لم تكن الجمعة التاسعة للحراك الشعبي شبيهة بنظيراتها الماضية، ليس من حيث السيول البشرية التي توافدت على العاصمة أو كبريات المدن الجزائرية، بل كانت مغايرة من حيث الأجواء التي ميزت المسيرة الأكثر سلمية منذ بداية الحراك، حيث لم تتخللها أي حوادث أو قمع من طرف قوات الأمن وحتى اعتقالات، ويرى مراقبون أن ذلك جاء بعد وعود الفريق أحمد قايد صالح نائب وزير الدفاع الوطني، رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي بحماية الحراك الشعبي، وأكد أنه تم إسداء “تعليمات واضحة لا لبس فيها لحماية المواطنين لاسيما أثناء المسيرات”. عرفت مسيرة الجمعة 19 أفريل حسب ما تم معاينته في الميدان تنظيما وإحكاما أكثر، فعكس الجمعة الماضية لم يتم نشر قوات مكافحة الشغب عبر جميع شوارع وساحات الحراك بالقدر الذي عرفته المسيرات الفائتة، سواء على مستوى شارع ديدوش مراد المعروف بتطويقه عن آخره بمدرعات تابعة لقوات مكافحة الشغب، أو على مستوى عدد من النقاط المعروفة بعاصمة البلاد أين تقوم السلطات بنشر الآلاف من رجال الأمن، إذ لم يسجل التواجد الأمني إلا عند مدخل نفق الجامعة المركزية أو ما أطلق عليه “غار الحراك” كإجراء تحفظي فقط. وتميزت مسيرة الجمعة التاسعة على التوالي بسلمية أكثر منذ بداية الحراك الشعبي، حيث لم تتخللها أي حوادث أو أحداث معزولة أو احتكاك بين المتظاهرين وقوات الشرطة، مثل ما يتم تسجيله، خاصة في الساعات الأخيرة لنهاية المسيرات بالرغم أنها مليونية وفي كل أنحاء الوطن، بل أبعد من ذلك فإن جمعة 19 أفريل، لم تسجل تدخل مصالح الأمن بقمع او توقيف، أو الإعلان عن إصابة أي شرطي أو مواطن خلال آخر مسيرة للجزائريين. إلى ذلك، فإنه منذ بداية الحراك في 22 فيفري المنصرم، يخرج الشعب الجزائري في مسيرات مليونية سلمية كانت محط أنظار العالم بأسره، بل أن الشرطة كانت جنبا إلى جنب مع المتظاهرين، وكانوا يحتفلون معهم في نهاية كل مسيرة بالهتافات، وكان الجزائريون يردون عليهم بشعارات “جيش شعب خاوة خاوة”، أو “نحي الكاسكيطة وأرواح معانا”، لكن انقلبت الأمور لأسباب تبقى مجهولة إلى حد الساعة، إذ تفاجأ الشعب الجزائري يوم ال10 أفريل الجاري، بإظهار قوات مكافحة الشغب لوجه مغاير لم يعتادوا عليه، بل كانت صدمة للبعض حينما قاموا بقمع الطلبة في مسيراتهم، بل أن مسيرة جمعة 12 أفريل، عرفت قمعا أكثر حدة باستعمال خراطيم المياه والغاز المسيل للدموع، في ساحة أودان وبالضبط عند مدخل ومخرج النفق الجامعي إلى جانب ساحة البريد المركزي. ويرى المتتبعون أن ما عرفته مسيرة الجمعة التاسعة الخالية من القمع، ما هي إلا أوامر تنفيذية للفريق أحمد قايد صالح، نائب وزير الدفاع الوطني، رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي، الذي أكد من ورقلة أن حماية الشعب قرار لا رجعة فيها وقال “أسدينا تعليمات واضحة لا لبس فيها لحماية المواطنين لاسيما أثناء المسيرات، لكن بالمقابل ننتظر من شعبنا أن يتفادى اللجوء إلى العنف وأن يحافظ على الممتلكات العمومية والخاصة، ويتجنب عرقلة مصالح المواطنين”.