بلبشير صفية، هذا الاسم مرشح لأن يتردد كثيرا اليوم بمناسبة ظهور نتائج البكالوريا، فقط لأن صاحبته تلميذة تحصلت على نتيجة ممتازة في امتحانات هذه السنة "الشروق اليومي" بحثت عنها في أحياء مدينة تلمسان إلى أن وصلت إليها فكان لنا معها هذا اللقاء الذي عبّرت من خلاله عن مدى فرحتها وسعادتها في كونها تحصلت على معدل ممتاز رغم أنها "غير راضية عنه"، إلا أن حلمها في أن تتحصل على أعلى معدل في الجزائر قد تحقق بفضل مثابرتها واجتهادها وأيضا عن تلك القدرات الخارقة التي تتمتع بها بشهادات أساتذتها الذين أكدوا على أنها تمتلك "هبة إلهية" وتتمتع بقدرة معرفية هائلة. وفي انتظار تحقيق حلمها الثاني في أن تصبح طبيبة مختصة في جراحة الأعصاب التقينا بها وطرحنا عليها أسئلة "سهلة" كتلك التي واجهتها يوم الامتحان. في البحث عن صفية لم يكن الوصول إلى إحدى المتفوقات بجدارة وامتياز من الأمور الميسرة إلينا، خاصة بعدما علمنا بأنها تلميذة تدرس بثانوية ميلود بومشرة المتواجدة بتلمسان، وكان لزاما علينا أن نحدد أولا تواجد هذه الثانوية وذلك ما دفعنا للسؤال عن المؤسسة التربوية التي تدرس بها التلميذة صفية المتحصلة على أعلى معدل في بكالوريا 2007، ثم عرفنا أن مكانها المتواجد بحي إمامة، لنتوجه اليها مباشرة بعد ذلك في جوّ ارتفعت درجة حرارته منذ الساعات الأولى من الصباح، لكن ارتفاع معدل التلميذة بلبشير صفية أنسانا الأجواء الحارة وجعلنا أكثر إصرارا لمقابلتها. بعد وصولنا إلى ثانوية ميلود بومشرى، طلبنا التحدث إلى مدير المؤسسة لنكتشف أن من تدير الثانوية هي امرأة تدعى السيدة عرباوي ستي التي استقبلتنا استقبالا حسنا مستفسرة في السياق ذاته عن السبب من وراء تواجدنا بالمؤسسة، أخبرناها بكل بساطة أننا نريد أن نعرف فقط أين تقطن التلميذة بلبشير صفية، وأننا نريد أن نتحدث إليها شخصيا، غير أننا تفاجأنا عندما علمنا بأن مديرة الثانوية تعلم بما نبحث عنه حيث راحت تحدثنا عن التلميذة وعن الصفات الأخلاقية التي تتميز بها وأنها فعلا "مفخرة للثانوية وتلمسانوالجزائر.."، حتى أنّ مديرة الثانوية أخبرتنا بأن التلميذة صفية غير راضية على المعدل الذي تحصلت عليه وهو 17.50 ... حاولنا معرفة في سياق حديثنا معها كيف وصلها الخبر فردت علينا أنها تلقت الخبر عن طريق أحد أساتذة بلبشير صفية وأنه هو الوحيد من يستطيع أن يسهل اتصال الجريدة بالتلميذة المتفوقة، ولم تمض إلا دقائق حتى دخل الأستاذ بن حليلم الذي لم يبخل علينا بأي شيء حيث دخل في اتصال مع التلميذة صفية بعدما حدثنا عن المستوى العالي الذي تتمتع به الطالبة ومقدرتها المعرفية الكبيرة في التحصيل العلمي، وهو ما أجمع عليه جميع الأساتذة الذين التقت بهم الشروق اليومي، معتبرين أن صفية تملك قدرات هائلة في تلقي العلم إلى درجة أنها لا تكتفي فقط بتقديم الإجابة عن الأسئلة بل تطعم إجابتها بما تمتلكه من رصيد ثقافي.. عائلة بسيطة أنجبت عبقرية انتظرنا زمنا من الوقت إلى أن جاءت صفية برفقة والدتها وشقيقتيها لتعم الأفراح داخل ثانوية بومشرى ميلود وتنطلق الزغاريد من حناجر الأستاذات اللواتي كن حاضرات، وتتحول الثانوية التي كانت أجواؤها صامتة عندما دخلناها إلى ثانوية صاخبة بأجوائها التي دفعت حتى الفضوليين لدخول الثانوية والمساهمة في أفراح المؤسسة التي صنعتها التلميذة "المفخرة"، كما يصفونها، في الوقت نفسه كنا نتحدث إلى أحد الأساتذة الذي درّس صفية والذي أخبرنا بأن بلبشير صفية قد حققت وعدها وبأنها ستتفوق على التلميذة عمراني نوال المتحصلة على أعلى معدل