بقلم: خضير بوقايلة: kbougaila@gmail.com معظم الصحف حملت إلينا الخبر اليقين بخصوص صاحب الحظ في التربع على عرش غرفة البرلمان السفلى البروفيسور عبد العزيز زياري. ومع أن الطريقة التي جاء بها وأسباب اختياره ليكون الرجل الثالث في الدولة (على اعتبار أن فخامته هو الأول) هي أمور لا تهمّنا إلاّ أن صحيفة ليبرتي فضّلت أن تحشر أنفها في مثل هذه القضايا الهامشية فأخبرتنا أن وراء العظيم زياري امرأة، وكل الفضل يعود لها لأنها رشحته أوّلا ليكون على رأس قائمة حزب جبهة التحرير الوطني في ولاية الجزائر العاصمة ثم ليتولى منصب رئاسة البرلمان السفلي. في البداية ترددت في تصديق الحكاية، لولا أنني تفطنت في اليوم الموالي إلى أنّ هذه الصحيفة صارت فعلا ذات مصداقية وقريبة جدا من محيط فخامته ولمن لم ينتبه إلى ذلك عليه أن يعود لافتتاحيتي العددين ما قبل الأخيرين اللتين أسهبتا في تحليل أبعاد وخلفيات ورهانات الزيارة التي قام بها صاحب الفخامة إلى ولاية البليدة، حيث شرّف صاحب ليبرتي إسعد ربراب بتدشين واحد من مصانعه العملاقة، ثم ولاية الشلف التي حظي فيها فخامته بترحيب شعبي لا نظير له وصفته الصحيفة بأنه رسالة (أخرى) من الشعب مفادها أنّ هذا الشعب العظيم لم يتخلّ يوما ولن يتخلى عن قائده المفدّى وأنّ مقاطعته الواسعة للانتخابات البرلمانية الأخيرة كانت صفعة للأحزاب السياسية ولا تعني أبداً أنه فقد حبّه ولا ثقته في رئيسه. وهي فعلاً رسالة تبشّر بالخير وتجعلنا نتفاءل خيراً بأننا ستستمر طويلاً تحت الرعاية السامية لفخامته. ماذا قالت ليبرتي بخصوص اختيار زياري رئيساً للمجلس الشعبي الوطني؟ لا أترك من لم يقرأ تقرير صحيفة ربراب ينتظر كثيراً ليعرف خلفيات وأسباب اختيار البروفيسور. ولا أتوقّف كثيراً عند الحديث عن فضائل وتجربة الرجل وخبرته في الحياة المهنية والبرلمانية والحكومية لأن هذه بديهيات والكل يعلم أنّ مثل هذا المنصب الراقي لا يمكن أن يتربّع عليه شخص عادي لا يقدّر ولا يفقه كثيراً في شؤون الدولة ودواليب الحكم ولنا في الراحل عمّار سعداني خير مثال وأحسن دليل على حرص أصحاب القرار على وضع الرجل المناسب في المكان المناسب! لذا فإنني أنتقل مباشرة إلى أهمّ سبب جعل الاختيار ينتهي إلى البروفيسور، وهو أنّ السيدة بيطاط قررت ذلك وحملت رغبتها إلى صاحب الفخامة الذي لم يكن ليرفض لهذه السيدة الفاضلة طلباً فأصدر من جهته أمره السامي لأقطاب التحالف الرئاسي للاتفاق على أن يكون البروفيسور زياري هو الخليفة الوحيدة للدكتور عمار سعداني، وما كان للمتحالفين أن يتأخّروا في إفشاء الخبر السعيد على جموع الشعب، مع أنهم لم يقولوا لنا إنهم نفذوا أمرا رئاسيا ساميا، بل قالوا لنا إنهم اتفقوا وأجمعوا أن يجعلوا البروفيسور رئيساً للغرفة البرلمانية السفلى. لم يبق لنا إلا أن نشكر ليبرتي