يعرف سوق مواد التجميل في الجزائر، وخاصة في أسواق الجملة بولاية سطيف، تراجعا كبيرا بسبب الكمامة التي غزت وجوه النساء وأصبحت حاجزا يحجب زينة المرأة، فاختفى ما كان يظهر منها من ألوان مصنعة ولم يعد لتلك المساحيق أي دور في تحسين صورة الوجه الأنثوي. هذا النوع من التجارة تراجع في الجزائر ليس فقط بسبب الركود الاقتصادي وتدهور القدرة الشرائية للمواطن، بل الأمر يتعلق خاصة بعزوف المرأة عن استعمال مواد التجميل التي لم تعد ضرورية وفق ما تقتضيه إجراءات الوقاية التي فرضها وباء كوفيد 19، كما أن تأجيل الأعراس التي تستهلك الكثير من الماكياج زاد من كساد السوق، وبعبارة أخرى المرأة الجزائرية لم تعد تتزين مثلما كانت في السابق لأن عليها ارتداء الكمامة التي تخفي جزء كبيرا من وجهها فلم تعد بحاجة لوضع مختلف المساحيق لإخفاء العيوب وإظهار الزينة، لأن كل شيء سيغطى بالكمامة التي أضحت إجبارية في الشوارع والمحلات التجارية والإدارات ومختلف الأماكن العمومية. وهنا يقول رؤوف وهو بائع لمواد التجميل بولاية سطيف: "إن القطاع يعرف تدهورا كبيرا وتجارة مواد التجميل تراجعت بنسبة حوالي 50 بالمائة فقد أصبحنا نبيع نصف ما كنا نبيع قبل الوباء، وإقبال النسوة على الماكياج أضحى محتشما للغاية والأزمة مست خاصة أحمر الشفاه الذي لم يعد يغري النساء والفتيات بصفة خاصة، حيث اعتادت هذه الفئة على استعماله بقوة في فصلي الربيع والصيف وتأخذه العرائس ضمن متاعهن، لكن في هذه الفترة الركود مسّ حتى أحمر الشفاه الذي لا يتجاوز سعره 200 دج، فرغم ثمنه الزهيد إلا أن تجارته أضحت ثقيلة جدا والإقبال عليه محدود، وأما أحمر الشفاه الغالي الثمن والذي يصل الى مبلغ 2000 دج فقد دخل مرحلة التكدس واقتراب نهاية صلاحيته، والسؤال عنه لم يعد من اهتمامات المرأة". المعلوم أن هذه المساحيق تصنف كمواد استهلاكية التي لها جمهورها الواسع وسط النساء سواء تعلق الأمر بالقاصرات أو الشابات أو الكبيرات في السن، ومواد التجميل تجدها في شنطة كل امرأة سواء كانت متزوجة أو مطلقة أو عاملة بل تجدها أيضا في محفظة الجامعيات وتلميذات الطور الثانوي وحتى المتوسط، كما تجدها أيضا عند الطاعنات في السن المهتمات بمظهرهن والرافضات للتجاعيد وما ألحق بهن الدهر. فالملاحظ أن المرأة في الجزائر لا تكاد تستغني عن مواد التجميل وتستعملها بكثرة عند الخروج من المنزل في ظاهرة انقلبت فيها الموازين بالنسبة للمرأة المتزوجة التي لم تعد تتزين لزوجها بقدر ما تتزين عند مغادرة بيتها، فلكل امرأة مرآة تعشقها وتلازمها يوميا قبل الخروج لوضع الأحمر والأخضر وما يخفي العيوب. وأما بالنسبة للفتيات فالعملية تتطلب وقتا أطول واهتمام اكبر لان زينتهن أضحت مرتبطة بتلك المساحيق والمواد السحرية، لكن كل هذه الطقوس تراجعت وقضت عليها الكمامة وأزاحتها من الميدان بالضربة القاضية. فمساحيق الوجه والمراهم وكل ما يوضع على الخدود والشوارب لم يعد ضروري في الوقت الحالي، بينما لازالت مساحيق العيون محافظة على مكانتها فالمرأة لم تبق لها سوى العين لإظهار جمالها وجلب الانتباه وبالتالي فإن ملون الجفون والعدسات وموضب الرموش مثل "الايلنير" و"الريسيل" ومشتقاتهما كلها مواد لازالت تشكل المنقذ الوحيد والدرع الواقي للمرأة لتحفظ جمال ما تبقى من الوجه. وبهذه الوضعية تكون النساء المدمنات على الماكياج من أكثر المتضررات من الكمامة التي أخفت ثلاثة أرباع جمال المرأة فانحصرت صورتها الجمالية في العينين، ولذلك فهي تتمنى أن يتم رفع التعليمة المتعلقة بإلزامية الكمامة في الأماكن العمومية لأن أغلبية الذهنيات – للأسف – ترى أن الماكياج ولوحات بيكاسو تكون في الشارع وليس في البيوت.