سحب الجمهور الجزائري البساط من جمهور أمريكا اللاتينية من حيث الحماس والشغب، وأضحت الفرجة في كرة القدم "ماركة" مسجلة لأنصار الأندية الجزائرية دون غيرهم بعد تدني المستوى الفني على المستطيل الأخضر. أحمد مطاوي مناصر وفي للمولودية، التقيناه قبل المباراة فحدثنا "يالصحافة مهما يكن فإن المباراة لن تبلغ مستوى فنيا كبيرا، والعنوان الوحيد للفرجة هو المدرجات، للأسف الأجواء الجميلة في بلادنا تصنع في المدرجات وليس فوق الميدان فالمستوى الفني للاعب الجزائري ضعيف". لا يختلف الكثير من أنصار فريقي المولودية واتحاد العاصمة على أن المباراة لن تبلغ مستوى فنيا راقيا، لكن الاستمتاع باللحظات الجميلة وما سيفعله الجمهور هو الأساس في مواجهات الفريقين.. حينما وصلنا ملعب 5 جويلية في حدود الحادية عشر صباحا كانت الحركة عادية جدا عكس مباراة الموسم الماضي، وعند مشارف الملعب تحولت الساحة المحيطة بالملعب أشبه بكثير لأحد الأسواق الشعبية. عند الطريق المؤدي إلى الملعب العشرات من الشباب يحملون حزمة من التذاكر وكأنها لم تسوق من قبل في النقاط المخصصة لها، الملعب كان يوشك على الامتلاء مع ذلك فإن التذاكر المطروحة من طرف هواة "السوق الموازية" بلغت حدود الآلاف" كان هواة "التبزنيس" يمارسون هوايتهم أمام أنظار أعوان الأمن وتحولت إلى تجارة مقننة مع اقتراب موعد المباراة فكل شيء مباح، من بيع التذاكر إلى الألبسة والرايات والقبعات المقلدة، صينية الصنع في أغلبها. ضحايا التزوير أحد المناصرين شوهد يبكي ويصرخ بأعلى صوته عند منافذ الملعب، بعد أن منع من دخوله بحجة أن التذكرة مزورة، ورغم أن القانون يعاقب المزور ومستعمل اداة التزوير إلا أن أعوان الأمن اعتبروه ضحية ولم يقم بأي عمل يدينه. حينما تحدثنا لهذا المناصر قال بأنه قدم من بعيد واشترى التذكرة ب500 دينار قبل أن يفاجأ بأن التذكرة مزورة "لا أصدق ما يحدث لي ولم أجد ما أفعله ليس لدي المال الكافي لشراء تذكرة أخرى، ولا أدري ما أفعله الآن، انا مصدوم، يكاد يغمى علي... في الجهة الأخرى كانت تتعالى الأصوات من طرف بعض الباعة "اياو التيكيات ماشي مسكانيين" يعرض فيها التذاكر غير المزورة على حد قوله، لكن من تصدق الملعب مملوء عن آخره وعشرات الآلاف منها معروضة في الخارج.. تركنا المناصر الذي قدم من بعيد يندب حظه التعيس أو سذاجته أمام مكر هؤلاء "البزناسية" وتجولنا للحظات عند مداخل الملعب تجار "الطابلة" افترشوا الأرض بسلع ملونة بالأحمر والأخضر والأسود وهي ألوان الفريقين معا. محمد التيارتي مثلما يعرف اشتهر ببيع الاقمصة والرايات قبيل كل موعد، رياض قال لنا "واش كشما تديو راهم خلاصوا التريكوات تاع مولودية بقى غير المضلات، وبقالي تريكو تاع عمور إذا تسيبرتيو اتحاد العاصمة".. بدا "موح تيارتي" مثلما يدعوه البعض مرحا ولبقا فآثرنا الاقتراب منه، أبلغناه بأننا صحفيون ونريد معرفة بعض التفاصيل عن مصدر السلع من أين يِِؤتى بها وكيف يسمح ببيعها.. يقول موح بأن هناك احد التجار الجزائريين قام بتقديم طلب لأحد الشركات الصينية التي قامت بتقليد مجموعة من المنتوجات الجزائرية مثل أقمصة الفريقين والرايات وأوشحة تحمل أسماء الأندية، ثم استقدمها عبر الميناء في حاويات عملاقة، وتم طرحها في الأسواق. تجارة صينية رائجة ويقول بأن السلع