طرائف البخلاء لا تقتصر على الجاحظ وجحا، بل تزخر يومياتنا بهذا الصنف المنبوذ من الناس... الشح عقيدتهم، والتقتير ديدنهم، والادخار فلسفة تغنيهم عن البذخ والإسراف... الشروق العربي تروي قصصا طريفة وأخرى أقل طرافة عن بخلاء الجزائر في 2020. تضحكنا كثيرا قصص البخل التي نسمعها هنا وهناك، ولكن رغم طرافتها إلا أن تأثيرها الاجتماعي يبكي أكثر مما يضحك... فالمرأة البخيلة تدمر أسرتها وتفسد زواجها، أما الرجل البخيل فحدث ولا حرج، خاصة إن كانت زوجته لا تعول نفسها، فضلا عن حال الأولاد. يشكو الكثير من الشباب خاصة، من بخل أحد أصدقائهم الذي يستعمل حيلة السروال القديمة، التي يتحجج بها كي لا يدفع، "نسيت نقودي في السروال الآخر".. هي جملة سمعناها جميعا في يوم من الأيام... ونسيت ماجبتش الدراهم... فؤاد، يروي أن صديقه البخيل يتعمد عدم التقدم أولا لدفع المشروبات في المقهى، ويتعمد الرجوع إلى الخلف بحجة أنه يتكلم في الهاتف... البخيل أيضا يبحث عن الصفقات المربحة، لكنه لا يدفع شيئا في المقابل... ولكن قبل الخوض في قصص أخرى، علينا أن نفرق بين مصطلحين هما البخل والشح. فالبخيل لا يعطي، ولكن الشحيح يبخل حتى على نفسه، وهي حالة من البخل أقرب إلى المرض النفسي. الصنف زوج والمهنة بخيل تقول سامية إن أكبر بخيل عرفته هو زوجها السابق، الذي لا يصرف على بيته أي فلس. وتضيف: "لقد وصل بي الأمر أنني أكلت الخبز المبلل بالماء وأنا صائمة". وهي هكذا تصور الزوج البخيل على عائلته، بينما يشوي اللحم ويأكل "الديسير"، كما تقول إن تعلق الأمر بشخصه. السيدة حورية تقول إن زوجها رغم حسن عشرته بخيل جدا، إلى درجة أنه لا ينفق إلا القليل عليها وعلى أولادها ويعتمد شراء الخضروات والفواكه الرخيصة جدا، رغم أنه تاجر ميسور الحال، وتضيف: "لا يلبس إلا سروالا واحدا وقميصا واحدا ولا يشتري الحذاء إلا بعد أن يتمزق إربا إربا". الخطيب ليوم الضيق تحكي ميساء عن تجربتها مع خطيبها البخيل، فتخبرنا أنه دعاها إلى الخروج لشراء بعض حاجيات العرس، وألح عليها أن تأتي قبل وجبة الغداء، فظنت أنه يدعوها إلى أحد المطاعم، غير أنه دخل إلى أحد المقاهي وخرج وهو يمسح فمه المليء بفتات الخبز... ثم أوصلها إلى البيت بعدها... وانتهت القصة بفسخ الخطوبة.. فما أوله فتات آخره شتات. أما سارة، فتكمل في بخل الخطاب، وتروي أن أحدهم خطبها فكلمته في الهاتف لتتعرف عليه أكثر، فقال لها: بعد سلسلة طويلة من الشكاوى عن حال الدنيا وغلائها، إن أمه فرضت عليه غرامة كبيرة جدا بعد أن طلبت منه أن يحضر لها كيلو من الموز لتأخذه في زيارة إلى مريض... ما أوله موز آخره عوز. وآخر قصة بخل روتها شاكية باكية إحدى المتدخلات في صفحة فايسبوكية، عن خطيبها الذي أخبرها أنه لا يملك ثمن شراء المهيبة، بسبب أزمة كورونا، لكن الأدهى أن المعني بالأمر مجوهراتي. يبدو أننا سنورد كتابا خاصا، بعنوان فصل الخِطاب في بخل الخُطاب.. وفي أحد فصوله قصة شاب وسيم خطب فتاة فأراد أن يختال فدعاها هي وصديقاتها إلى الغداء، غير أنه في نهاية الوجبة تفاجأ بغلاء الفاتورة التي وصلت إلى مليون ونصف مليون سنتيم، فادعى أنه سيغسل يديه ثم هرب من الباب الضيق، ولم يظهر له أي أثر بعدها. والغريب، أن الفتاة لم يكن لديها مال كاف، فأخبرت والدها الذي أسرع لإنقاذها، وفسخ الخطوبة مع الخطيب الهارب بعد أن انهال عليه ضربا... ما أوله هرب آخره ضرب. ربات بيوت مقترات من قصص البخل الطريفة، حكاية ربة بيت ترويها إحدى الجارات عنها، فتقول إنه في مرة من المرات، أرسلت ولدها ليشتري كراسا من المكتبة أو الوراقة، فعاد تنقصه خمسة دنانير، فأقامت الدنيا عليه ولم تقعدها، وأجبرت زوجها على أن يذهب لإحضار خمسة الدنانير... وقصة أخرى، ترويها أخت عن أخيها البخيل، الذي عندما قررت النزول عنده في الصيف للاستجمام لأنه يقطن في وهران وهي في منطقة داخلية، أجبرها على أن تدفع ثمن الغداء والعشاء وحتى فطور الصباح من مالها، بدافع أنه ماعندوش الصرف، وحتى ثمن البنزين والقهوة والسكر.. فعادت مسرعة إلى البيت على ألا تعود ثانية إلى بيت المشحاح ولو كان أخا مباح. وفي هذا السياق، تشتكي الكثير من عائلات الساحل شح أفراد عائلاتهم الذين يأتون للتصيف عندهم دون أن يدفعوا سنتما واحدا، فتحرج هذه العائلات أمام بخل ضيوفهم. قصص كثيرة سمعتها هنا وهناك، عن بخيلات هذه المرة، فإحداهن تقول: صديقتها لا تشتري السندويتش إلا بعد السؤال عن السعر، ورغم أنها إطار في شركة، إلا أنها تتشاجر مع بائع الساندويتشات إذا كان الفرق بينه وبين آخر عشرة دنانير فقط. وزميلة أخرى ترسلها زميلاتها لشراء الغداء، ويدفعن لها ثمن غدائها بجملة "وانت اشتري واش حبيتي"، فتشتري لهن ما يردن وتشري لنفسها من نقودهن طبعا أغلى الأطباق"... وأخرى "لاباس بيها" حسب زميلاتها، لكنها تضرب "القارنطيطا" فقط عند الغداء... ولكم مني قصص أخرى إن كان في الجيب بقية.