يعاني عدد من الأفارقة النازحين إلى الولايات الجنوبية الجزائرية أوضاعا مهنية مزرية نتيجة استغلالهم الفاحش من طرف أرباب العمل، خاصة في قطاع الفلاحة وورشات البناء، أين يتقاضون أجور ضعيفة مقابل ساعات طويلة من العمل وسط مخاطر كثيرة. ثياب بالية والتعب ظاهر على أجسادهم، تجدهم صباحا مجتمعين قرب المسالك المؤدية إلى الغابات والمزارع ينتظرون أحدا يطلبهم للعمل، إنهم فئة من الأفارقة قدموا من مالي جراء الحروب الطاحنة بحثا عن العمل لسد لقمة العيش، بعدما قطعوا آلاف الكيلومترات من دول فقيرة مجاورة لا تتوفر في نظرهم على مناصب شغل، هؤلاء الأفارقة قادتهم الرحلة إلى الانتشار ببعض المناطق الفلاحية والزراعية بمختلف الولايات الجنوبية، لكنهم يتعرضون يوميا لمختلف أنواع التحايل البشع من قبل أصحاب المحلات التجارية أو في محطات النقل العمومي، كونهم حسب البعض لا يعرفون أسعار المواد الغذائية ولا تصريف العملة الجزائرية في الوقت الذي تجد فيه ذلك الإفريقي لا يطالب بحقه خوفا من شعوره بالخطأ، ليستدرك الأمر بعد فوات الأوان. وتجد معظم العاملين بالمحطات العمومية يترصدون هؤلاء الأفارقة المسافرين إلى مناطق أخرى لأجل قبض ضعف تذكرة السفر دون أن يحرك ذلك الإفريقي ساكنا، وما زاد الطين بلة هو أن المواطنين ينظرون هؤلاء الأفارقة بنظرة استهزاء واحتقار، ويهينونهم بألفاظ جارحة تخدش المشاعر كونه أجنبيا، فضلا عن حقيقة ثانية هي الاستغلال البشع الذي يتعرض له هؤلاء الأفارقة في القطاع الفلاحي وورشات البناء، بمقابل حصولهم على مبالغ زهيدة مقابل ساعات طويلة أو شهور كاملة، ناهيك عن عدم احترام شروط الصحة والسلامة والأفضل منهم يتقاضى 300 دج لعمل مضني طوال اليوم إذ يعملون أكثر من16 ساعة دون راحة. ويستمر المقاولون والفلاحون وأصحاب ورشات البناء في استغلال هؤلاء الأجانب، وهم يعلمون أن المبلغ المسلم لهم لا يوازي عرق جبينهم، مقارنة والأجر الذي يطلبه العامل الجزائري في ورشات البناء، ويبرم البعض من الفلاحين عقود العمل مع الأفارقة لمدة شهر أو شهرين أو أكثر من ذلك دون حصوله في الأخير على المبلغ الحقيقي، وقد يطرد من العمل أصلا في حال المطالبة بأكثر من حقه بلا شفقة ومنذ إندلاع الحرب في مالي تزداد معاناة الأفارقة عكس السنوات السابقة نظرا لعدة اعتبارات.