بدأت دول منظمة البلدان المصدرة للنفط (أوبك) اجتماعها في العاصمة النمساوية فيينا، الخميس، للاتفاق على خفض في الإنتاج يهدف إلى الحد من تراجع الأسعار، ولم تتردد في تحدي الرئيس الأمريكي دونالد ترامب كلامياً، لكن من دون أن تقنع الأسواق. وصرح وزير الطاقة السعودي خالد الفالح قبل بدء الاجتماع، أن المجتمعين "يسعون إلى خفض كاف لتحقيق توازن السوق". وتريد أوبك التي تعتبر السعودية أبرز أعضائها والتي تضخ ثلث الإنتاج العالمي، الحد من تراجع الأسعار التي انخفضت بنسبة ثلاثين في المائة في الشهرين الأخيرين. وقال الفالح، إن خفضاً بمقدار "مليون برميل يومياً" مرغوب فيه. وانخفضت أسعار النفط أكثر من 4 في المائة إثر هذه التصريحات في المبادلات الأوروبية، فتراجع سعر برميل برنت إلى أقل من ستين دولاراً. وأوضح المحلل ديفيد مادين من مجموعة "سي إم سي ماركيتس"، أن "السعودية اقترحت خفضاً أقل مما كان التوافق عليه" بين الدول المنتجة. وعشية اللقاء، دعا الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الذي يمارس ضغوطاً على أوبك منذ أشهر، المنظمة إلى الامتناع عن رفع أسعار الذهب الأسود مع رغبته مواصلة مساعدة المستهلكين الأمريكيين. وكتب في تغريدة على موقع تويتر: "نأمل أن تبقي أوبك على تدفق النفط كما هو دون قيود. العالم لا يريد ولا يحتاج أن يرى أسعار النفط ترتفع". Hopefully OPEC will be keeping oil flows as is, not restricted. The World does not want to see, or need, higher oil prices! — Donald J. Trump (@realDonaldTrump) December 5, 2018 لكن الفالح صرح، الخميس، أن الولاياتالمتحدة "ليست في موقع" يسمح لها بأن تملي على أوبك سلوكها. وقال الفالح قبل الاجتماع، إن واشنطن "ليست في موقع يسمح لها بأن تقول لنا ماذا علينا أن نفعل"، مضيفاً "لا أحتاج إلى إذن أحد لخفض" الإنتاج. وبلغ إنتاج أوبك في أكتوبر 32.99 مليون برميل يومياً، حسب وكالة الطاقة الدولية، فيما أعلنت السعودية عن زيادة في إنتاجها في نوفمبر. وبعدما أكد أنه يعارض خفض إنتاج بلاده بسبب العقوبات الأمريكية، سخر وزير النفط الإيراني بيجان نمدار زنقنه، الخميس، من تغريدة ترامب. وقال "إنها المرة الأولى التي يقول فيها رئيس أمريكي لأوبك ماذا عليها أن تفعل". وأضاف الوزير الإيراني: "عليهم (الأمريكيون) أن يعرفوا أن أوبك ليس فرعاً من وزارة الخارجية الأمريكية". وأوضح أن معظم دول أوبك تريد سعراً للخام يتراوح بين ستين وسبعين دولاراً. ويتوقع معظم المحللين إعلاناً عن خفض في الإنتاج يبقى حجمه مجهولاً، بهدف تحسين سعر النفط الذي بات يبلغ حوالى ستين دولاراً لبرميل برنت المرجعي الأوروبي. الدور الأساسي لروسيا ويبقى حجم الخفض الحقيقي للإنتاج النقطة الرئيسية المجهولة في اجتماع اليوم (الخميس)، وفي الاجتماع الذي يعقد، الجمعة، بين أوبك وشركائها وعلى رأسهم روسيا. وهاتان المجموعتان اللتان تضمان معاً حوالى عشرين دولة وتمثلان أكثر من نصف العرض العالمي، أبرمتا منذ نهاية 2016 اتفاقاً للحد من الإنتاج. وصرح وزير النفط الروسي ألكسندر نوفاك الذي سيحضر اجتماع، الجمعة، في فيينا، الخميس، في سان بطرسبورغ، أن "الأحوال الجوية" خلال فصل الشتاء الروسي "تجعل من الصعب على روسيا الخفض أكثر من دول أخرى، ملمحاً بذلك إلى أن جهداً روسياً في هذا الاتجاه قد لا يأتي إلا في وقت لاحق. وذكر محللون في مجموعة "كوميرتسبنك"، في وقت سابق الخميس، أن "لروسيا دوراً أساسياً تلعبه في هذا الإطار". ورأى المحلل ستيفن برينوك من مجموعة الوساطة اللندنية "بي في إم"، أن الاتفاق حول خفض جديد شبه "مبرم مسبقاً". وأضاف أن سيناريو معاكساً سيؤدي إلى "موجة بيع بكميات كبيرة وسيضمن عودة إلى الفائض العالمي من النفط. النقطة المجهولة الوحيدة في هذه المرحلة هي حجم تخفيض الإنتاج". ويبدو الهامش الذي تملكه أوبك ضيقاً خصوصاً لأن السعوديين لا يمكنهم تحدي الرئيس الأمريكي علناً بعد الاستياء العالمي الذي أثاره قتل الصحفي جمال خاشقجي في قنصلية المملكة في إسطنبول. وفي هذا الإطار، يحتاج ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان إلى حماية حليفه في البيت الأبيض، لكنه يحتاج أيضاً إلى سعر أعلى لبرميل النفط ليتمكن من تنفيذ إصلاحاته الاقتصادية. وما زالت أوبك تعاني من ركود الأسعار الذي جاء بعد قرارها زيادة الإنتاج في نهاية 2014 من أجل استعادة حصص السوق من النفط الصخري الأمريكي. وتراجعت الأسعار إلى 45 دولاراً للبرميل الواحد في جانفي 2015، ما أضعف اقتصادات الدول النفطية. ومنذ ذلك الحين، سمح تحالف المنظمة مع منتجين آخرين بينهم روسيا، لها بالمساهمة في زيادة أسعار الخام حتى مطلع أكتوبر 2018. في جوان الماضي، خفف المنتجون قواعد الانضباط بهدف السماح لروسيا والسعودية باستخراج كميات أكبر من النفط من أجل التعويض عن الخروج المتوقع للنفط الإيراني من الأسواق. وكانت الولاياتالمتحدة أعلنت إعادة فرض العقوبات على صادرات النفط الإيرانية في نوفمبر ما كان يفترض أن يؤدي إلى خفض العرض العالمي. لكنها استثنت في اللحظة الأخيرة من القرار ثماني دول مستوردة لهذا النفط بمستويات أكبر من تلك التي كانت تتوقعها الأسواق. وأدى هذا القرار إلى انخفاض الأسعار في الشهرين الأخيرين ما ألغى الأرباح التي تحققت منذ مطلع 2017. #UPDATE OPEC members and other oil-producing countries mulled cuts in output Thursday to prop up plunging crude prices, defying repeated calls by US President Trump that they keep the taps open https://t.co/yXKZguEfm5 #OPEC pic.twitter.com/ahseGCIJYz — AFP news agency (@AFP) December 6, 2018