فيلم "براءة المسلمين"، للمخرج الأمريكي-الإسرائيلي سام باسيل والممول من 100 شخصية يهودية والمروج له من أقباط المهجر المصريين والقس الأمريكي المتطرف تيري جونز، أشعل فتيل أزمة جديدة بين المسلمين والغرب تنبىء بداياتها بخريف ساخن في بعض الدول العربية والإسلامية يذكر بأزمة الكاريكاتير الدانماركي الذي هاجم نبي الإسلام محمد صل الله وعليه وسلم. موقف الأقباط في الداخل والخارج جون ماهر، ممثل جمعيات الأقباط في فرنسا، علق قائلا: "بداية أنا أرفض تسمية (أقباط المهجر) لأنه مصطلح سياسي أطلقه الرئيس المصري الأسبق أنور السادات على خصومه من المسيحيين المصريين المقيمين في الخارج، هناك أقباط يعيشون خارج مصر كما أن هناك مسلمين أيضا"، وأضاف "إن موقف المسيحيين في الخارج يتشابه مع موقف المسلمين أيضا، فهناك من يرى أنه لابد من احترام الحساسيات الدينية أيا كان الدين المعني وهناك من يرى أن الأمر يتعلق بمفهوم حرية التعبير المطلقة في الغرب وأن من حق أي شخص التعبير عن آرائه كما يشاء. وبالتالي الأمر لا يتعلق بكون المرء مسلما أم مسيحيا". أما بخصوص وقوف بعض المسيحيين المصريين في أمريكا خلف الترويج لهذا الفيلم، يقول جون ماهر: "عند معرفة هويات هؤلاء المسيحيين، لا أشعر أبدا بالدهشة فموريس صادق وزملاؤه معروفون بتطرفهم ومطالبتهم بدولة مسيحية مستقلة، وهي آراء لا أوافق عليها إطلاقا، فليس من المستغرب إذن وقوفهم وراء مثل هذه الأعمال لتفجير العلاقات بين المسلمين والمسيحيين"، "ولا شك أن المتشددين السلفيين في مصر سيستغلون الحدث لمضايقة المسيحيين الأقباط حتى ولو لم يكن لهم ضلع في الأمر". وعلى نفس الصعيد، أعلن الأنبا باخوميوس قائمقام بابا الأقباط الأرثوذكس في بيان أصدره أمس تبرؤه ممن قاموا بهذا العمل ورفضه لأي عمل يمس عقائد ومشاعر المسلمين. السيد كميل صادق المتحدث الرسمي باسم الكنيسة القبطية أكد لفرانس 24 أن الموقف الرسمي للكنيسة المصرية واضح، أما على مستوى الشعب المسيحي فأغلبية المسيحيين يدينون هذا العمل أيضا لأنه ليس من أخلاقيات المسيحي التشهير وازدراء أصحاب الديانات الأخرى. وإنهم، أي المسيحيون، لا يتفقون إطلاقا مع أصحاب المطالب المتطرفة في الخارج الذين وصفهم بأنهم أصحاب أهداف دنيوية ليس لها علاقة بالمسيحية كما أنه يقف خلفهم بعض الجهات التي لا تريد الخير لمصر. وشدد كميل على أنه إذا كان موقف المسيحيين هو استنكار أي عمل يحط من المسيحية فمن باب أولى استنكارهم للأعمال التي تحط من قدر أصحاب الديانات الأخرى. كميل صادق أكد أن ما يحدث هو جزء من مسلسل هدم مصر عبر زرع الفتنة بين أبناء الوطن الواحد ، واتهم صادق أطرافا محددة – قطر وإسرائيل والولاياتالمتحدة – بلعب دور أساسي في هذا المسلسل، وقال لكنني أعول على العقلاء من المسلمين والمسيحيين لنزع فتيل هذه الأزمة والحفاظ على مصر. الإخوان المسلمون والعلاقات المصرية الأمريكية لا شك أن هذه الأزمة تأتي أيضا في توقيت حرج بالنسبة للحكومة المصرية ورئيس البلاد ذي الخلفية الإخوانية محمد مرسي، فهي تمثل اختبارا مهما للحكام الجدد للبلاد في إظهار مدى إحكام قبضتهم على مصر وتحجيم دور الإسلاميين المتشددين الذين يجهرون بالعداء للولايات المتحدة. "الإخوان المسلمون" في نظر الخبراء لا يريدون لأي شيء أن يعكر صفو علاقتهم الجديدة مع الأمريكيين خاصة لأنهم بحاجة إلى دعم واشنطن على المستويين السياسي والاقتصادي،مصطفى اللباد – مدير مركز الشرق الأوسط للدراسات السياسية والإستراتيجية يقول إن الدافع وراء هذا الفيلم هو توتير العلاقات الجيدة بين الإدارة الأمريكية والإخوان المسلمون في مصر، فأقباط المهجر يأخذون على إدارة أوباما وقوفها ودعمها لتيارات الإسلام السياسي في العالم العربي وخاصة بعد موجة الثورات التي اجتاحت الدول العربية. ويرى اللباد بأن منطق صراع الحضارات لا يزال هو المنطق الذي يحكم العلاقة بين الإسلام والغرب وأن للمتطرفين والمتشددين على الجانبين مصلحة مشتركة في إبقاء جذوة هذا الصراع،وبرر اللباد ضعف التواجد الأمني في محيط السفارة الأمريكيةبالقاهرة والتي اقتحمها المتشددون، بأن مواجهة هذا العدد الكبير للمتظاهرين كان سينجم عنه بالتأكيد ضحايا كثر وبالتالي كان اختيار قوات الأمن هو تجنب المواجهة. ولأن الأمر، حسب رأيه لا يتعدى زوبعة فنجان، فإن رد الفعل الأمريكي كان هادئا ومقدرا لإفراط المشاعر الدينية ولكن على مستوى العلاقات العميق يرى الأمريكيون أن الإخوان المسلمون هم الضامن للمصالح الأمريكية في المنطقة ولذا لن يقدموا على اتخاذ خطوات تضر بعلاقتهم معهم،ويذكر أن فيلم "براءة المسلمين"، لقي استنكارا شديدا من عدد كبير من السياسيين المصريين وكذلك الأقباط والناشطين على الفيس بوك وتويتر، ووصفه البعض بالتفاهة والسطحية الشديدة وأنه لا يستحق كل ردة الفعل هذه، كما أن السفارة الأمريكية في القاهرة أعربت عن رفضها وإدانتها له وأكدت أنه من إنتاج شخصي ولا علاقة للحكومة الأمريكية به وأن حرية التعبير في الولاياتالمتحدة مكفولة للجميع.