تتوحد خطب الجمعة عبر مساجد الوطن، الجمعة، لتتناول موضوع الاحتفال بالمولد النبوي الشريف وما يرافقه من ترويع وتهويل للمواطنين جراء المفرقعات التي يملأ دخانها عنان السماء، حتى إنه يخيّل إلى من يحضر المشهد أننا في "حرب عالمية"، ورغم أن مظاهر الاحتفالات المسبقة تراجعت بشكل ملحوظ عبر كافة مناطق الوطن إلا أن خطر "القنابل" المسوّقة ما زال يهدد الجزائريين في صحتهم، رغم الحملات التوعوية والتحسيسية والدروس المسجدية التي تتطرق في كل مرة إلى حرمة وخطورة المفرقعات القاتلة. "الشروق" اتصلت بعدد من الأئمة الذين أجمعوا على حرمة تلك المفرقعات لما فيها من أذية جسمية ونفسية ومالية للمسلمين. أوضح جمال غول، رئيس المجلس الوطني المستقل للأئمة، أنه ككل عام يخصص أئمة المساجد خطبة الجمعة التي تسبق الاحتفال بالمولد النبوي الشريف للتحذير من مخاطر المفرقعات على المسلمين. وقال غول، في اتصال مع "الشروق"، إنه وباتفاق العلماء تم تحريم المفرقعات لما لها من آثار سلبية قاتلة ومدمرة. وأضاف غول أنّ ما نعيشه في بلادنا من احتفالات يعد من أسوإ الاحتفالات على الإطلاق في العالم العربي الإسلامي. وتطرق المتحدث إلى الأذية التي تسبّبها المفرقعات على مختلف الأصعدة ومنها الأذية الجسدية المتيقنة بالدليل القطعي، ومعلوم أنّ كل ما يؤذي المسلمين فهو محرم، واستدل غول بالحالات المسجلة الأعوام الماضية التي بلغت مصالح الاستعجالات في المستشفيات ومنهم من فقئت عينه أو بترت يده أو أصبعه بسبب هول ما أصابه. أمّا الأذية الثانية، حسب المتحدث، فتخص إفزاع وتخويف المسلمين فقد يصاب المواطنون بأزمة أو نوبة جراء ما تحدثه المفرقعات من أصوات عالية وصاخبة وقد نهانا ديننا الإسلامي عن ترويع المسلم. أمّا الأمر الثالث وهو المعزز لتحريم المفرقعات فيتعلق بإضاعة المال فالمبالغ التي تصرف في المفرقعات لم تعد تقدر بالدينار الرمزي وإنما بالملايين وهي ضخمة جدا تحرق في دقائق وهذا هو عين التحريم. ودعا غول الأولياء والآباء إلى منع وتوعية أبنائهم بكل هذه الأمور السابقة، كما دعا الأئمة على اختلاف مواقعهم إلى النهي عن مثل هذه السلوكات المسيئة وضرورة التحسيس بمخاطرها. ولفت الإمام غول إلى أن واقع المفرقعات في بلادنا تضيّق كثيرا مقارنة مع ما كان عليه في سنوات قريبة خلت حين كانت تغزو الشوارع والأحياء شهرا قبل الموعد لكن ما نلاحظه حاليا هو أننا قبيل أقل من أسبوع من الاحتفال ولم نشاهد بعد المظاهر المعهودة سلفا. من جهته، أكّد جلول حجيمي، رئيس نقابة الأئمة الجزائريين، في اتصال مع "الشروق" أن مجمل الأئمة سيخصصون خطبة الجمعة للاحتفال بالمولد النبوي الشريف سواء تلقوا في ذلك مراسلة من وزارة الشؤون الدينية أم لم يتلقوا لأن هذا ما يحدث غالبا عشية الاحتفال بأي مناسبة دينية، كما أنّ الوزارة تعلن في كل عام شهر ربيع الأول شهر الأنوار وتقيم فيه العديد من النشاطات واللقاءات والندوات. وقال حجيمي إنّ "المسألة فيها خطورة شديدة لأن أشخاصا بعينهم يستغلون المناسبة تجاريا وتبقى التوعية والتحسيس دور الجميع سواء أئمة أم آباء أم مجتمعا مدنيا فالفرح برسول الله كما قال يكون بالأمور البسيطة التي ليس فيها ضرر ولا خطر ومحبتنا