في خطوة غير مسبوقة، أقدم نواب الكتل البرلمانية الخمس الموقعون على عريضة "سحب الثقة" من رئيس المجلس الشعبي الوطني، السعيد بوحجة، على غلق الباب الرئيسي للمجلس، مستهدفين منع رئيسه من دخول مكتبه الكائن بالطابق السابع. في وقت تواترت أنباء متطابقة، عن اقتحام مجموعة من النواب للطابق الخامس وشروعهم في طرد الموظفين متهمين إياهم بدعم بوحجة. النواب وبعد أن أحكموا غلق الباب الرئيسي بالسلاسل، تجمهروا في باحة المجلس المحاذية للواجهة البحرية، حيث شارع زيغود يوسف، وجددوا التأكيد على تمسكهم بمطلبهم الوحيد والمتمثل في استقالة رئيس المجلس، بينما ضربت مصالح الأمن طوقا احتياطيا لتجنب أيّ انزلاقات محتملة. وجاء قرار نواب الموالاة بغلق المجلس بهدف منع رئيسه من دخوله، بينما كان يشارك في تشييع مراسم جنازة قائد جهاز الدرك سابقا، الفريق احمد بوسطيلة، بعد أن فشلت كل خططهم ومحاولاتهم في الإطاحة ب"الرجل الرابع في الدولة"، الذي أبان عن استماتة غير متوقعة، حيث دخلت الأزمة أسبوعها الثالث، ملقية بتداعياتها الخطيرة على سير عمل الدولة. وكان المكتب السياسي لحزب جبهة التحرير الوطني، قد التأم الاثنين وخلص اجتماعه إلى "رفع الغطاء السياسي" عن رئيس المجلس وإحالته على لجنة الانضباط، في خطوة إضافية للضغط عليه من أجل الانسحاب، لكن يبدو أن هذه المحاولة لم تأت أكلها أيضا، لأن بوحجة أكد أنه سينسحب من منصبه في حالة واحدة، وهي "إقالته من قبل رئيس الجمهورية"، باعتباره هو من عينه في هذا المنصب، بصفته الرئيس الشرفي لحزب جبهة التحرير الوطني، كما قال بوحجة. "عمي السعيد" لم يكن حاضرا وقت الاحتجاج، كونه انتقل لحضور جنازة قائد الدرك الوطني الأسبق، الفقيد أحمد بوسطيلة، غير أنه أكد في اتصال مع "الشروق" أنه ماض في قراره بعدم تقديمه الاستقالة، ومؤكدا في الوقت ذاته بأن قراره هذا نابع من تمسكه بالشرعية وليس بالمنصب كما قال. فيما قرر رفع دعوى قضائية ضد بعض الأسماء التي غلقت المجلس وعلى رأسهم النائب عبد الحميد سي عفيف. وبينما يقول النواب الموقعون على العريضة التي تطالب بوحجة بالاستقالة، إنهم سحبوا الثقة من رئيس المجلس ورفضوا العمل معه، تحداهم بوحجة مشككا في كونهم أغلبية، كما استغل الفراغ الدستوري في التعاطي مع مثل هذه القضية (ليس هناك في الدستور أو النظام الداخلي للمجلس، ما يجبر بوحجة على تقديم استقالته)، ليرفض الانصياع لمطالب نواب الموالاة. الأحداث التي شهدتها الغرفة السفلى للبرلمان، الثلاثاء، ساهمت في دخول أطراف نيابية أخرى معارضة على خط الأزمة، منتقدة ما قام به نواب الأغلبية ومشككة في أغلبيتهم، وجاء هذا الموقف على لسان القيادي في حركة مجتمع السلم، النائب ناصر حمدادوش، الذي وصف غلق المجلس "البلطجة". وكتب حمدادوش عن حركة مجتمع السلم، في صفحته الخاصة على شبكة التواصل الاجتماعي فيسبوك واصفا ما حدث ب "البلطجةٌ غير المسبوقة في تاريخ العمل المؤسساتي للدولة، والذي لم تحدث حتى في زمن الإرهاب"، لافتا إلى أن ما أقدم عليه نواب الأغلبية يشكل "اختطافا واغتيالا لما تبقى من المؤسسة التشريعية". ووفق ما جاء في منشور حمدادوش، فإن "الأطراف المتصارعة على رئاسة المجلس لا تملك أي مبرر في استعمال مؤسسات الدولة كرهينة أو أداة في هذا التكالب"، فيما شكك في عدد النواب الذين يطالبون بوحجة بالاستقالة، حيث حصر عددهم في خمسين نائبا فقط، فيما يصر خصوم بوحجة على الدفع بالرقم 350 نائب، كما لم يتردد نائب "حمس" في وصف ما يجري في مبنى زيغود يوسف بأنه "فيلما مفبركا"، على حد تعبيره.