أخيرا تحقق الحلم الذي عاش لأجله أبناء الخروب الوحيدين من ضمن كل بلديات عاصمة الشرق الذين آمنوا بإمكانية تمثيل الولاية.. بل وأكثر من ذلك البقاء لوحدهم في القمة. عدد كبير من الخروبية تمنوا صعود فريقهم وعدم تمكن الجيران "الموك والسياسي" من فعل ذلك وقالوها صراحة "نريد أن نمثل وحدنا المنطقة وقسنطينة ولو لعام واحد". وهذا ما حققه هذا النادي حيث أدى مشوارا بطوليا فعلا بعد موسمين تجرع فيهما المر وخيب فيهما الآمال. ولكن مباراة يوم الخميس مسحت كل الهموم وأصبح الفريق ضمن الكبار، وهو قادر على أن يشكل رقما في معادلة أقطاب الكرة، لأنه قادر أيضا على امتصاص كل نجوم المنطقة، خاصة أنه فعلها هذا الموسم باقتدار عندما خطف أحسن لاعبي عنابةوقسنطينة ونجح بهم في صنع فريق اقتطع التأشير قبل الاختتام. بداية عرجاء ونهاية بطل عندما انطلق الموسم الكروي كان الفريق محروما من اللعب أمام جمهوره خلال الأربع مقابلات الأولى، وكان عليه أن يبدأ البطولة بخرجة صعبة إلى سعيدة حتى أن المناصرين طالبوا فريقهم باللعب من أجل البقاء ورأى آخرون أن بطولة ما بين الجهات هي مصيره.. وأخفق فعلا المدرب السطايفي بولحجيلات في قيادة القافلة، حيث خسرت الخروب في سعيدة وكادت أن تخسر على أرضها أمام الموك "تعادل" وأضاف تعادلين أمام المحمدية وبجاية ولم تجمع خلال المقابلات الأربع إلى ثلاث نقاط جعلتها في أسفل جدول الترتيب، وكان الجار مولودية قسنطينة مثلا قد جمع عشر نقاط كاملة، أي أن الفارق ما بينهما "7 نقاط. ليصل في الجولة الأخيرة إلى 21 نقطة لصالح الخروبية، وهو إنجاز خليط بإرادة نادرة. وعندما أحس المدرب بوحجيلات بأن رحلة الفريق إلى الحراش ستكون الأصعب في الجولة الخامسة انسحب من العارضة الفنية، لأنه أدرك أن فريقه بخسارته في الحراش سيضع قدمه في المركز الأخير، فتم الاستنجاد بابن الجمعية، محمد بلشطر الذي أحدث أول "ديكليك" بالفوز في الحراش ثم تم انتداب حسين زكري الذي ترك البرج ومشاركتها العربية ورفض عروضا من الوزن الثقيل وقبل بعرض رئيس الخروب "حسان ميلية" وبدأت الخروب تجني الانتصارات ولم تلعب أمام جمهورها إلا في الجولة العاشرة عند استقبالها لشبيبة تيارت. وأبانت الخروب عن نضج حقيقي خلال عدد من تنقلاتها، إذ لم تخسر في عنابة إلا "2 - 1" وتجاوزت "الموك" و"السياسي" في بن عبد المالك، حيث تعادل معهما، كما تألقت في منافسة الكأس ولم تتجرع الخسارة إلا أمام شبيبة القبائل بعد أن أمضت وقتا مهما من اللقاء وهي منتصرة، وكادت أن تصل إلى أدوار متقدمة، ولكنها بعد ذلك اقتنعت بأن مكانها ضمن الكبار، فاهتمت بالصعود فقط وتمكنت من تبرير المباريات حسب ميزاجها وتجاوزت أيضا بعض النكبات ومنها تعادلها على أرضها ضد اتحاد الحراش. وحتى منادي الذي حلم بالتفوق على ثاني فريق بفارق 20 نقطة خاب أمله أمام جمعية الخروب التي عادت بانتصارات لا يحلم بها أحد مثل انتصارها في بوسعادة، ونسي الخروبية مع مرور الوقت بأنهم عانوا من معاقبة ملعبهم وهجرة بعد لاعبيهم الممتازين "الحارس بابوش وبوناب ولواج" ونسوا تغييرهم للمدرب في أحلك الأوقات ونسوا أنهم لعبوا أمام 11 فريقا سبق لهم اللعب في القسم الأول، وهي اتحاد عنابة وشباب قسنطنية ووداد بوفاريك ومولودية سعيدة واتحاد بلعباس ومولودية باتنة وشبيبة تيارت ورائد القبة ومولودية قسنطينة واتحاد بسكرة، ونسوا أنهم لعبوا أمام 6 فريقا شاركت في كأس إفريقيا والبطولة العربية، وهي اتحاد عنابة وشباب قسنطينة واتحاد بلعباس ورائد القبة واتحاد الحراش ومولودية قسنطينة.. وتمكنوا من رفع التحدي والتواجد مع الكبار. 