انتقدت الجمعية الوطنية لأولياء التلاميذ الغياب الفاضح للنقل المدرسي في أغلب مناطق الوطن، في مقدمتها المداشر والقرى التي ما زال يعتمد فيها التلاميذ على الوسائل البدائية في التنقل ويقطعون مسافات طويلة من أجل التمدرس، أين يخرج الأطفال من بيوتهم تحت عتمة الظلام ويعتمدون على “الأوتو ستوب” لبلوغ الأقسام.. وفي هذا الإطار، اعترف رئيس المنظمة الوطنية لأولياء التلاميذ السيد على بن زينة بالمجهودات التي تبذلها الدولة في سبيل توفير النقل المدرسي، خاصة وأنها وزعت قرابة 1500 حافلة الشهر الماضي، غير أن هذه الحافلات وجهت حسبه لغير مستحقيها، حيث استغلها الأميار في نقل العمال والنوادي الرياضية ولم يستفد التلاميذ من هذه الحافلات. وأضاف بن زينة أن وزارة الداخلية في حملتها خصصت حافلة لكل بلدية وهذا ما يجعل أغلب التلاميذ يتنقلون إلى المدارس بطريقتهم الخاصة، مؤكدا “تصلنا تقارير يومية من مختلف الولايات تكشف عن تنقل التلاميذ في ظروف كارثية إلى المدارس، بالبعض يستيقظون قبل الفجر ويخرجون من منازلهم في الظلام لبلوغ المدرسة قبل الساعة الثامنة، في حين يعتمد آخرون على وسائل النقل الجماعية والمركبات التجارية على غرار الشاحنات والجرارات و”الأوتو ستوب”، ومنهم من يعجز حتى للوصول إلى المدرسة بسبب غياب النقل في العديد من الماناطق ما اضطر الكثير من الأولياء إلى توقيف أبنائهم عن التمدرس..”. وأضاف محدثنا أن حافلات النقل المدرسي باتت مخصصة فقط للتلاميذ المحظوظين، في حين يبقى أغلب التلاميذ في الجزائر العميقة محرومون من هذه الخدمة ويعانون الأمرين من أجل الوصول إلى المدرسة وهم في وضعية تعب وإرهاق، ومنهم من يتعرض لحوادث مرور واختطافات في طريقهم الطويلة إلى المدرسة. تلاميذ يذهبون إلى مدارسهم فوق الدواب بمعسكر وعلى الجرارات بوهران حال تلاميذ البلديات النائية بالجهة الغربية لا يقل سوءا عن المناطق الأخرى بتراب الوطن، حيث يعاني هؤلاء الأمرين لاسيما تلاميذ المرحلة الابتدائية، بسبب بعد المدارس عن بيوتهم، أين وصل الأمر ببعض تلاميذ دوار فراطسية بمعسكر، إلى قطع مسافة 3 كيلومترات مشيا على الأقدام، في ظل غياب مؤسسات تربوية قريبة من دشرتهم التابعة لبلدية سجرارة، بينما هناك من اختار طريقة أخرى بالاعتماد على الدواب لبلوغ المنطقة، فيكون الحمار أفضل وسيلة للوصول إلى مقاعد الدراسة، في حين يدخل الجميع في عطلة إجبارية خلال التقلبات الجوية وانسداد الطرقات الوعرة بالمياه الطوفانية، نفس المشكل يعاني منه تلاميذ بلديات وهران النائية مثل دوار التوميات بوادي تليلات ودوار بوجمعة وحاسي بونيف، وحتى بمناطق نائية بعين تموشنت والرمشي ومغنية، أين يلجأ الأطفال إلى ركوب الشاحنات والجرارات التي تنشط في مجال بيع مياه الشرب، من اجل بلوغ مدارسهم وما يصاحبه من أخطار على حياتهم بدليل هلاك العام الماضي تلميذ دهسته عجلات الجرار، بعد ما فقد توازنه ليقع من أعلى بمنطقة كوشة الجير بوهران، وهي كلها معطيات دفعت الأولياء في كثير من القرى والبلديات النائية إلى توقيف بناتهم عن الدراسة خشية وقوعهن في شراك المختطفين الذين يتظاهرون في هيئة سائقي سيارات كلوندستان فتكون العاقبة وخيمة، قد تنتهي بجرائم اغتصاب متبوعة بقتل. القرى النائية بتيزي وزو تطالب بنصيبها من النقل المدرسي ما زال تلاميذ بعض القرى النائية بولاية تيزي وزو، يعانون الأمرين قبل الالتحاق بمقاعد الدراسة، حيث لم تلتفت اليهم بعد السلطات فيما تعلق بالنقل المدرسي، بسبب قلة التلاميذ من جهة وغياب وسيلة نقل متعاقدة من جهة اخرى. المعاناة المستمرة رغم مناشدة اولياء التلاميذ، لم تقض عليها الامكانيات المادية التي تصرف للقطاع سنويا، اذ ما تزال العائلات تتدبر أمر نقل اطفالها ذهابا وايابا، ويزداد الوضع صعوبة في فصل الشتاء، خصوصا للمضطرين للتنقل مشيا على الأقدام قصد الوصول إلى اقرب محطة. ومن بين القرى المهمشة والتي ما تزال معاناة النقل المدرسي مطروحة فيها، نجد قرية وادي فالي وبعض القرى في ذراع الميزان، افرحوانان بأعالي تيزي وزو وغيرها.