لرسول الله لا يجب أن تأتي بالمضرة والحرج والهلاك وإنما بتعظيم الشعائر وإحياء السنة". وأفاد حجيمي بأن الإقبال على المفرقعات تراجع بشكل كبير في العام الفارط والحالي وهذا يؤكد أن صوت المسجد بدأ يصل ويجب تدعيم الحملات التوعوية بشكل أكبر. وفي ما يخص الحكم الشرعي لمن يضر الآخرين بالمفرقعات قال حجيمي إنّه في حكم الحرام والمنهي عنه بإجماع العلماء. أمّا سليم محمدي، إطار بوزارة الشؤون الدينية وإمام بالجامع الكبير بالعاصمة، فأوضح في حديثه إلى "الشروق"، أن وزارة الشؤون الدينية عادة تنظم وتوجه إلى بعض المواضيع التي نعيشها في مجتمعنا وكذا بعض المناسبات الدينية دون أنّ تفرض على أحد من الأئمة ما يقوله أو يتناوله، كما أنّ التطرق إلى الحديث عن المولد ومخاطر المفرقعات صار تقليدا في كل عام. وأضاف محمدي أن الأئمة يسهمون في تنوير المجتمع حسب نوع المناسبة إن كانت دينية أو وطنية أو عالمية. وانتقد الإمام بشدة ما هو موجود من مظاهر احتفال لا تمت بصلة إلى سماحة دين الإسلام وسنة الرسول عليه الصلاة والسلام حين قال إن رسول الله عليه أفضل الصلاة رسول سلام ولغة تواصل المسلمين هي لغة سلام وتحيتهم أيضا هي تحية سلام فلا يمكن أبدا أن يحتفل به بالعنف والترويع والتهويل. واستطرد المتحدث بأن ما نراه من نتائج كارثية لهذه الاحتفالات "الشنيعة" تجعلنا نذكر دوما الأولياء والائمة بأهمية التوعية والتحسيس والتنشئة الصحيحة لأن المناسبة دينية بحتة ولها شق دنيوي كإظهار الفرح والسرور والاجتماع مع العائلة بكاملها والتوسعة على العيال واستحضار هدي الرسول في حياتنا اليومية. وختم سليم محمدي بالقول إنّ الحكم الشرعي للاحتفال بالمفرقعات التي تفقأ العين وتشوه الجسم والوجه وتبتر أعضاء الجسم هو الحرمة المغلّظة والنهي باعتبار الأحكام الشرعية مبنية على جلب المصالح ودرء المفاسد، فضلا عن كون المفرقعات تبذيرا صارخا لمال المسلم. الجمعية الوطنية للتوعية والوقاية ضد الحروق: احذروا.. المفرقعات قد تصيب الجلد بالسرطان تحذر الجمعية الوطنية للتوعية والوقاية ضد الحروق وككل سنة مع اقتراب الاحتفال بالمولد النبوي الشريف، مختلف فئات المجتمع من العواقب الوخيمة التي قد تنجر عن الاستعمال السيئ للمفرقعات، هذه الأخيرة التي تتغير أحجامها، وموادها ومكوناتها كل سنة باختلاف البلد المصنع حيث يمكن أن تتحول بعض الإصابات إلى أمراض مستعصية وقاتلة منها سرطان الجلد. وتشير آخر الدراسات التي أقيمت بخصوص إخطار المفرقعات حسب تأكيدات الجمعية، إلى أن هذه الأخيرة وبسبب خطورة المكونات التي يتم تصنيعها بها خاصة مجهولة المصدر، يمكن أن تترك آثارا خطيرة على الجلد في حالة انفجارها عليه لاسيما كبيرة الحجم من القذائف والصواريخ وحتى المتفجرات التي تشبه بعضها الحربية حتى إن بعضها يمكن أن تحول حياة المصاب إلى جحيم خاصة على المدى الطويل بعدما تتحول الإصابة إلى مرض السرطان. وتدعو الجمعية في السياق إلى ضرورة الابتعاد عن الطرق التقليدية في حالة التعرض للحروق كتجنب وضع التراب أو معجون الأسنان كما أنه من غير المعقول الاستعانة بالطماطم أو القهوة أو حتى الدقيق في حالات مماثلة كما تقوم به العديد من العائلات تبعا لتقاليد