قرّرت شركة الخطوط الجوية التركية، ولأول مرة توظيف جزائريين في مجال الضيافة، حيث التحق 28 شابا من مختلف ولايات الوطن، كدفعة أولى بأكاديمية مجمّع “أتاتورك للطيران”، من أجل التدرب وتلقي تكوينا تقنيا عاليا، وفقا للمعايير والمقاييس الدولية، قبل أن يلتحقوا رسميا بمناصبهم ابتداء من جانفي 2020. وفي السياق أكد المدير العام لشركة “التركية للطيران” بالجزائر إيشلر برتشين، أن فتح باب التشغيل أمام الجزائريين كان بحكم مؤهلاتهم وتحكمهم في اللغات، وأن الشركة تدرس حاليا إمكانية إعطاء فرص توظيف جديدة للشباب الجزائري. وخلال الجولة التي قادتنا رفقة المدير العام للخطوط الجوية التركية بالجزائر “إيشلر برتشين” إلى مقر الأكاديمية الواقعة بمدينة إسطنبول، التقينا بعناصر الدفعة الأولى المتكوّنة من 14 متربصا جزائريا، الذين شرحوا لنا لأزيد من 3 ساعات، مراحل تكوينهم في أكبر شركة طيران صنّفت على أساس خمسة نجوم لعام 2020″ ضمن جوائز “أبيكس”، معبرين عن احترافية طاقم المكوّنين الذين ساهموا بشكل كبير في تلقينهم مهارات تواصل قوية لفظيا، كتابيا وتقنيا وفقا لمعايير الطيران المدني والدولي. وإلى ذلك حضرت “الشروق” خلال تواجدها في عين المكان، “تمرينا بيانيا” عنوانه “حوادث يحتمل وقوعها أثناء التحليق في السماء”، عالم مثير وجميل حقا والأروع فيه طاقمه الشاب المتميز علما وعملا، أعمارهم لا تتعدى 30 سنة، فقد أكد سامي من ولاية الجزائر العاصمة “أن تكون مضيف طيران، فإن المهمة صعبة ولا مجال للتقاعس، فالخطأ سيعرض حياة الآلاف من الأشخاص للخطر، مؤكدا أن الفرصة التي تحصلنا عليها للولوج إلى هذا العالم الخفي ذهبية، فما عليك إلا أن تكون محبا لهذه المهنة، صارما مع كل صغيرة وكبيرة، أن تتقن اللغات خاصة الإنجليزية، ويبقى حسن التعامل مع المسافرين، القوة التي تلقي بضلالها على الرحلات الجوية”. وأثناء تواجدنا بعين المكان اكتشفنا أن مهنة مضيفة الطيران من أصعب المهن ومن أمتعها أيضا ومن أبهجها، فمنذ بدء خطوة حجز طيران للسفر يعتقد الكثيرون أن هذه المهنة بسيطة وسهلة، وأنها تقتصر على تقديم الأطعمة والمشروبات إلى الركاب إلى جانب إعطائهم بعض نصائح الأمان والحماية، لكن الواقع عكس ذلك، فمن خلال حضورنا للتمارين البيانية، التي قام بها المتربصون الجزائريون على شاكلة إنقاذ المسافرين لسبب من الأسباب، وإطفاء النيران في حال نشوبها في أحد زوايا الطائرة، وكيفية إخمادها والعمل جماعة بين جميع أفراد طاقم الطائرة، كخلية نحل، يؤكد فعلا أن المهمة شاقة وشاقة جدا. وفي هذا الإطار أكدت المتربصة “ميليسة” من ولاية تيزي وزو، أثناء الدردشة معها “الالتحاق بهذه الأكاديمية العالمية، يعتبر حلما كان يراودني منذ طفولتي، وأنا أتلقى تكوينا منذ أزيد من شهر، وتعلمت الكثير عن هذه المهنة النبيلة، على غرار الحفاظ على سلامة وأمن الركاب، الالتزام بقواعد الصرامة، التفنن في كيفية التعامل مع الظروف الطارئة، معرفة أكثر من لغة، ترتيب المقصورة، الترحيب بالركاب عند صعودهم ودخولهم للطائرة وغيرها من الأمور الضرورية، حتى تكون في المستوى المطلوب، وسوف أترجم كل هذا في الميدان عند مباشرة عملي كمضيفة على متن الخطوط الجوية التركية، انطلاقا من جانفي القادم”. الجزائريون يتمتعون بقدرة استيعاب عالية وأبواب التوظيف مفتوحة لهم وفي السياق كشف المدير العام للخطوط الجوية التركية “تركيش إيرلاين” بالجزائر “إيشلر برتشين” ل “الشروق”، طريقة توظيف الجزائريين ضمن طاقم ضيافة شركتهم، وقال “إن التوظيف جاء بعد إجراء مقابلات مع مئات المترشحين بالجزائر ينحدرون من عدة ولايات، على مدار أسبوعين كاملين، وأسفرت العملية عن اختيار 28 شابا تتوفر فيهم الشروط اللازمة، على شاكلة التحكم الجيد في اللغات الثلاث، القدرة على العمل ضمن فريق أو بشكل مستقل مع القدرة على تحمّل ضغوط العمل، مهارات