استفحلت ظاهرة التهكم على الشخصيات، عبر مواقع التواصل الاجتماعي، فمن البلوغرز إلى الممثلين والإعلاميين والمغنين، بلغ هذا التصرف العدواني حتى لاعبي كرة القدم وزوجاتهم وأولادهم.. ظاهرة تأخذ أبعادا نفسية واجتماعية خطيرة، وتعكس تراجع وعي المتواصلين المجهولين القابعين خلف شاشات الهواتف والحواسيب. يتعرض المشاهير، خاصة الذين يسجلون حضورا قويا على مواقع الشبكة العنكبوتية، إلى مضايقات يومية، تتمثل في الاستهتار والتهكم على كل ما ينشرونه عن نمط لبسهم، أسفارهم، وطريقة حديثهم.. وتعد الشخصيات الحريصة على نشر خصوصياتها وتفاصيل يومياتها، الأكثر عرضة لمثل هذه المضايقات، إذ أثبتت تحاليل قدمها أخصائيون اجتماعيون، أن المجتمع الجزائري يميل بطبعه صوب الاطلاع والتدقيق في الحياة الخاصة للأفراد، لاسيما المشاهير، والتعليق عليها وانتقادها، إذ انعكست التصرفات الواقعية التي يتكتم عنها المجتمع، إلى مباح ينتشر بصفة واسعة جدا عبر مواقع التواصل الاجتماعي، تصدر عن حسابات، يصعب التوصل إلى أصحابها. من الفاشينيستا إلى الفنانين مع تزايد وجود الجزائريين عبر الفضاءات الشاسعة والمتعددة للتواصل، تفاقم عدد الصفحات الناشطة التي تضم أعدادا خيالية من الوالجين إلى العالم الافتراضي، لإنفاق وقت فراغهم، فارتفع مستوى الانتقاد، والتهكم والتنكيت على الشخصيات المشهورة.. بدأ الأمر مع الفاشينيستا والبلوغرز، وانتشرت صور وتعليقات ساخرة تتخذ من قطع الثياب والألوان التي يعتمدونها مادة دسمة للتنكيت والضحك، ثم وبتوسع وجود الممثلين والإعلامين والمطربين والكوميديين على مواقع فايسبوك، يوتيوب، تويتر، أنستغرام وغيرها، الطامعين في بناء شهرة أكبر وتوسيع جمهورهم، ارتفعت وتيرة الانتقادات أكثر فأكثر، وزادت جرأة ووقاحة المتابعين في التهكم على حياة هذه الشخصيات، خاصة في غياب سلطة المراقبة والردع، وتمتع بعض هؤولاء المشاهير بارتفاع عدد متابعاتهم بعد كل إطلالة أو فعل غريب يقومون به، يستدعي النقد وينتشر بسرعة البرق عبر الصفحات التي تبني مناشيرها على أساس تداول ما يتم نشره عبر حساباتهم الخاصة.. كل هذه الاستراتيجيات التي بدأت عفوية ثم تعمقت لتتحول إلى سلوكيات مدروسة، باتت تستدعي من المشاهير مراجعة مشاركاتهم جيدا قبل إطلاقها على الإنترنت، إذ إن الغالبية أصبحوا يحجبون حياتهم الخاصة، ثم يعلنون بعض الأحداث المهمة بنشر صورة بعد الزفاف أو بعد مرور فترة طويلة من الحمل، أو عند العودة من السفر.. وهذا ما أقبلت عليه المطربة الشابة، داليا الشيح، التي نشرت قبل أيام صورا لها مع أصدقائها وهي ترتدي الفستان الأبيض، لتعلن عن عقد قرانها، ورغم أنها أخفت الأمر مسبقا، غير أن جمهور المنتقدين والمتهكمين، جعل من تلك الصور مادة للاستهزاء بذوق الفنانة في اختيار فستان أبيض غير مطابق للموضة، ما استدعى منها الرد عبر مواقعها، بأنها فخورة بنفسها وبذوقها. زوجة رياض محرز تتلقى التهكم والنقد عندما بدأ المنتخب الوطني الجزائري، إحراز نتائج جيدة في مباريات كأس إفريقيا للأمم لكرة القدم، كان قد ظهر اهتمام جديد لأصحاب الصفحات، وخاصة الحسابات المزيفة، وسلط رواد المواقع الضوء كاملا على لياقة ووسامة عناصر المنتخب، ومع التقدم في النتائج، والظهور المتكرر لنجوم كرة القدم، كانت وتيرة الاهتمام والانتقاد ترتفع قبل وبعد كل مباراة، حتى إن بعض المجموعات النسائية التي تحتوي فئة من المراهقات، راحت تنبش في الحياة الخاصة للاعبي الخضر، وتصب الشتائم على زوجاتهم، خاصة الأجنبيات، وكانت ريتا، عارضة الأزياء الهندية، حرم قائد المنتخب الجزائري رياض محرز، أكثر شخصية متضررة من منشورات وتعليقات الجزائريين حول شكلها، وأسلوبها في اللبس، وفي التقاط الصور، وتم انتقادها بلذاعة لكونها خضعت لعمليات تجميل، ما استدعى السيدة إلى الرد عبر مشاركة أنستغرامية، موضحة أن تلك حياتها الخاصة، حتى إن زوجها اضطر إلى حذف كل صوره العائلية التي تجمعه بأبنائه وزوجته من مواقعه عبر الشبكة، خوفا من المزيد من الانتقادات، ولكنه ترفع، كجل اللاعبين الذين مستهم الانتقادات والتهكمات، على الرد.