قرّرت الحكومة مراجعة كيفيات ترقيم وتسجيل العقارات ضمن السجل العقاري، وذلك على النحو الذي تسد به أبواب محاولات تحويل العقار والسطو عليه من خلال استغلال غياب سندات الشهرة التي برّرت التلاعب بالعقار تحت العديد من المسميات، إذ تعتزم إطلاق عملية مسح وطني تسترجع من خلالها أملاك الدولة والمساحات المنهوبة. بداية من جانفي القادم، سيتولى المحافظ العقاري شخصيا مهمة ترقيم العقارات المسموحة في السجل العقاري عوض الأعوان المكلفين بمسك السجل العقاري، وذلك عبر مسارين يخص الأول العقارات التي يحوز ملاكها سندات مشهرة، وسيكون الترقيم نهائيا من يوم استلام وثائق المسح، أما بالنسبة للعقارات التي يفتقر حائزوها إلى سندات مشهّرة، يتم القيام بترقيم مؤقت يبدأ سريانه من تاريخ إيداع طلب الترقيم في السجل العقاري على مستوى المحافظة العقارية من طرف الشخص أو الأشخاص المسجلين في وثائق مسح الأراضي. التفت مشروع قانون المالية للسنة الجارية في الشق الخاص بالأحكام المتعلقة بأملاك الدولة، وخاصة ما تعلق بعمليات مسح العقارات وإحصائها وكيفيات ترقيمها، إذ أشارت الحكومة في مبرراتها للمادة 35 المعدّلة لأحكام المادة 11 من الأمر رقم 75-74 المتضمن إعداد مسح الأراضي العام وتأسيس سجل عقاري، إلى تلاعبات كبيرة طالت العقار وأملاك الدولة من خلال الاستيلاء عليها وتسجيلها بطرق ملتوية يستغل فيها المتلاعبون الفراغات القانونية والشغور القانوني أحيانا أخرى مكنت العديد من تحويل آلاف الهكتارات من العقار والاستحواذ عليه. وحسب ما جاء في مشروع قانون المالية الأولي للسنة القادمة في المادة 35 فالحكومة تعتزم معالجة النقائص، وذلك لإعادة تفعيل الآثار القانونية للسندات المشهرة على مستوى المحافظة العقارية التي يجب أن تكون الأساس للترقيم النهائي للعقارات المعنية. كما وضع الجهاز التنفيذي نصب عينيه، مهمة وضع إجراء ترقيم مؤقت للعقارات المحازة دون سندات مشهّرة، يبدأ سريانها من تاريخ إيداع طلب ترقيم العقار من طرف الشخص أو الأشخاص المسجلين في وثائق مسح الأراضي ويبرر المشرع تعديل المادة القانونية بالنتائج التي أفرزتها التجربة والتي أظهرت أنه في غالب الأحيان تكون المعلومات الناتجة عن وثائق المسح غير متوافقة مع تلك المدونة على مستوى المحافظة العقارية، مما نجم عنه منازعات على إثر ظهور أشخاص الحق ضرر بحقوقهم من جراء القيام بترقيمات عقارية على أساس مجرد وثائق مسح الأراضي. ويعدّ الإجراء الذي تضمنته المادة القانونية محاولة لتصحيح وضع غير سليم بحسب الحكومة، إذ اعتبرت أنه من غير المعقول أن يقوم العون المكلف بمسك السجل العقاري للعقارات المسموحة في السجل العقاري على أساس وثائق المسح، فضلا كون تحديد المفهوم العقاري في قانون 1975 يبدو غير متجانس مع قاعدة الحجية والتي تنص أن كل حق للملكية وكل حق عيني آخر يتعلق بعقار لا يوجد له سند مشهر والذي سلمت وثائق المسح المتعلقة به المحافظة العقارية من المفروض أن يبدأ الاحتجاج به تجاه الغير إلا من تاريخ القيام بالإجراء الأول في السجل العقاري والذي يوافق تاريخ تقدم الشخص أو الأشخاص المسجلين في وثائق المسح للمحافظة العقارية للمطالبة بترقيم العقار المعني لصالحهم. وتعوّل الحكومة كثيرا على التعديل الجديد حتى يمكنها من استرجاع العقارات المنهوبة من جهة، ووقف عمليات الاستيلاء من جهة أخرى، وذلك عبر مسلك تحديد الحقوق التي تتعلق بالعقار وتعريف صاحب هذه الحقوق والذي وصفه المشرّع بالفترة الحاسمة التي تستدعي حضور المعني شخصيا.