المقلدة هذه تباع بأثمان بخسة جدا بالمقارنة مع المنتجات الأصلية فسعر قميص اتحاد العاصمة من شركة لوطو يفوق قيمته 1700 دينار للقميص من المستوى الثاني، أما سعر قميص الاتحاد يباع ب450 دينار.. اما حسان فيقول "ابنتي تبلغ 5 أعوام سمعت أبناء الحي ينادون باسم المولودية فاشترطت علي ان اشتري لها لباس العميد، تصوري لقد اشتريت قميصا وتبانا وقبعة ورايات للمولودية ب700 دينار فقط إنها في متناول الجميع" دون أن يدرك بأن تلك سلعة مقلدة. أسلحة غير ممنوعة عكس الألبسة والتذاكر فإن الألعاب النارية شهدت ارتفاعا جنونيا وارتفع سعرها من 800 دينار إلى 1200 دينار ثم إلى 1500 دينار في حدود الثانية ونصف زوالا.. والظاهر أن الألعاب النارية تباع في الهامش الفاصل بين مدخل الملعب والمدرجات، أي بمجرد دفع التذكرة ودخول الملعب تزدهر تجارة الألعاب النارية والمأكولات والمشروبات دون مراعاة أدنى الشروط الصحية.. يقول أحد المناصرين كان حاملا ل"الفيميجان" بأن عددا كبيرا من الحاويات قدمت من الصين تدخل الجزائر، وبالتالي لا يمكن محاسبة الأنصار على إدخالها للملعب بل الأحرى أن يتم محاسبة من أدخلها للجزائر وباعها قبل كل شيء. ولم تكن المراقبة المشددة التي فرضتها قوات الأمن لتمنع أنصار الفريقين من إدخال الآلاف من الألعاب النارية، وهو ما يؤكد أن هناك تواطؤ من بعض الاطراف داخل إدارة المركب الاولمبي.. ورغم ان استعمال الألعاب النارية مسموح فيما اذا استعملت لأغراض احتفالية فقط وليس لرشق أرضية الميدان، واتخاذها سلاحا لحرق الحاضرين وإضرام النيران فيهم مثلما حدث قبل دقائق من انطلاق المباراة في مدرجات أنصار العميد.. حينما سألنا مناصرا من المولودية أبلغنا بأن من يقوم بأعمال الشغب ليسوا من انصار المولودية، وانما أشخاص تجهل هويتهم يحضرون المباراة وهم في حالة متقدمة من السكر واللاوعي نتيجة تناول الخمور و المخدرات ويشرعون في الاعتداء على الاخرين وسرقتهم. وتبدأ الاحتفالات وعكس نهائي الموسم الماضي فإن الاهازيج لم تسبق المباراة بساعات بل فضل مناصرو الفريقين تخزين طاقاتهم لموعد المباراة، بدا "المسامعية" أكثر حماسا ورددوا شعارات جميلة ورسموا لوحات فنية جميلة، وانتظر أنصار المولودية اقتراب عقارب الساعة من الثالثة تماما وبإيحاء من المطرب الشاب توفيق الذي نزع قميصه وراح يصرخ بأعلى صوته "نوضوا يا مولودية نوضوا ".."لتلهب المدرجات من الجانبين مع نسوج فنية رائعة رسمها أعوان الحماية المدنية" وظل الأنصار يتجاوبون مع مجريات المباراة تارة، ويصنعون الفرجة دونهم تارة أخرى إلى غاية الدقيقة 58 حيث التهبت المدرجات وأصبحت "ملعبا للنار"، حيث تم إشعال المئات من "الفيميجان" دفعة واحدة أضفت جوا جميلا ودخانا كثيفا حجب الرؤية على البعض".. وبعد هدف حجاج تباينت الاحتفالات وسط صدمة أنصار الاتحاد وتجاوب كبير لأنصار المولودية، ولم يصدق "المسامعية" ما يحدث لهم وسط حالات إغماء وذهول كبيرين. وبمجرد إعلان الحكم نهاية المباراة غادر أنصار الاتحاد الملعب على الفور وفسحوا المجال لأنصار المولودية لإطلاق العنان لحناجرهم، قبل ان يرددوا شعارات تمجد الرئيس بوتفليقة حينما سلمهم الكأس، وتكون بالتالي ضربة انطلاقة لاحتفالات غير مسبوقة في شوارع العاصمة ستمتد طيلة هذا الأسبوع. يوسف بن محمد