تشهد مراكز البريد اكتظاظا حادا بالمواطنين وأزمة سيولة خانقة بولايات الوسط ممثلة في الجزائر العاصمة وتيبازة والبليدة وبومرداس، حيث يعجز المواطنون عن الحصول على مدخراتهم والمتقاعدون عن سحب معاشاتهم منذ أزيد من أسبوع وسط فوضى خانقة ومشادات مع موظفي المراكز الذين يشتكون من انعدام السيولة. ويضطر المواطنون للتنقل إلى مكاتب البريد عدة مرات للحصول على معاشاتهم أو سحب رواتبهم وسط أزمة سيولة نقدية حادة ألقت بظلالها على جل مراكز البريد بولايات الوسط، خاصة الولايات الأكثر تضررا من وباء كورونا على غرار الجزائر العاصمة والبليدة، وتشتكي مراكز البريد من عدم تزويدها بالسيولة المالية اللازمة، وتؤكد أن كافة الأموال التي تتحصل عليها القباضات يتم سحبها في الساعات الأولى لليوم، في حين يتم تسريح بقية الطوابير بعبارة "عودوا غدا ربما تجدون سيولة كافية". ويؤكد مصدر من قطاع البنوك ل"الشروق" أن أزمة السيولة خلال الأيام الأخيرة لم تمس مؤسسة بريد الجزائر وإنما كافة القنوات الرسمية على غرار البريد والبنوك والتأمينات، وهذا بسبب تهافت المواطنين على سحب أموالهم خلال فترة كورونا، مقابل تراجع كبير جدا في نسبة الإيداع، حيث يرفض الكثير من المواطنين والتجار ورجال الأعمال ادخار أموالهم بالقنوات الرسمية ويفضلون اكتنازها كسيولة ملموسة بالمنازل، في وقت لجأ عدد كبير من المواطنين لسحب أموالهم لتدبر مصاريف الجائحة، مع العلم أن الأغلبية الكبرى توقف نشاطهم خلال هذه الفترة وهو ما أوقف عملية ضخ الأجور وفاقم من حدة الوضع، فنسبة الإيداع تراجعت بما يصل 80 بالمائة وفقا لنفس المصدر، في حين أن نسبة سحب الأموال تضاعفت بشكل كبير. وحسب المصدر، فإن الأزمة وإن كانت ترتبط بفترة الحجر الصحي وتوقف النشاط الاقتصادي على مستوى كافة القطاعات بداية من شهر مارس الماضي، فإنها تحمل في طياتها أيضا انعكاسات حالة الجمود التي كانت تشهدها النشاطات الاقتصادية سنة 2019، فلا مشاريع اقتصادية جديدة، ولا استثمارات بالعملة الصعبة، ولا قروض بنكية، ولا مؤسسات جديدة، وهو ما فاقم من حدة الوضع اليوم، وجعل الأزمة تدخل سنتها الثانية، متوقعا أن تنفرج الأمور بمجرد عودة النشاط الاقتصادي لسابق عهده وتحسن الأوضاع. وبالمقابل، أعلنت مؤسسة بريد الجزائر عن اتخاذ إجراءات استثنائية لضمان السيولة النقدية خلال شهر رمضان المنصرم، وكشفت عن حصيلة إيجابية خلال تلك الفترة، حيث بلغ إجمالي عدد المعاملات أي جميع المعاملات المالية بكل أنواعها 86 مليون معاملة بمتوسط 3,4 مليون معاملة في اليوم وبذروة 6,2 مليون معاملة. وبلغ إجمالي عمليات السحب حوالي 340.7 مليار دينار بمتوسط يومي عادل 10.9 مليار دينار وسجلت ذروة 28 مليار دينار خلال يوم واحد، كما أن عمليات سحب الأموال المسجلة عبر الشبابيك الآلية التابعة لبريد الجزائر مثلت 28 بالمائة من إجمالي عمليات السحب، مقابل 22 بالمائة مسجلة خلال السنوات الماضية.