في ثانوية بومشرى في بكالوريا 2005 حيث تحصلت هذه الطالبة على 17.33. بدأنا بعد ذلك نراقب من بعيد أجواء الفرحة والسعادة التي كانت تخيم على ساحة الثانوية لنتوجه مباشرة بعد ذلك برفقة التلميذة المتفوقة بلبشير صفية التي بدت في كامل سعادتها ... صفية التي تحدثت طويلا معبرة عن مدى سعادتها وعن امتنانها الكبير لكل من ساعدها سواء من أفراد عائلتها أو من أساتذتها أو من زملاء الدراسة لم تتفاجأ من نجاحها في البكالوريا مرجعة عدم تفاجئها إلى كونها كانت متيقنة من تحقيق نتيجة مرضية وأن حلمها الأول أن تتحصل على أعلى معدل على المستوى الوطني، وأنها راضية على النتيجة التي تحصلت عليها، وعن الظروف التي مرت بها قبل وبعد الامتحان وهل أنها عانت من ضغوط نفسية، تحدثت صفية في هذا الشأن مؤكدة على أنها قامت بالتحضير للبكالوريا بشكل عادي منذ بداية السنة وأنها لم تكن مرتبكة أو قلقة ماعدا بعض "النرفزة"، في بعض الأحيان، تقول صفية، التي كانت تضايقها بشكل متقطع وماعدا ذلك لم تشعر بأي ارتباك مرجعة أسباب ذلك إلى الجو العائلي والمناخ الأسري الذي ساعدها في المنزل من قبل والدتها وجميع إخوتها وأخواتها. والدتها التي تحدثت إلى الشروق اليومي أكدت على أن ابنتها منذ طفولتها أيام الحضانة أثبتت تميزها وتفوقها ومنذ صغرها وهي تحرز نتائج إيجابية، فقد تحصلت على المرتبة الأولى في امتحانات التعليم الأساسي ولم تتحصل طوال مشوار دراستها سوى على نتيجة "إمتياز" صفية التي تنحدر من عائلة متوسطة الحال والدتها ماكثة في البيت، ووالدها تاجر، تعتبر الثانية في أفراد عائلتها بعد أختها الحائزة على شهادة البكالوريا في السنة الماضية وهي الآن تدرس في الجامعة اختصاص طب، بالإضافة إلى كونها تمتلك قدرات خارقة وذكاء حاد جعل - كما ذهب إلى ذلك أستاذها في الفلسفة - حضورها في الدروس أكثر من ضروري وأن غيابها كان دائما يترك فراغا كبيرا داخل القسم، وهي نفس الشهادة التي تقاسمها معه أستاذها في مادة التاريخ والجغرافيا بالرغم من كونها علمية التكوين أي أنها طالبة اختصاص علوم طبيعية وحياة، وقد أثبتت تفوقها هذا حتى في مسارها الدراسي، ومن بين الشهادات ما كشفت عنه مديرة المدرسة في واقعة حدثت بثانوية القور في إحدى المسابقات عندما قامت التلميذة بالتصحيح لأستاذ مادة الرياضيات خطأ كان قد وقع فيه وقد اعترف لها بخطئه أمام الحاضرين. مفخرة عمرها 17 سنة ..وما زال ما زال... بلبشير صفية التي لا يتجاوز عمرها 17 السنة احتارت في مادة الرياضيات أثناء الامتحان حيث وجدت صعوبة كبيرة في اختيار الموضوع الذي ستمتحن فيه، ليس في كون أن الأسئلة كانت صعبة ولكن لكونها كانت تعرف جميع الإجابات في جميع المواضيع، وتعترف للشروق أنها ضعيفة نوعا ما في مادة الإنجليزية وأنها كانت متخوفة من طبيعة الأسئلة التي سيتم طرحها في امتحان البكالوريا.. من بين ما تحلم به الطالبة بلبشير صفية هي أن تدرس طب الأعصاب، فأمنيتها في الحياة هي دراسة هذا الطب. وعن السبب من وراء هذه الأمنية ابتسمت ضاحكة وقالت "هكذا فقط ...لأنني أحب هذا الاختصاص لا أكثر ولا أقل... الجلوس إلى التلميذة صفية التي كانت برفقة أفراد عائلتها الأولى المتكونة من أمها وإخوتها والثانية المتكونة من أساتذتها الذين لم تسعهم الأرض فرحا وهم ينظرون إلى النتائج التي ما فتئت تحصدها الثانوية من سنة إلى أخرى، خاصة وأن ثانوية بومشرى ميلود تنجب مع نهاية كل موسم دراسي تلاميذ متفوقين ونجباء من أمثال عمراني نوال، رحبي جمال وأخيرا وليس آخرا "بلبشير صفية". عبد القادر بوشريف