بعد أربع سنوات على افتتاح كلية الطب في جامعة قاصدي مرباح بورقلة، فإنها ما تزال تعاني من مشاكل بيداغوجية عويصة، تجعلها بعيدة تمامًا عن مقتضيات التكوين في مجال الطب، فقد استقبلت الكلية الدفعة الأولى عام 2014، حيث أن تلك الدفعة تجاوزت عامها الرابع، بينما الكلية لا تمتلك مستشفى جامعيّا إلى اليوم، رغم أنّ صورا انتشرت السنة الماضية على مواقع التواصل الاجتماعي، تشير إلى تحديد الأرض التي ستنطلق فيها أشغال المستشفى، لكن هناك حديث شبه مؤكد على تجميد مشروع بناء المستشفى الجامعي بسبب التقشف! وفي رسالة بعث بها طلبة الكلية، إلى جريدة "الشروق"، كشفوا أنّ غالبية زملاءهم قد فرّوا من ورقلة نحو الكليات الأخرى في باتنة وقسنطينة وسطيف وعنابة والبليدة والجزائر، نظرا للفرق الشاسع في مستوى وظروف التدريس، حيث أنّ دفعة 2015 مثلاً كانت تضمّ حوالي 268 طالب، لكنهم الآن حوالي مائة طالب فقط، ما يثبت حجم معاناة هؤلاء الطلبة الذين كان أملهم، يوم حازوا على أعلى المعدلات في الباكالوريا، أن يظفروا بدراسة محترمة على الأقلَ! وأوضح الطلبة في رسالتهم، وعلى سبيل المثال لا الحصر، أنّ الكلية لا تمتلك أستاذا في مادة علم الأنسجة، فيضطرون إلى الاستعانة بأساتذة من كلية عنابة، بحيث يأتي الأستاذ فيلقي مقرّر عدة أسابيع في أسبوع واحد مركز، في حوالي 30 ساعة، بين دروس نظرية وتطبيقية! كما اضطروا إلى الاستعانة بالمؤسسة الطبية العسكرية بورقلة، من خلال جراحين يدرسون مادة علم التشريح، في حين لا تدرس هذه المادة إلا من طرف أطباء مختصين في علم التشريح في كليات الشمال. وأضافت الرسالة أنّ النقص يخصّ السنوات الثلاث الأولى، أمّا ما بعدها فلا يزال الأمر مجهولاً، وحتما سيكون أكثر نقصًا وعجزا في التكوين والتأطير، وإنْ شدّد الطلبة على أنه "لا يمكن إلقاء اللوم على الإدارة، خاصة أنها تحاول جاهدة إيجاد الحلول المناسبة، ولكن الواقع يفرض نفسه في ظل غياب الخيارات الممكنة". ويرى هؤلاء الطلبة المحتجون على ظروف الدراسة الجامعية بكلية الطب في ورقلة أن مرفقًا بهذه المواصفات والعجز الفادح في التكوين والهياكل وغياب مسشفى جامعي، سيكرس نوعا من التمييز السلبي في التكوين بين الشمال والجنوب، ويجعل دفعات من الأطباء تتخرج من دون تحصيل علمي وميداني يذكر، وهو ما سيؤثر على مستقبلهم المهني ويجعلهم يشعرون بعقدة نقص تلاحقهم طيلة حياتهم! وخاطب طلبة الطب في ورقلة وزير القطاع، ومن خلاله السلطات العليا في البلاد بالقول: "إن أبناء الجنوب يستحقون مشروع كلية طب أفضل من هذا، مشروع يقوم على دراسة علمية، تعد له شروط النجاح من أساتذة مختصين، ومستشفى جامعي، وهذا لا نراه ممكنا في الأمد القريب ولا المتوسط، ولهذا فإنّ الأفضل لأبناء الجنوب اليوم، هو أن تغلق هذه الكلية وأن يحوّل مُنتسبوها إلى دراسة الطب مع أقرانهم في الشمال".