لأول مرة منذ سنوات طويلة، يستقبل فريق بوريسيا دورتموند منافسيه على أرضية ملعب سينيال إيدينا بارك، من دون جمهور، وهو النادي الذي لا ينزل معدل دخول جماهيره عن ثمانين ألف متفرج، في المباريات العادية فما بالك عندما يواجه الغريم التاريخي فريق شالك، ولكن كورونا كان لها رأي آخر، حيث جعلت المواجهة من دون جمهور، وكان العالم بأسره ينتظر أصعب وأعقد مباراة في البوندسليغا ولكنهم أمس السبت انتظروا مباراة ثلاثية الأبعاد بين بوريسيا دورتموند الفريق المحلي وشالك الفريق الزائر، والمنافس الخطير جدا فيروس كورونا. يعتبر نادي شالك الفريق المعشوق من أدولف هتلر، ويتهم مناصروه لحد الآن السلطات الألمانية بعرقلة النادي الذي لا ذنب له سوى أنه كان محبوبا من الزعيم النازي، الذي ارتكب لأجل ناديه جرائم مرعبة عندما كان النادي يجد منافسة قوية على الدوري من بوريسيا دورتموند، حيث عمد إلى إعدام رئيس نادي بوريسيا دورتموند، واغتال أيضا خمسة من أحسن لاعبيه، حتى يُمكّن شالك من الفوز بالألقاب المحلية، حيث حصد شالك الذي تأسس عام 1904، أهم ألقابه في ثلاثينيات القرن الماضي، في عهد الزعيم النازي، وفي الغالب يتكون الطاقم الفني وغالبية لاعبي شالك من الألمان مع استثناءات قليلة جدا، كان من بينها نبيل بن طالب الذي لعب للفريق وحلّ معه على المركز الثاني وشارك في دور المجموعات من رابطة أبطال أوروبا وتأهل للدور ثمن النهائي، قبل أن يقصى أمام مانشستر سيتي حيث سجل بن طالب هدفين من ضربتي جزاء، بينما لم يحدث أن لعب أي جزائري لفريق بوريسيا دورتموند، مع الإشارة إلى أن نبيل بن طالب قدم إلى شالك من توتنهام قبل أن ينتقل من شالك إلى نيوكاستل. ومازال الدوري الألماني مستعصيا على الجزائريين، وحاليا لا نجد فيه سوى لاعب بوريسيا مونشنغلادباخ، رامي بن سبعيني، ولاعب هوفنهايم إسحاق بلفوضيل، وكل اللاعبين المحليين الذين انتقلوا إلى ألمانيا لعبوا لأندية صغيرة من الدرجات السفلى مثل دهام وماتام وعودية، ويعتبر كريم مطمور أشهر من لعب في ألمانيا، التي تنقل إليها وهو في سن العشرين، ولعب مع فرايبورغ، قبل تنقله إلى بوريسيا مونشنغلادباخ مقابل مليوني يورو، حيث لعب مع النادي 66 مباراة، وسجل فيها أربعة أهداف، وهو نفس عدد الأهداف التي سجلها المدافع رامي بن سبعيني في جزء من موسم واحد، كما لعب كريم مطمور في فرانكفورت، ولعب بطل أم درمان عنتر يحيى لأعرق ناد في العالم، بوخوم، لمدة خمس سنوات، 119 مباراة كاملة، سجل فيها سبعة أهداف، وأنهاها بشارة القيادة، ولحقه لموسم واحد مع نادي فولفسبورغ صهره كريم زياني، الذي غادر بسرعة الدوري الألماني، عكس شاذلي العمري الذي أمضى ست سنوات في ألمانيا بين ماينز وكايزر سلاوترن، ولكن انتقال نبيل بن طالب، في سن ال 22 إلى الدوري الألماني اعتبر حدثا مهما بسبب قوة وعراقة الفريق الذي قدم منه وهو توتنهام. كثيرون شكروا ألمانيا لأنها البد الأول الذي تحدى الفيروس من خلال إعادة اللعبة للجماهير، كمرحلة أولى، ولو عن بعد، وحتى في غياب الجماهير حاول الألمان إعطاء مباراة شالك وبوريسيا دورتموند التي كان موعدها أمس السبت زخما واهتماما كبيرا، ووجد التلفزيون الألماني نفسه مجبر طوال أيام قليلة على إعادة المباريات القديمة بين الفريقين والخوض في تاريخ أهم داربي في العالم، الذي كان معجونا بالعنف والموت في زمن هتلر، وحافظ على سخونته حتى ولو لُعب في زمن كورونا. الذين اعتبروا كورونا أخطر من الحرب العالمية الثانية لم يخطئوا، فالداربي الكبير بين بوريسيا دورتموند وشالك لم تمنع الحرب حضور الجماهير لتتبع معركته، بينما منعت كورونا التي أجلت الداربي لأكثر من شهرين، الحضور الجماهيري، وسجنتم في بيوتهم وهم يتحسرون على داربي كانوا ينتظرونه طوال السنة، ليمرّ من دون حماس جماهيري، وقد بلغ سعر التذكرة في سنوات ماضية قرابة 1000 دولار، أي حوالي 20 مليون سنتيم بالعملة الجزائرية، لكن يبقى العزاء الوحيد، هو أن الألمان وعدوا بعودة الداربي الموسم القادم بزخمه الجماهيري وحماسه الفياض. ب.ع