نجم تمرد على وسامته، واستطاع شق طريقه وسط كبار النجوم بموهبة فريدة من نوعها، هو مكسيم خليل؛ الممثل السوري المشاغب، والنجم المعارض لنظام الرئيس الأسد، والمؤيد للثورة السورية، تحمل الكثير، ودفع ثمن تصريحاته ومواقفه السياسية والإنسانية التي كلفته البعد عن بلده الأم سوريا. ولأنه نجم وإنسان ذو طابع خاص، يختار أدواره بروح المسؤولية والشجاعة التي تميز شخصيته، لذلك يضعنا مع كل عمل جديد أمام شخصية تثير الاستفزاز الفني والإبداعي لديه، وحول مسلسله الجديد "أولاد آدم"، وفيلمه العالمي الجديد Strahinja (ستراهينجا)، وموقفه من الدراما السورية والمصرية كان ل"الشروق العربي" معه هذا الحوار. في البداية، حَدّثنا عن التحدي الجديد الذي انتهيت من تصويره مؤخرا، مسلسل "أولاد آدم"، الذي سيعرض في رمضان؟ المسلسل، دراميّ تراجيديّ اجتماعيّ، يعكس الواقع المعيشي الذي يعصف بالعائلات العربية، ويقدم لصراعات كبيرة وقصص واقعية في إطار دراميّ مشوّق جدا، وأعتبره تحديا بالنسبة إلي. ويسعدني أن أكون مع نخبة من النجوم، كماغي بو غصن، دانييلا رحمة، قيس الشيخ نجيب، ندى أبو فرحات، كارول عبود، رانيا عيسى وغيرهم، وهو من تأليف رامي كوسا وإخراج المخرج الليث حجو. ماذا عن دور مكسيم خليل؟ أقوم بدور شخصية "غسان" وتشكل ماغي بشخصية "القاضية ديما" ثنائيا معيا، بينما تتشارك الممثلة اللبنانية دانييلا رحمة عبر أدائها لشخصية "مايا" ثنائيةً أخرى مع الممثل السوري قيس الشيخ نجيب بدور "سعد"، حيث تدور أحداث مسلسل "أولاد آدم" حول هاتين الثنائيتين، اللتين: "تتقاطعان في حدثٍ مفصلي، تنعكس تداعياته على مصائر الشخصيات الأربعة، وتدفع أحداث العمل إلى الأمام، على نحوٍ مشوّق، كما أن سجن النساء سيكون له دور مهم بالمسلسل، كيف ولماذا.. هذا ما سيكشفه العمل". يتجه مكسيم نحو العالمية بمشاركته في مسلسل "إيدن-Eden " للمخرج الألماني دومينيك مول، أين وصل الاتفاق؟ وماذا تتنظر من هذا العمل؟ في البداية، يجب أن تعلم أن كل فنان عربي يطمح إلى المشاركة في أعمال عالمية لمزيد من الانتشار والتعلم واكتساب الخبرة والوصول إلى قاعدة أوسع من الجمهور، ومشاركتي في هذا المسلسل تجربة مهمة بالنسبة إلي كممثل، فهو عمل فني عالمي من إخراج الفرنسي الألماني دومينيك مول، وأنتجته شركة إنتاج ضخمة فرنسية ألمانية وهي شركة "أتلانتيك"، والمهم في تجربتي العالمية بهذا المسلسل ليس أنه عالمي، أو أجنبي، بل لأن الرسالة صداها أكبر عندما يتم التعبير عنها بعمل كبير، وخارج النطاق العربي. ماذا عن تفاصيل العمل؟ المسلسل تحدث عن أوضاع اللاجئين في العالم، ومنهم أوضاع السوريين، فهناك الكثير يدفعون ثمن المشاكل السياسية والظلم، وهذه الرسالة كانت من أحلامي تقديمها من خلال عمل فني، والمسلسل من المحتمل عرضه خلال أيام، ويشارك في بطولته ديامون بو عبود، وزوجتي سوسن ارشيد، وجلال الطويل، وممثلون فرنسيون ويونانيون وألمان. لن أعود إلى سوريا… والدراما السورية هي التي هجرتني! إلى جانب المسلسل، هناك فيلم Strahinja (ستراهينجا)، للمخرج الصربي ستيفان أرسينجيفيتش… الفيلم يحكي قصة شاب متطوع في الصليب الأحمر، كل هدفه في الحياة استعادة المرأة التي أحبها، وسيكون الفيلم بثلاث نسخ؛ واحدة باللغة الصربية، ونسختين بالفرنسية والعربية، والفيلم