي الدين خالف هو من هزم ألمانيا في خيخون 1982، ولا أحد يصدق أن رابح سعدان هو من فاز في أم درمان أمام منتخب مصر، ولا أحد منح هندسة التعادل أمام روسيا في مونديال البرازيل للبوسني خاليلوزيتش، لأن دور المدرب مهم، ولكن ليس كما هو الشأن في الأندية التي يتحمّل هزائمها بالكامل وأيضا انتصاراتها.