تحولت التدفئة إلى واحد من المطالب الأساسية لتلاميذ الأطوار التعليمية الثلاثة في العاصمة وفي باقي ولايات الوطن، وهذا نظرا إلى البرودة الشديدة التي تشهدها البلاد هذه الأيام والانخفاض المحسوس في درجات الحرارة المرفق بسقوط كميات من الأمطار والثلوج على المرتفعات، وهو ما يعيق التلاميذ ويمنعهم من الدراسة والاستيعاب في أقسام تشبه إلى حد كبير الثلاجات بل وتصيبهم الرطوبة وأجواؤها بأمراض خطيرة. واجه تلاميذ بعض المؤسسات التعليمية صعوبات كبيرة خلال وجودهم داخل الأقسام الأسبوع الماضي، حيث اضطر غالبية المتمدرسين في مؤسسات لا تتوافر بها مدافئ، إلى البقاء بستراتهم ومعاطفهم، بل وبقبعات الرأس "بوني" في بعض المدارس بالولايات الداخلية لعلها تحميهم من البرودة الشديدة، بينما عجزت عن حمايتهم من الأمراض المختلفة التي تصيبهم نتيجة برودة الطقس والبقاء لفترة طويلة بملابس مبللة ودون تدفئة أيضا. تحكي لنا تلميذة بثانوية بضواحي زرالدة، عن معاناتهم طوال فصل الشتاء لانعدام المدافئ، فضلا عن وجود بعض الكسور في زجاج النوافذ، وهو ما جعلهم عرضة للتيارات الهوائية الباردة. وبالرغم من تقدمهم عدة مرات من إدارة المؤسسة لنقل انشغالاتهم لكنهم لم يجدوا آذانا مصغية، بل في كل مرة يعدونهم بتسوية الأمر ولكن دون جدوى، وقد شارف الشتاء على الانتهاء ومازالوا يدرسون في أقسام باردة أشبه بالثلاجات. وأضافت المتحدثة أن أكثر من نصف زملائها يتغيبون عن الدراسة عند تساقط الأمطار، خصوصا المصابين بالربو، الحساسية، متلازمة رينو… وغيرها من الأمراض التي تزداد تعقيدا بانخفاض درجات الحرارة. بينما أكدت لنا إحدى الأمهات حرصها على إلباس ابنها المتمدرس في المتوسط سترتين ووضع قبعة ثانية داخل حقيبته المدرسية، وبمجرد دخوله القسم ينزع السترة الأولى ليبقى بالثانية في الوقت الذي يغير فيه قبعته المبلولة بالإضافية الموجودة في الحقيبة، واستغربت والدة التلميذ حرص المؤسسة واهتمامها بمراقبة مآزر التلاميذ في الوقت الذي لا تهتم فيه بصيانة تجهيزاتها وإرغام الأطفال على الدراسة في البرد. واعترف العديد من التلاميذ بتكرار مشكلة التدفئة في المدارس في كل عام ولكن دون جدوى، فبعض المؤسسات التي تشتغل بها المدافئ يكون الأمر لفترة قصيرة جدا، وعندما تبدأ البرودة الحقيقية على حد قولهم تعود إلى التعطل، معترفين بأن البرد جعل البعض منهم يحضر إلى القسم ويظل مرتديا لباسه بالكامل حتى القفازات، فيما يعجز تلاميذ آخرون على كتابة دروسهم أو حتى تحريك أصابعهم، بل يكتفون بالسمع فقط ومتابعة الدرس دون تدوينه على أن يكتبوه في المنزل، وبعدما يكون التلاميذ مرغمين على السير تحت الأمطار بثيابهم يبقون طيلة الفترة الصباحية بها، وهو ما يزيد من إصاباتهم بالأمراض التنفسية. منظمة أولياء التلاميذ: طالبنا بالتدفئة والنقل والإطعام لكن الوزارة تتجاهلنا أوضح رئيس المنظمة الوطنية لأولياء التلاميذ، علي بن زينة، تلقيهم أزيد من 250 شكوى في ظرف شهرين من مختلف ولايات الوطن وبالتحديد قسنطينة، الأغواط، عين الدفلى، البيض، أما في العاصمة ففي المقدمة زرالدة، سيدي موسى، المرسى، برج البحري والأحياء الجديدة، بانعدام التدفئة، وهذا منذ انخفاض درجة الحرارة، وتكون الشكاوي من تلاميذ يزاولون دراستهم في الأطوار التعليمية الثلاثة أو من أوليائهم الذين لم تجد شكاويهم في المؤسسات التعليمية أي تجاوب. وعلق بن زينة على الردود السلبية لمديري المؤسسات التعليمية تجاه هذا المطلب المشروع للمتمدرسين وذويهم وعدم مبالاة المسؤولين في قطاع التربية، حيث رد مدير في الأغواط بعد وقفة احتجاجية للتلاميذ للمطالبة بالتدفئة بعبارة: "ما عندي مانديرلكم"… وهو ما صدمهم وجعلهم يتصلون بالمنظمة. وذكر بن زينة أن مشكل التدفئة يتكرر في كل سنة ولم تتحرك الوزارة لحله، فبعض المؤسسات لا تتوافر فيها التدفئة أساسا، وهناك أخرى تحتاج إلى صيانة أو تزويد بالغاز، لكن لا توجد فرق مختصة تقوم بهذه المهمة بصفة دورية، مستغربا عدم تحرك المسؤولين في وزارة التربية لإيجاد حل لهذه الطلبات الملحة والمتكررة في كل عام.