من النوع الاجتماعي الإنساني، وانتهيت من تصوير الفيلم، وهو في مرحلة المونتاج، وأتمنى الاستمرار في المشاركة في أعمال عالمية كهذه، وأبذل جهدي لتحقيق ذلك، لأن العالمية في رأيي حق مشروع لأي فنان، والفنان العربي لا ينقصه أي شيء ليكون عالميا سوى السعي لصنع الدور المميز مع وجوده في قلب الحدث، وبالنسبة إلي شاركت في أعمال عالمية بعدما شعرت بأن حلمي بات أكبر، وبعد الذي حققته في الوطن العربي من نجومية ليست بالشكل الكامل. وبوجهة نظري يصبح الممثل الطموح مختلفا عندما يبدأ البحث عن أحلام ليحققها، وعن أهداف يبدأ بخلقها من أماكن جديدة وبعيدة، ويسعى لفكرة المغامرة والتحدي، وأعتمد ذلك كأسلوب حياة. ألا ترى أنك هجرت الدراما السورية؟ يسكت قليلاً.. ويجيب: «هذا السؤال طويل جدا، وشرحه سيأخذ وقتاً»، ولكن، أختصر بأقل من سطر.. لم أهجر الدراما السورية، بل هي التي هجرتني! لماذا الهجران بينكما؟ قد يكون تعبير الهجرة غير دقيق، لكن في العموم لا يمكنني المشاركة في دراما لا تتحدّث عن الواقع في سوريا بكل صدق وأمانة. على المشاريع أن تقول الحقيقة كما هي، لا نقل وجهة نظر طرف واحد فقط. لكن، هل على الدراما أن تنقل الواقع كما هو؟ أنا أتحدّث هنا عن الدراما التي تعالج الواقع في سوريا. لذلك على تلك المشاريع أن تواجه الحقائق وما يُسمى بالعطل الحقيقي وتقدّمه للناس. فهل العتب موجود بين «الحبيبين»؟ لا أعتب على الدراما السورية، لأنني أصلاً لا أعيش في وطني! لو عرض عليك نصّ جيد، هل تعود إلى سوريا والدراما؟ لن أعود إلى سوريا ولا إلى المشاريع. لن أرجع إلى تلك الدراما التي تصوّر في بلدي. لن أعود إلا إذا استطعت قول ما أريد قوله في الدراما وغيرها. وما يمكنني قوله على الشاشات السورية. كيف ترى مصير سوريا في الفترة القادمة؟ الأمر أصبح معقدا جدا إلى درجة أن حكومات كثيرة لم تستطع أن تحدد ذلك، لأن سوريا حاليا أصبحت في نفق مظلم جدا، وأتمنى انتهاء الأزمة في أقرب وقت، وأن يعيش الشعب السوري في سلام، ويجب أن يقرر هو ذلك لنفسه بوقف العنف والدم وإلا يتم تهديده من المتطرفين وضربه من المتربصين. رفضت المشاركة مؤخرا بفيلم سينمائي مع محمد رمضان بمصر ما السبب؟ لم أرفض الظهور ولا أعرف شيئا عن هذا الفيلم.. بل أتمنى الظهور في عمل سينمائي مصري، وأنتظر عملاً جيداً ومهما، وهذا ليس سهلا، وقد عرض علي أكثر من عمل، لكنها أعمال لا تتيح لي الظهور الجيد لأول مرة في السينما المصرية، وأنتظر فكرة جديدة ونصا جيداً، وأتمنى العمل مع مخرج كبير. أنا من أضاف لمهند ولا أبحث عن وسام استحسان أو شهادة حسن سلوك تتقبل النقد؟ أتقبله إذا كان بشكل بناء وصادراً عن شخص متابع، وأنا لا أستطيع معرفة أذواق الناس وما يحبونه ويشاهدونه، لكن بعضهم لم يعد يميز بين الصواب والخطإ، وهنا لا أدعي أنني على صواب لكن الآراء التي تقال دون نظرة تحليلية عن معرفة وإدراك تكون فاشلة. لكونك زوج الممثلة سوسن أرشيد… كيف ترى العلاقة الزوجية في حال كان الشريكان من الوسط الفني؟ بالنسبة إلي، أرى هذه العلاقة جيدة، فهناك تفهم وتفاهم من الطرفين للمهنة، وهذا أمر مهم جدا… وهل يؤثر ذلك على تربية الأولاد؟ من غير شك، طبيعة مهنتنا تؤثر سلبا على الأولاد، فنحن غير موجودين في البيت بشكل دائم، ومرات كثيرة نغيب معا، والأولاد بطبعهم يحبون الالتقاء بأهلهم دائما. ولكن أهلنا يساعدوننا كثيراً في الاعتناء بهم وخاصة أهل سوسن. ألا تغار من نجاحات زوجتك؟ أبدا، فهي أنثى وأنا رجل، ونجاح المرأة مختلف عن نجاح الرجل على الصعيد الفني، وعلى العكس تماما أفرح كثيراً عندما تقدم عملاً مميزاً وأفتخر بها، وهي بالمقابل تفتخر بنجاحي. يصفونك بالغرور والتكبر، ما ردك؟ لست مغروراً أو متكبراً، مشكلتي فقط أنني صريح وما في قلبي على لساني، أما من يريد أن يراني مغروراً ومتكبراً فهذا قراره، ولا يعنيني، أنا تعنيني المادة التي أقدمها واقتناعي بها وجهدي عليها، كرامتي محفوظة، أعرف ماذا أريد، ومشروعي أنا كفنان أسير به قدر المستطاع، ولا أبحث عن وسام استحسان أو شهادة حسن سلوك. سنوات مرت على مسلسل مهند الذي يعتبر انطلاقتك القوية، من تظن أنه أضاف للآخر مهند لمكسيم أم العكس؟ أنا من أضاف لمهند، فقد قدمت للشخصية الصوت والانفعالات والأحاسيس التي وصلت إلى العالم، والناس أحبت هذه الانفعالات، الأمر الذي انعكس على الممثل التركي الذي حصد جماهيرية بالوطن العربي، فمنطقيا أنا الذي قدمت له وليس هو من قدم لي. بالنسبة إلى الناس أحبت الشخصية كاملة، وهي مشتركة بين شكل مهند وصوت وإحساس مكسيم، ولم يفكروا في مكسيم وكيفانش. بعض المسؤولين في الوطن العربي والقيمون على العمل قالوا لي أنت من «قدم مهند» للعرب، وأنا شخصيا لا أنزعج أبدا لأنني قدمت هذا العمل بإخلاص كأي عمل درامي… ونجاح العمل يسعدني ما يعني أن إحساسي وصوتي مؤثر. ملامحي لم تفدني أو تضرّ بي.. وأرى أن مهنة التمثيل تستحق منا التضحية والتنازل هل تشعر بأن وسامتك أصبحت عبئاً عليك لأنها حصرتك في أدوار معينة؟ ملامحي لم تفدني أو تضرّ بي، لأنها معيار غير أساسي، كما أنني مؤمن بأن الفنان المتميز والموهوب قادر على تجسيد مختلف الشخصيات. بعد مشوار فني استمر أكثر من 16 سنة، كيف ترى مكانتك الفنية الآن؟ الحمد لله، أشعر بالرضا عن خطواتي الفنية، لكنني أرى أن الجمهور هو الأكثر قدرة على تحديد مكانتي. ما الذي تغيّر في حياتك بعد تحقيقك الشهرة والنجومية؟ بعد تحقيق أي فنان الشهرة يخسر أشياء ويكسب أشياء أخرى، يظن أنها كثيرة، لكن في الحقيقة الخسارة تكون أكبر، ويكفي أنك لا تستمتع بحريتك دائماً. إلا أنني أرى دائماً أن مهنة التمثيل تستحق منا التضحية والتنازل. من مثلك الأعلى في التمثيل؟ ليس لديّ مثل أعلى معين، لكن حريص على الاستفادة من كل التجارب الفنية التي تُقدم، ومن المسيرة الفنية لكل فنان أو مخرج نجح في امتلاك شعبية ضخمة بموهبته واختياراته الفنية الناجحة. ما تقييمك لموضة الدراما الطويلة في العالم العربي؟ فيها تجارب ناجحة جدا واستطاعت أن تقضي على المواسم الفارغة في الدراما بعيدا عن رمضان، وأنا أشجعها وأتمنى العمل فيها دائما، شرط أن تكون القصة قوية وقادرة على اجتذاب الجمهور. بعد كل هذه النجاحات والأعمال.. هل تجد نفسك من الفنانين السوريين الذين نجحوا أمثال جمال سليمان وتيم حسن؟ النجاح لا أحدده أنا بل الجمهور الذي يتابع أمام الشاشة، لكن ما أستطيع إجابتك عنه، أنني لاحظت نجاحا من خلال محبة الناس لي في الشارع، وأتمنى أن يكبر هذا النجاح في أعمال أخرى تقدمني بصور مختلفة حالها حال الدراما السورية التي نجحت من خلالها وانطلقت إلى العربية.