تقدم خولة حواسنية ابنة ولاية سوق اهراس بالضبط مداوروش مدينة المسرح والفنون وصاحبة الستة والعشرين عاما رؤيتها للنشر والفن والحركية الثقافية للقلم، حيث تبرز المهندسة المعمارية المتخصصة في التراث والترميم والمديرة العامة لإيكوزيوم آفولاي للنشر والتوزيع وصاحبة مجلة إيكوزيوم الإلكترونية في هذا الحوار الكثير من الجوانب في مسيرتها وأفكارها عن القلم الشاب وطموحات الناشرين والروائيين المرتبطة أساسا بالتنافسية والإبداع.. كيف بدأت خولة حواسنية مسيرتها مع القلم؟ بدأت مشواري المتواضع في عالم الكتابة بنشر رواية قصيرة حيث نبض قلبي التي ترجمت إلى الإنجليزية وأعيد نشرها بالعربيّة بالأردن مع المعتز للنّشر والتّوزيع لتشارك بالعديد من المعارض الدولية ثمّ تلا ذلك نشر رواية أكابيلا… لكل كاتب لحظة فارقة دفعته إلى الكتابة ربما يود الجمهور الاطلاع على هذا الفصل المحوري، فهل لك أن تبرزي لنا ذلك؟ طبعا.. بدأ كل الأمر بأن أضافني أحد الأصدقاء إلى مجموعة عشاق الكتب على موقع التواصل الاجتماعي الفايسبوك، هناك حيث بادرت بكتابة. حيث نبض قلبي مباشرة على جدار المجموعة حيث كنت أنشر كل يوم تقريبا ثلاثة مقاطع منها وجدت إقبالا ومتابعة كبيرين، وصار كل القراء أصدقاء لي فشجعوني على جمعها في قالب واحد ونشرها، بادرت إلى ذلك ونشرت حيث نبض قلبي وشاركت بمعرض الكتاب الدولي 2016، كانت القصة تدور حول حياة صحفية متخرجة حديثا تعمل بمجلة خاصة وكان طموحها الوحيد تحقيق النجاح الذي بإمكانه أن ينتشل الحالة البائسة لأمها التي أفنت سنوات عمرها تعمل كخياطة لأجلها بعد وفاة زوجها إلى حال أفضل.. حدث أن وقع رهان بين الصحفية ورب عملها بخصوص سبق صحفي مع مصممة أزياء جزائرية مقيمة بإيطاليا… سبق كفيل بتغيير حياتها… كان القدر بجانبها وتمكنت من ذلك بحيث تجاوز الأمر أن يكون سبقا صحفيا فقط بل أصبحت صديقة حميمة مع المصممة فجرت بعد ذلك الكثير من الأحداث التي جسدت صور الحب بجميع أوجهه من صداقة وعلاقات أسرية واجتماعية. وما هي حكاية ومناسبة المولود الأدبي الثاني أكابيلا؟ بالنسبة لأكابيلا فإني… لم أجد أقوى من معنى كلمة حقيقة، التي يختصرها الصوت بلا موسيقى، لم أجد أعمق من كلمة الأكابيلا لأختبر بها معدن الجوهر، ودقّته، لم أجد أصدق منها لتوقيع الحكم النهائي. أكابيلا قصة فتاة هجينة مالطية وعائلتها التي أمضت سنوات عمرها بتونس هناك حيث عاشت مأساة مقتل أخيها على يد أحد المافيا الذي بدوره كان ذات يوم صديقا مقربا له… لم تحتمل العائلة البقاء في تونس أكثر فكل شيء بات يذكرهم بيوم الحادثة حيث تقرر الأم الهجرة والعودة إلى مسقط رأس زوجها الراحل بالضبط مدينة سكيكدة بالجزائر، هناك حيث تقع الفتاة في حب ابن صديق أبيها الراحل الذي يعيش حالة ميتافيزيقية غريبة أسماها بالأكابيلا…حالة تكشف كل ما تخفيه صدور البشر ومن هنا تجري الكثير من الأحداث التي تساهم في كشف الحقائق… أكابيلا عبارة عن فنتازيا إن صح قول ذلك.. هل تجدين المدخل النفسي في البنية القصصية لرواية أكابيلا طابع تميز أم مجاراة لأحداث القصة أم ماذا بالتحديد؟ المدخل النفسي جزء لا يتجزّأ من أي قصّة كانت سواء أكابيلا أم غيرها بحيث كل قصّة محددة بشخصيات لها طبيعتها الإنسانية وفكرها ومشاعرها وهواجسها وجنونها الخاص لذلك لا يمكن أن نحدد ما يتعلّق بذلك بهذه البساطة.. فحتّى فكر الكاتب وشخصيته وأفكاره وثقافته قد تتعلق بذلك أيضا.. إنها مسألة معقدة تستدعي التحليل والتدارس على أيدي المختصين والنقاد وحتى القارئ المتمعن كي يفكك كثيرا من الدوال النفسية التي تعصف بالمطبوع وبين ثناياه في الواقعي والمجرد.. لنخرج قليلا عن الرواية.. ونتجه إلى الإنتاجات الحالية من الأقلام الشابة من معاصريك، هل تأمل خولة في جيل جديد من نخبة ثقافية نوعية ومؤثرة؟ طبعا كثرة إنتاج الكتاب أعتبره ظاهرة صحيّة، ولن تدلّ إلا على قدوم جيل طموح متطلّع له أهداف ومشاريع وهذا ما يحتاجه مجتمعنا في الوقت الرّاهن.. إنها فورة من الأفكار المتدافعة ومن حرية الرأي والتعبير ومن الأفكار الشابة والثورة ضد قمعية العادات والتقاليد التي تبلد الفكر وتحجر عليه.. ولكن يعاب على ما هو منشور حاليا تضخم الكم على حساب الكيف فالكثرة لا تعني بالضرورة الجودة والتميز، ما رأيك؟ أكيد.. الكثرة لا تعني الجودة وأنا أؤمن بهذا المبدإ.. لكن على الأقل الإقبال على الكتابة سيكون بمثابة مصفاة ويغربل الإنتاجات شيئا فشيئا، ولن يبقى في الساحة إلا الأجود الذي يبقى خالدا في ذاكرة القراء، حقيقة رحلة القلم يجب أن ترافق بالتكوين والتحسين وتقبل الانتقادات والعمل عليها للتحسين والمسايرة، ومن يتمعن في سير كثير من الكتاب الناجحين سيجد ضالته.. كلمة أخيرة ﻛﻠﻤﺘﻨﺎ ﺍﻷﺧﻴﺮﺓ هي ﺃﻥ ﺍﻟﻤﻮﻫﺒﺔ ﻭﺍﻟﻄﻤﻮﺡ ﺧﻄﺎﻥ ﻗﺪ ﻳﺘﻘﺎﻃﻌﺎﻥ ﻓﻲ ﻧﻘﻄﺔ، ﻭﻫﺬﻩ ﺍﻟﻨﻘﻄﺔ ﻫﻲ ﺍﻟﻔﺮﺻﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻧﻘﺘﻨﺼﻬﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﻹﺛﺒﺎﺕ ﻭﺟﻮﺩﻧﺎ ﻓيها، ﻧﺤﻦ ﻧﺸﺠﻊ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﺍﻟﺸﺒﺎﺏ ﻋﻠﻰ ﺇﺛﺒﺎﺕ ﺃﻧﻔﺴﻬﻢ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺠﺎﻝ ﺑﺎﻟﻤﺜﺎﺑﺮﺓ ﻭﺍاﻃﻼﻉ ﺃﻛﺜﺮ ﻓﺄﻛﺜﺮ، ﺗﻘﺮﻳﺒﺎ ﻛﻞ ﺩﻭﺭ ﺍﻟﻨﺸﺮ ﺗﻌﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻚ ﻭﺗﺄﺑﻰ ﺃﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﺣﺎﺟﺰﺍ ﺭﺍﺩﻋﺎ ﻓﻲ ﻭﺟﻪ ﻣﻦ ﻳﺮﻳﺪ ﺍﻟﻮﺻﻮﻝ ﺇﻟﻰ ﻃﻤﻮﺣﻪ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺍﻟﻘﻠﻢ ﻓﺘﺴﺎﻋﺪ ﺍﻟﻤﻤﻴﺰ ﻭﺗﺴﺎﻋﺪ ﺍﻷﻗﻞ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺘﻮﺳﻂ ﻋﻠﻰ ﺗﺪﺍﺭﻙ ﺃﺧﻄﺎﺋﻪ… كلمتنا الأخيرة إلى كل الشباب: تمسكوا بطموحاتكم واجعلوا منها أهدافا مشروعة، أشكر جريدة "الشروق اليومي"، المنبر الحر الذي أبى تكرما إلا أن ينقل اهتماماتنا نحن الشباب ويدعمنا وشكرا جزيلا لكم.