حذر محمد لكصاسي، محافظ بنك الجزائر، من الارتفاع المتواصل لمعدل التضخم خلال السداسي الأول من العام الجاري، مشيرا إلى أن الظاهرة مرشحة للاستمرار في حال لم تتحرك الحكومة من خلال جميع الأجهزة لفرض مراقبة مشددة على تركيبة الأسعار عند الإنتاج إلى جانب الإجراءات المشددة التي اتخذها بنك الجزائر منذ 2011، على غرار رفع معدل الاحتياطي الإجباري للبنوك من 9 إلى 11 بالمائة في إطار الإجراءات التي اتخذها البنك المركزي للحد من إشكالية السيولة الفائضة على مستوى البنوك التجارية. وقال محافظ بنك الجزائر خلال مؤتمر بمقر البنك حول الاتجاهات النقدية والمالية خلال السداسي الأول من السنة، أن معدل التضخم الذي عرف شبه استقرار سنة 2011 عرف تسارعا حادا بداية من جانفي من العام الجاري مسجلا معدل 7.29 بالمائة شهر جوان الأخير، وهو الاتجاه الذي يؤكد أن التضخم أصبح ظاهرة مستمرة بسبب صدمة الأسعار الداخلية. وأضاف لكصاسي، أن المواد الأساسية التي دفعت بالتضخم إلى مستويات قياسية تتمثل في أسعار المواد الفلاحية الطازجة والمواد التحويلية التي ساهمت ب71.14 بالمائة في الفترة بين جوان 2011 و2012 في حين مثلت 69.4 في شهر مارس الأخير لوحده، مشيرا إلى أن القيمة الإسمية للعملة الوطنية الدينار عرفت تحسنا خلافا لما هو متداول محليا، كما سجلت نفس الفترة تراجعا في وتيرة توسع الكتلة النقدية بعد أن حافظت على وتيرة تصاعدية خلال السنوات الأخيرة، ليخلص إلى التأكيد على أن ظاهرة التضخم أصبحت خلال السداسي الأول داخلية مرتبطة بعجز الحكومة في ضبط السوق الوطنية للسلع والخدمات، مما يستدعي إسراع الحكومة إلى القيام بمراجعة عميقة لتركيبة الأسعار خلال مختلف مراحل العمليات التجارية بهدف فرض المزيد من قواعد الشفافية. ولم يستبعد لكصاسي، مساهمة توسع الإنفاق العمومي في زيادة التضخم إلى جانب الزيادات الأخيرة في أجور الوظيف العمومي إلى جانب مخلفات الأجور التي عرفتها العديد من القطاعات التابعة للوظيف العمومي. وبخصوص تطور ميزان المدفوعات الجزائري، أشار محافظ البنك المركزي، إلى أن متوسط سعر النفط الجزائري سجل خلال السداسي الأول 113.37 دولار للبرميل مقابل 112.92 خلال نفس الفترة من العام الفارط، كما سجل حجم الصادرات تراجعا ب2.29 بالمائة خلال الفترة موضوع المقارنة، ومع ذلك بلغت قيمة الصادرات 37.5 مليار دولار مقابل 36.04 مليار دولار في السداسي الأول 2011، فيما لم تتجاوز الصادرات خارج المحروقات 0.5 مليار دولار، وهذا نتيجة العجز التام في تنويع الاقتصاد الوطني يؤكد محافظ بنك الجزائر الذي كشف عن زيادة في الواردات خلال نفس الفترة التي بلغت 23.9 مليار دولار باستثناء واردات الخدمات التي بلغت 5.69 مليار دولار. وكشف المتحدث أن احتياطات الصرف بلغت عند نفس الفترة 186.32 مليار دولار خارج احتياطات البلاد من الذهب التي لا تدرج في الحساب بسبب تقلبات أسعار المعدن الأصفر في الأسواق الدولية، فيما تراجعت المديونية الخارجية للبلاد إلى 3.99 مليار دولار عند نفس الفترة (نهاية جوان 2012) من 4.4 مليار دولار نهاية ديسمبر الماضي. وتوقف لكصاسي عند مستوى الاحتياطات المتراكمة على مستوى صندوق ضبط الموارد الذي يحتوي على 5888.6 مليار دينار نهاية جوان، مشيرا إلى التطور الحاصل في مستوى القروض للاقتصاد التي بلغت 2121 مليار دج للقطاع الخاص و1893 مليار دج للقطاع العام.