كشفت الأرقام الأخيرة عن جائحة فيروس كورونا المستجد والتي تجاوزت ال300 حالة في يوم واحد، عن الحاجة إلى إرساء ثقافة التعايش مع هذا الفيروس الخبيث، وذلك من خلال التطبيق الصارم لإجراءات الوقاية. وعلى الرغم من المخاطر الصحية التي يسببها هذا الفيروس لضحاياه وللمجتمع وللإقتصاد.. إلا أن الجزائريين لم يرتقوا بعد إلى مستوى التعايش مع هذه الجائحة الفيروسية، بدليل ارتفاع عدد المصابين منذ الرفع الجزئي للحجر الصحي على بعض الولايات وإنهائه تماما على ولايات أخرى، حيث تجاوز عدد المصابين الجدد كل الأرقام التي سجلت قبل أزيد من ثلاثة أشهر، في الأيام القليلة الأخيرة. وتتجه الدول التي تضررت من فيروس كورونا، إلى إرساء ثقافة التعايش مع الفيروس من خلال التقيد الصارم بإجراءات الوقاية، بعد أن اقتنعت بناء على دراسات علمية، بأن الجائحة الفيروسية لا يمكن القضاء عليها في القريب العاجل. وجاء بيان اجتماع مجلس الوزراء المنعقد أول أمس، ليؤكد على تكريس هذا التوجه، الذي بدأ يأخذ منحى العالمية، فالرئيس عبد المجيد تبون، شدد على ضرورة تشديد العقوبات على المخالفين لإجراءات الوقاية المحددة من قبل الجهات المختصة، وهي محاولة لترسيخ قناعة مفادها أن الدولة لا يمكنها الاستمرار في إجراءات الحجر الصحي، لأن تداعياته وخيمة على الاقتصاد الوطني. وفي هذا الصدد، أوردت وكالة الأنباء الألمانية (د أ ب) دراسة تؤكد بأن الحل في التعاطي مع هذه الجائحة الفيروسية، يكمن في حتمية التعايش معه، مع التزام أقصى درجات الوقاية. ونقلت الوكالة تقريرا أعده العالمان الأمريكيان الدكتور اميتاي إيتزيوني، أستاذ الشؤون الدولية بجامعة جورج واشنطن، والدكتورة روث ب. إيتزيوني، عالمة الإحصاء الحيوي بمركز فريد هاتشنسون لمكافحة السرطان، نشرته مجلة "ذا ناشونال أنتريست" الأمريكية، جاء فيه "الناس يحلمون أنهم بمجرد أن يتم تطعيمهم ويصبحون محصنين، سيستطيعون مرة أخرى الانطلاق مع غيرهم من آلاف الأشخاص لتشجيع فريقهم الكروي، ودعوة أكبر عدد يريدونه من الناس لحضور حفلات الزفاف وغيرها". وأفاد التقرير أن بيل غيتس يقول إنه حتى "إذا تمكنت أفضل علاجاتنا من خفض حالات الوفاة بأقل من 95 في المائة، سنظل في حاجة إلى اللقاح قبل أن نعود إلى حياتنا الطبيعية"، فيما يتوقع الدكتور أنتوني فوشي، خبير المناعة والأمراض المعدية، أنه "بحلول عام 2021، نأمل أن تتوفر لدينا 200 مليون جرعة". ويعتقد الكثير من المختصين أنه "حتى إذا ثبت أن اللقاح (الذي يجري الحديث عنه) فعال وآمن، سوف يستغرق الأمر وقتا طويلا قبل إنتاجه بكميات كبيرة، واستخدامه بسبب التحديات التي يمثلها إنتاج المليارات من اللقاحات. ويؤكد العالمان أن الخبراء الطبيين يتوقعون أنه "لن يكون هناك لقاح كاف لعدة سنوات على الأقل بكل تأكيد تقريبا، حتى في ظل الجهد غير المسبوق لإنتاج مليارات الجرعات. ومن المحتمل أنه ستكون هناك حاجة إلى تطعيم حوالي 70 بالمائة من سكان العالم، أو 5.6 مليار شخص لبدء تكوين مناعة القطيع وإبطاء انتشار الفيروس". وتؤشر هذه الدراسة على أن اللقاحات ومهما كانت فعاليتها، إلا أن أجل تعميمها يبقى بعيدا، وفي انتظار ذلك، لا مفر من التعايش مع الجائحة الفيروسية، كغيرها من الأمراض المعدية، وهذا يتطلب حسا عاليا من الوقاية.