على المعلومات القيّمة التي قدمتها لنا بخصوص عملية اختيار الرجال الذين يقودون البلد، لكن مع ذلك أطلب منها أن تقدّم لنا في مناسبة لاحقة توضيحات أخرى وتكشف لنا بعض المعلومات عن تفاصيل اختيار زياري، وهي معلومات ضرورية ومفيدة جدًّا لطلبة العلوم السياسية والمتابعين للشأن السياسي الجزائري حتى يعرفوا جانباً مضيئاً من العملية السياسية في بلدنا العظيم. سأكتفي بطرح بعض الأسئلة التي أرغب في معرفتها عن خفايا وتفاصيل هذا الاختيار، ولكل من لديه أسئلة أخرى أن يرسلها إلى الصحيفة حتى تكون الإجابة شاملة ووافية. لا أريد أن أسأل عن علاقة البرفيسور بالسيدة الفاضلة ولا عن سرّ إعجابها به إلى حدّ اختياره لشغل هذا المنصب، فهذا شأن يخصهما وحدهما. لكنني بالمقابل أودّ أن أعرف من أين جاءت فكرة الاختيار، هل صاحب الفخامة هو الذي طلب من السيدة الفاضلة أن تختار رئيسا لبرلمان البلد، وهل كان ذلك بمناسبة عيد ميلادها أم بمناسبة عيد المرأة مثلاً؟ هل طلب فخامته منها اسما واحداً أم عدة أسماء يختار منها من يناسبه؟ هل اكتفى فخامته بالسيدة بيطاط وحدها لاختيار رئيس للبرلمان أم أنه وسّع تلك الصلاحية لسيدات فضليات أخريات وكان عليه أن يختار واحدة منهنّ لتلبية رغبتها؟ ما هي الطريقة التي اعتمدها فخامته للاختيار، هل عن طريق القرعة أم بعد دراسة وتشاور مع السيدة الفاضلة والاستماع للأسباب التي جعلتها تختار البروفيسور من بين مئات الجزائريين الآخرين؟ هل كان اختيار السيدة الفاضلة للبروفيسور مبادرة شخصية منها أم أنّ البروفيسور هو الذي قدّم طلبه للترشح لهذا المنصب القيادي؟ هل توجّه البروفيسور مباشرة إلى السيدة الفاضلة وعبّر لها عن رغبته في خلافة الدكتور سعداني، أم أنه تقدّم بطلبه إلى قيادة الحزب التي نصحته بطرق باب السيدة التي لا يردّ لها طلب؟ هل أخذت السيدة الفاضلة البروفيسور معها إلى صاحب الفخامة لتقدمه له، أم أنها طلبت منه أن ينتظر مكالمة هاتفية منها أو من فخامته أو من كليهما ليطمئن إلى أنّ الأمر حُسِمَ لصالحه؟ لماذا لم تختر السيدة الفاضلة اسماً نسائياً لهذا المنصب؟ هذه أسئلتي الملحّة المتعلّقة بكيفية اختيار البروفيسور رجُلاً ثالثاً (أو رابعاً) من رجالات الدولة، لكنني أجد أسئلتي لم تنته، ولا أدري إن كانت الصحيفة الفاضلة ستصبر عليّ لأكمل أسئلة أخرى، ولا بأس أن تجيب عليها في موضوع آخر، ومن هذه الأسئلة، من اختار الدكتور سعداني ليكون رئيسا للبرلمان السابق، هل هي دائما السيدة بيطاط أم هي سيدة أخرى؟ ومن هي هذه السيدة الأخرى؟ ماذا جعل هذه السيدة تتعلق بالدكتور سعداني لتختاره للمنصب الذي تركه إلى غير رجعة، هل هي قدراته الفكرية الخارقة، أم تجربته السياسية والمهنية الطويلة أم حسّه الوطني المرهف أم ظلّه الخفيف؟ هل يمكن أن نطّلع على القائمة الكاملة للشخصيات التي اختارتها السيدة بيطاط والسيدات الأخريات لشغل مناصب نيابية وحكومية ودبلوماسية واستشارية أخرى؟ وأخيراً (لأنه عليّ أن أتوقّف) هل يمكنني أن أحصل على عنوان أو رقم هاتف هذه السيدة الفاضلة أو أية سيدة فاضلة أخرى لها كلمتها المسموعة في اختيار الرجال لمناصب المسؤولية، فلا أخفي عليكم أنني راغب في الترشح للانتخابات البلدية القادمة، بل إنّني أطمح لأن أكون رئيس بلدية، لكنني أخشى أن يقاطعني الناخبون وأنا لا أريد أن أترشح لمنصب أسقط فيه؟! ربما تكون الاختيارات محسومة بالنسبة لرؤساء البلديات، لكنني أؤكد أنني لن أكون طمّاعاً كبيراً، فأنا أريد أية بلدية ولو في أقصى الصحراء. لا تقولوا لي إن كل المناصب محجوزة من زمان، لأنني حينها سأضطر إلى أن أطلب من السيدة الفاضلة أن تطلب من السيد الفاضل أن يعلن عن تقسيم إداري جديد يعلن فيه عن إنشاء بلديتي الجديدة! وما دام الكلام مخصّصاً للنساء الفاضلات، لا بأس أن أتوقّف عند الحوار الطريف الذي خصّت به فنانتنا القديرة زكية محمد الصفحة الفنية لجريدة الخبر في عددها الصادر أمس الأربعاء، فقد كان ختام الحوار مسكاً ولا أملك في هذا المقام إلاّ أن أتقدّم بتحية مفعمة بالعرفان لهذه الفنانة على موقفها الوطني الكبير، فرغم المقاطعة والإقصاء والتهميش الذي تتعرّض له من طرف التلفزيون والمؤسسات والهيئات الفنية الأخرى إلاّ أنّ ذلك لم يحرّك فيها أية رغبة في البحث عن مكان لها تحت شموس فضاءات خارجية، رغم أنها تعترف بعظمة لسانها أنّ التعاقد مع الشركات الفنية الأجنبية ليس أمراً صعباً ولا مستحيلاً. فما الذي يمنعها إذن؟ انتبهوا وركزوا معي جيداً.. تقول فنانتنا الموهوبة والرقيقة إنّ مشكلتها هي أنها (جزائرية حتى النخاع) وهي تكره أن تتغرّب أو تهاجر بحثاً عن الشهرة والانطلاق. وتضيف أنها في كل مرة تضطر فيه إلى تسجيل ألبوم مع شركة من هذه الشركات كانت تعود على جناح السرعة بعدها إلى وطنها الحبيب، فهي تكره أن تنسلخ عن كيانها. ومع ذلك فهي تضيف أنها تعمل حالياً مع إحدى هذه الشركات لإصدار ألبومها الجديد سيكون جاهزا بعد 8 أشهر. لا تستغربوا كيف يستغرق ألبوم لفنانة موهوبة وذات باع طويل في الطرب الأصيل 8 أشهر، فهي من فرط حبّها لوطنها اتفقت مع الشركة المنتجة أن تنزل في الأستوديو بعد الظهر وتعود إلى الجزائر بعد ساعة واحدة فقط، وإلا فإنّها ستصاب بالغثيان لأنها لا تتنفس الأوكسجين النقي إلا في بلدها الحبيب الذي يعبّر لها في كل مرة تركب فيه الطائرة إلى الخارج عن أمله أن ترجع وتعود في أقرب وقت. لأجل ذلك لم يبق للشركات الأجنبية التي تلهث وراء فنانتنا القديرة إلا أن تفكّر جدياً في إقامة استوديوهات داخل الجزائر وعندها سترون كيف ستحلّق زكية محمد عالياً في سماء الطرب العربي الأصيل بأغانيها المتميّزة التي اكتسحت بها العالم!