80 سنة مدرسة تكوين في الثاني عشر من شهر ماي من عام 1927 تأسست جمعية الخروب، وبرغم تألقها في كأس الجزائر عام 1964 وبلوغها نصف النهائي، إلا أنها منذ السبعينيات بقيت مدرسة تقوم بتكوين النجوم فقط.. وتعتبر السنة الحالية أحسن سنوات النادي الذي احتفل بعيد تواجده الثمانين بطريقة خاصة جدا.. وتمكنت الخروب في الموسم الكروي "2003 - 2004" الذي كان عبارة عن موسم المجموعات "شرق ووسط وغرب" من التواجد ضمن كوكبة الصعود إلى الثاني الممتاز، وفي موسم 2004 - 2005 فاجأت الجميع بأدائها وبظهور ونجوم من أبناء النادي الذين تهاطلت عليهم العروض لتحاول بطريقة جدية في موسم 2005 - 2006 ولولا تعثرها في داربي محلي ضد الموك حيث انهزمت بهدف من بلهادف لكانت ربما قد تواجدت هذا العام ضمن القسم الأول.. ومع ذلك لم تفقد الأمل وانتدبت نجوما كبارا مثل عباسي محمد رضا وويشاوي والحارس عزيون والثلاثي القسنطيني دراحي وبوحربيط وبورحلي أمير وتمت ترقية النجم بلقاسم رماش لاعب المنتخب الوطني للآمال وأيضا لاعب المستقبل بن دريدي، ومرت الجولات وحدث الانسجام وتنافس النجوم والمهاجمون على التهديف بطريقة أفادت النادي، حيث أصبح الجميع يسجل، وبلغ تهديف بورحلي أمير وويشاوي وحدهما 24 هدفا كلها أطباق من الحلوى التي تناولها الأنصار وتغنوا بحلاوتها طويلا. ميلية "رئيس النادي" "عقلية" جديدة لقسم "جديد" بالرغم من أن رئيس النادي حسان ميلية يقول إن الجمعية العامة هي التي ستحدد اسم الرئيس الجديد إلا أن المؤكد والرسمي أن "ميلية" هو الذي ستتجدد الثقة فيه، لأنه الخروبي الوحيد الذي تمكن من الصعود بالنادي.. سألناه عن الجديد في العام الجديد فقال إن "عقلية جديدة يجب أن تكون"، فبالنسبة لميلية مواجهة مولودية العاصمة وسطيف والقبائل تحتاج إلى سياسة جديدة وعناصر جديدة، وبالأخص إلى ميزانية أكبر، لأن الفريق مقبل على خوض أكبر منافسة وطنية مع كبار الكرة، وفريق الخروب مصمم على أن لا يكون "ضحية".. الرئيس حسان ميلية اقترح انتداب نجوم مدرسة الخروب إلى فرق أخرى لأخذ الخبرة والعودة إلى فريق الأصل بعد ذلك. ويعاني جمعية الخروب من نقص في بعض المناصب الحساسة مثل الدفاع وأيضا خط الوسط الدفاعي، ومحرك للفريق في حالة تأكد انسحاب رضا محمد عباسي الذي بفضل خبرته وأدائه تم وضع النادي على السكة، وكان خط الوسط خلال مرحلة العودة قد أثار سخط المناصرين، خاصة في لقاء عنابة ضد القبائل عندما أكدت خبرة الشبيبة على سوء تموقع المدافعين. الرئيس ميلية وعد بالاجتماع مع اللاعبين لوضع صورة عن الفريق الجديد وأيضا التخطيط من الآن لعملية التحضير للبطولة الوطنية. حسين زكري "مدرب الفريق" الحديث مؤجل بعد الأفراح سجل المدرب حسين زكري نقطة أخرى هامة في مشواره الكروي، إذ تمكن من المساهمة في صعود ناديه لأول مرة في تاريخه، ورفض زكري الحديث عن المستقبل وقال إن نهاية المباراة الأخيرة في بوفاريك سترسم ملامح المستقبل، ولكنه لم يخف بأنه وجد أجواء نادرة في الخروب بداية من سهر الإدارة على إنجاح المهمة وتلاحم وإرادة اللاعبين، وخاصة المناصرين الذين امتعوا بطرق تشجيعهم، ولم يجد زكري بالرغم من شدة المنافسة أية صعوبة في رسم التشكيلات المتتالية، فنجح في منح الفريق عدة وجوه وتشكيلات متعددة تمكنت من إظهار الجمعية كفريق يصعب مراودته. كيف سيظهر الخروب في القسم الأول؟ يعتبر جمعية الخروب رابع فريق يمثل بلدية وليس عاصمة الولاية من شرق البلاد الذي سينشط في القسم الأول بعد عين البيضاء ذات المصير لهاته الأندية التي أصبحت تنشط في الجهوي وما بين الرابطات كما هو لا يريد الخروبية مصيرا مشابها لاتحاد بسكرة الذي صعد لأول مرة في تاريخه ونزل في ذات العام ثم عانى ونجا بأعجوبة من نزول آخر إلى جحيم ما بين الرباطات.. بالمختصر المفيد لا يريد الخروبية صعودت يتم تسجيله في التاريخ وينتهي الأمر، بل إنهم يريدون أن يكون ضمن معادلة كرة القدم الجزائرية، خاصة أن الخروب أصبحت منطقة واسعة وتجارية وحتى جامعيةو وتضم عددا من التجمعات الكبرى مثل المدينتين الجديدتين علي منجلي وماسينيسا، بل صارت تنافس المدينة "الأم" قسنطينة في أشياء عديدة.. الخروبية بدأوا يحلمون بفريق تنافسي وحتى بورقة دولية لأجل إدخال الخروب إلى القارية أو الإقليمية، وقبل ذلك على الخروبية إدراك أن جني ثمار العمل لا يتحقق إلا إذا بدأ العمل حيث ينتهي العمل الحالي، فالاستقرار الفني مفتاح يصر الخروبية على استعماله لدخول أبواب النجاح. ب. عيسى