الأجداد وذلك تجنبا لمضاعفات أخرى، ودعت الجمعية كل من تعرض للحروق إلى الاتجاه نحو الحنفيات وعرض العضو تحت الماء لمدة معينة كإسعاف أولي قبل التوجه إلى المستشفى. استعانت بالمدارس والمساجد والفايسبوك الحماية المدنية تطلق صفارة الإنذار للتحذير من المفرقعات أطلقت مصالح الحماية المدنية صفارة الإنذار تزامنا واقتراب الاحتفالات بالمولد النبوي الشريف، محذرة من خطورة استعمال المفرقعات ومختلف الألعاب النارية التي تشهد سنويا تطورا في الحجم وقوة الانفجار، قد تترك لمستعمليها تشوهات وعاهات جسدية مستديمة تصاحب الشخص طيلة حياته في حالة الاستعمال المفرط والخاطئ، واستعانت الحماية بمواقع التواصل الاجتماعي والمدارس للوصول إلى أكبر شريحة من المجتمع في عملية تحسيسها. وتحضيرا للمناسبة التي ستتزامن بحر الأسبوع المقبل، تنظم المديرية العامة للحماية المدنية حملة تحسيسية وتوعوية للتحذير من مخاطر المواد النارية والمفرقعات وحتى الشموع التي رغم بساطة تركيبتها إلا أنها يمكن أن تحدث كوارث حقيقية في حالة الاستعمال السيئ أو التهاون لإطفائها خاصة داخل المنازل.. ولأن الأطفال يعتبرون الأكثر تعرضا لأخطار المفرقعات باعتبارها الفئة الأوسع استعمالا لهذه الألعاب النارية أيام الاحتفال، ارتأت الحماية المدنية توجيه الحملة لفائدة المتمدرسين والطلبة على وجه الخصوص بمختلف المؤسسات التربوية فضلا عن الاستعانة بمواقع التواصل الاجتماعي بما فيها الفايسبوك للتقرب أكثر من كافة فئات المجتمع مع بذل مجهودات معتبرة بتجنيد كافة المؤسسات العمومية من أجل حماية وسلامة الموطنين عن طريق بتفعيل آليات موحدة تشمل مختلف الجهات المساهمة. وذكرت مصالح الحماية المدنية بالمناسبة الأولياء بالمسؤولية الملقاة على عاتقهم في حماية أبنائهم وتعريفهم بالمغزى الحقيقي من الاحتفال بالمولد النبوي الشريف بهدف مرور مناسبة دينية مماثلة خالية من أي حوادث تذكر. ووضعت الحماية المدنية جملة من التدابير الوقائية لتجنب الأخطار الناجمة عن الاستعمال السلبي لهذه المفرقعات، منها الحذر من الانفجارات التي تقع على مستوى اليد، الحروق على مستوى العين، فقدان حاسة السمع، إضافة إلى إصابات خطيرة قد تؤدي إلى تشوهات مستديمة كالتي استقبلتها العديد من المستشفيات خلال احتفالات سابقة منها بتر أصابع اليد والأطراف فضلا عن فقدان الرؤية بسبب تعرض إحدى العينين لإصابات بالغة، كما قد ينجم عن الاستعمال السيئ لهذه الألعاب احتراق الملابس واندلاع حرائق أخرى على مستوى الغرف إضافة إلى اندلاع حرائق خارج البيت أغلبها تكون على مستوى الشرفات. كما دعت ذات المصالح إلى ضرورة تجنب رمي هذه المواد النارية على الأشخاص، السيارات أو بالقرب من المستشفيات والمراكز الصحية، من مواقف السيارات ومحطات البنزين تجنبا لأي حوادث خطيرة يمكن أن تسجل أضرارا بليغة. ولتجنب الاستعمال السلبي للشموع، قدمت الحماية المدنية عدة تعليمات وإرشادات أمنية، منها وضع الشموع على دعائم ثابتة وغير قابلة للالتهاب، وأن يكون استعمالها من طرف البالغين فقط مع إبعادها عن الأشياء القابلة للالتهاب كالأغطية والأفرشة والأثاث، كما حذرت من تركها في متناول الأطفال رفقة علب الكبريت.