تواصل قوية لفظيا، الإحساس بالمسؤولية والقدرة على اتخاذ القرارات بشكل دقيق وفعّال في الوقت اللازم وعند حدوث أي طارئ أثناء الإقلاع أو التحليق، أو الهبوط”. وأضاف إشلر برتشين، أن الطاقم الجزائري الجديد سيباشر عمله رسميا بعد شهرين من التكوين، أي ابتداء من جانفي الداخل على متن الرحلات الرابطة بين الدول المتحدثة باللغات العربية، الفرنسية والإنجليزية، على غرار دول المغرب العربي، الخليج، وعدد من الدول الأوروبية، لضمان التواصل الجيد مع زبائن الجوية التركية، خاصة مع دخول المطار الجديد لتركيا حيز التنفيذ والذي يستوعب 90 مليون مسافر سنويا في المرحلة الحالية، وعلى الرغم من كونه رقما مرتفعا، فإنه لا يذكر مقارنةً بقدراته المحتملة على خدمة مئتي مليون بعد إتمام جميع مراحله، فيما سيتم برمجة الرحلات الجوية إلى قرابة 350 وجهة حول العالم، وبذلك سيصبح أحد مراكز الطيران الرئيسية في العالم. وأضاف المدير العام للجوية التركية بالجزائر، أنه باعتبار الجزائر شريكا اقتصاديا هاما لتركيا فقد تعزز الأسطول التركي بطائرات عملاقة من طراز بوينغ 787 المعروفة ب “دريم لاينر”، ما سيسمح للجزائريين بالتنقل بكل حرية إلى جميع أنحاء العالم، موضحا أن الشركة لا تستبعد تجربة فتح مناصب شغل أخرى أمام المترشحين الجدد في الجزائر، وهي الخطة والإستراتيجية التي ستتبعها الشركة في المستقبل العاجل. من جهته ثمّن ياصا كوراي، عميد التكوين بأكاديمية الطيران التابعة للخطوط الجوية التركية، ومدرب خاص لطاقم المقصورة، مؤهلات الطاقم الجزائري الجديد، وقال عنهم “قدرة استيعابهم كانت قياسية، سواء نظريا من خلال تدريبهم بكل الأمور التي تتعلق بأجزاء الطائرة وصولا إلى كيفية التعامل مع الركاب طوال الرحلة، أو تطبيقيا بمحاكاة الأجهزة الحديثة التي يتوفر عليها المجمّع الذي يتسع لاستقبال قرابة 1300 طيار و300 متربص لدراسة كل الحيثيات المتعلقة بقواعد السلامة الجوية أو ميدانيا، ما سيعزز الأسطول الجوي التركي بمثل هذه الكفاءات، ويشجعنا على فتح مناصب شغل جديدة للشباب والشابات الجزائريين. ويبدو أن الدخول إلى أكاديمية مجمع “أتاتورك للطيران” ليس كالخروج منها.. هو الانطباع الأخير الذي بقي في ذهني، منذ أن تجوّلنا بين أرجائها وتمعنا في أدق تفاصيلها ..أجهزة دقيقة.. تكنولوجيا متطوّرة.. آخر ما تم اختراعه في مجال الطيران والملاحة الجوية، فالكل كان منشغلا في عمله، وسط أجواء عمل حقيقية، يحضر فيها العقل والضمير المهني والاحترافية ويغيب فيها الخمول وقلة التركيز لأنه لا مجال للخطأ، فلو حدث ذلك سيكون الثمن غاليا جدان ليس بالنسبة للأفراد بل للخطوط الجوية التركية. الجزائر أول شريك أفريقي لتركيا وعلى هامش الزيارة التي قمنها بها إلى أكاديمية “أتاتورك” للطيران، أكد المدير العام للخطوط الجوية التركية بالجزائر “إيشلر برتشين”، أن العلاقات الاقتصادية الجزائرية التركية سجلت خلال السنوات الأخيرة حركية خاصة من خلال الشراكات الصناعية في قطاعات عدة وتعزيز المبادلات التجارية، ما جعل الجزائر أول شريك أفريقي لتركيا. وأضاف “برتشين” أن الاتفاقية الموقعة بين الغرفة الجزائرية للتجارة والصناعة وشركة الخطوط التركية مؤخرا والتي تدوم عاما واحدا قابلا للتجديد، وهذا لتشجيع عملية تصدير السلع الجزائرية عبر الجو، تهدف بالدرجة الأولى إلى تعزيز وتمتين العلاقات بين البلدين، فقد تم اقتراح جملة من المزايا على منتسبي غرف التجارة، ولا سيما “تخفيضات في أسعار التذاكر تتراوح بين 5 و13 من المائة تبعا لسعر التذكرة” وكذا “زيادة في وزن الأمتعة المسموح بها مجانا”، إضافة إلى “إمكانية تغيير التذاكر مجانا، أي من دون دفع غرامات”، مذكرا بأن الشركة تنشط في 115 بلد، ما يعد فرصة جيدة لأعضاء غرف التجارة والصناعة من جهة، وفرصة هامة للشركة بالنظر إلى أهمية هذه الغرف من جهة أخرى”.