كشفت تسريبات تم تداولها مؤخرا بشأن احتمال إيقاف أنبوب الغاز الرابط بين الجزائر وإسبانيا عبر البر المغربي، عن مؤشرات أوراق يمكن أن تقفز إلى واجهة العلاقات الجزائرية المغربية، التي لم تنعم يوما بالاستقرار. وتحدثت التسريبات الاعلامية عن احتمال وقف خط أنابيب المغرب العربي– أوروبا أو ما ويعرف أيضا باسم (Pedro Duran Farell pipeline)، في غضون عام 2021، أما المبرر فهو أن الجزائر تملك أنبوب غاز آخر هو “ميدغاز”، الذي يربط الجزائر بإسبانيا مباشرة دون المرور على البر المغربي، تقدر طاقته بنحو ثمانية ملايير متر مكعب من الغاز المسال. ويربط خط أنابيب المغرب العربي، بين حاسي الرمل في الجزائر، قبل أن يصل إلى مدينة قرطبة الإسبانية عبر التراب المغربي، على مسافة ألف و300 كلم، منها 540 كلم على التراب المغربي، وهو ينقل 13.5 مليار متر مكعب من الغاز سنويا، يحصل منها المغرب على 500 مليون متر مكعب من الغاز من مجموع 1.1 مليار متر مكعب تشكل كافة احتياجات الجارة الغربية من هذه المادة الطاقوية. الطرف المغربي سارع إلى نفي هذه التسريبات، على لسان وزير الطاقة والمعادن، عزيز رباح، في محاولة للحد من مخاوف تزود المملكة المغربية بالغاز الجزائري، لا سيما وأن تقارير نقلت عن وزير الطاقة الجزائري، مصطفى قيطوني، قوله إن الجزائر ستضخ المزيد من الغاز عبر الأنبوب الآخر الرابط بين بني صاف وألميريا الإسبانية (ميدغاز). الأرقام المتعلقة بالعلاقات الجزائرية المغربية في مجال الطاقة، تشير إلى أن الجارة الغربية حصلت على حصة من الغاز إلى غاية شهر أوت الأخير، تقدر قيمتها بنحو 121 مليون دولار، مقابل 71 مليون دولار في الفترة نفسها من العام الماضي، حسب الإحصائيات الصادرة عن المغرب، وهو ما يكشف ثقل وأهمية هذا الأنبوب بالنسبة للرباط. ومعلوم أن المغرب يحصل على الغاز الجزائري بالمجان، أي مقابل مرور أنبوب الغاز على أراضيه، ما يعني أن وقف العمل بهذا الأنبوب، سيحتم على المغرب شراء الغاز من الأسواق العالمية، وهو ما سيفقد الرباط موردا ماليا معتبرا، في وقت تبدو خزينة المملكة غير قادرة على مسايرة الأعباء المتزايدة للشعب المغربي الذي يعاني من مشاكل البطالة والفقر. بعض المراقبين في المغرب اعتبروا هذه التسريبات محاولة من قبل السلطات الجزائرية إحراج جارتها الغربية، وهي قراءة قد لا تخلو من شيء من المصداقية، لأن العلاقات بين الجزائروالرباط تشهد حالة من عدم الاستقرار المزمن، بسبب مواقف عدائية من قادة المخزن، تأبى التوقف بمناسبة أو بدونها، حتى وإن تبادلا الرئيس بوتفليقة ونظيره العاهل المغربي رسائل التهنئة في الأعياد والمناسبات. وعندما تكون العلاقات غير مستقرة بين بلدين، فإن كل بلد يسعى إلى توظيف الأوراق التي بيده من أجل تركيع خصمه، وقد تكون ورقة الغاز هي الورقة الثقيلة التي يمكن للطرف الجزائري أن يرفعها مستقبلا في وجه النظام المغربي إذا استمر في ممارسة هوايته المفضلة، في استعداء الجزائر عبر المنابر الدولية. التسريبات التي تتحدث عن إمكانية وقف الإمداد بالغاز عبر خط أنابيب المغرب العربي – أوروبا، تأتي في وقت تتعاظم فيه الضغوط على المغرب بخصوص قضية الصحراء الغربية، بفعل الجهود التي يقوم بها الرئيس الألماني الأسبق هورست كوهلر، مبعوث الأمين العام للأم المتحدة على الصحراء، الذي يبحث عن حل لهذه المعضلة التي عمرت لأكثر من أربعة عقود، وهو ما يضع المغرب أمام كم هائل من الضغوط والتحديات، قد تفقده القدرة على المناورة في نهاية الشهر المقبل عندما يلتقي في مفاوضات مباشرة مع جبهة البوليزاريو تحت مجهر الأممالمتحدة.